خبر المعركة الاخيرة- معاريف

الساعة 10:10 ص|09 فبراير 2014

المعركة الاخيرة- معاريف

بقلم: نداف ايال

(المضمون: في الوقت الذي يتعزز فيه الجهاديون في سوريا كجيش حقيقي، حتى جون كيري يعترف بان الاستراتيجية الامريكية انهارت ويحتمل ان تكون حاجة الى العمل بوسائل حربية اكثر مما بمحاولات عقيمة للسلام - المصدر).

 

النبأ الأهم الذي نشر هذا الأسبوع تناول ربما حديثا مغلقا في تلة الكابيتول. لم تكن هناك كاميرات ولا مراسلين. وزير الخارجية الامريكي وبعض النواب الامريكيين فقط. وقد عني الحديث بسوريا وبالسياسة الامريكية من الحرب الاهلية هناك.

 

رسميا، لا تروي وزارة الخارجية الامريكية ما الذي قاله كيري بالضبط. ولكن السياسيين في واشنطن متحمسون للحديث مع وسائل الاعلام عن مثل هذه الاستعراضات المغلقة مثل السياسيين الاسرائيليين تقريبا وما رواه السيناتوريون المحترمون كان مشوقا؛ اكثر تشويقا من المحاولات الامريكية لتحقيق توافقات بين الاسرائيليين

 

والفلسطينيين، وموجة الشتم والسب بل وحتى الافلام المثيرة للشفقة التي يتعرض لها جون كيري بسبب محاولاته تحقيق تسوية.

 

حسب تقارير السيناتوريين، قال وزير الخارجية الامريكي ان أمريكا فشلت في سوريا. وان هذا الفشل هو فشل خطير؛ فالاستراتيجية بأسرها انهارت، ومطلوب الان خطوة عنيفة وأكثر تصميما بكثير؛ وانه ربما يتعين على امريكا أن تكون أكثر تدخلا في الحرب وأقل في المحاولات المتعثرة لتحقيق تسوية سلمية. هذه اقتباسات مذهلة جدا ولكنها مجرد البداية فقط. وذلك لان كيري اعترف في هذا الحديث، ظاهرا بالطبع، بان السوريين لا يلتزمون بالجدول الزمني لتسليم السلاح الكيميائي لديهم – الطفل المدلل لادارة اوباما والروس. وعلى ذكر الروس، فقد اعترف وزير الخارجية الامريكي بانهم صعدوا وتيرة ارسالياتهم للسلاح لنظام الاسد. المفاجىء هنا بالطبع ليست الاقتباسات نفسها بل الاعتراف الذي ترمز اليه وامام الكونغرس نفسه. كيري بالاجمال يعترف هنا بالواقع. الازمة السورية تحولت الى حرب من خلال المبعوثين – ايران وروسيا من جهة، السعودية والغرب من جهة اخرى. باستثناء ان الغرب غير مستعد لان يسفك الدماء او يضحي بجنوده من اجل السوريين (مثلما يفعل الايرانيون)، بل ولا يرغب في ان يغرق سوريا بالسلاح مثلما يفعل الروس. سياسة عدم التدخل هذه أو في اقصى الاحوال توريد السلاح الخفيف للثوار بكميات محدودة، تتفجر الان تماما. ماذا حصل؟ لم يرغب الامريكيون في أن يتسلم سلاحهم، الذي يعطونه للثوار (الاخيار) الى القاعدة، النصرة وباقي الجماعات المتزمتة التي تغرق سوريا. وبالتالي فقد قدموا السلاح بتقنين، هذا اذا كانوا قدموه، وبشكل عام حاولوا ان يكونوا متدخلين باقل قدر ممكن في الحرب نفسها. ولكن بينما تعتبر القاعدة وامثالها بالنسبة للامريكيين منبوذين ففي نظر السعوديين وبعض دول الخليج هم استعماليون. فهذه الجماعات لا تتمتع فقط بتوريد للسلاح برعاية مؤيدين أغنياء، اسلاميين ومتطرفين بل وايضا من تيار لا يتوقف من متطوعي الجهاد ممن يصلون من كل العالم للانضمام الى الحق الكبير للمشاركة في الجهاد ضد الشيعة. وهكذا بينما يذوي الثوار العلمانيون، تتسع اسرة الجهاديين فقط. وبتقدير الاستخبارات الامريكية، يدور الحديث عن نحو 30 الف مقاتل جهادي. وقد بات هذا جيش صغير. ماذا قال كيري عن هذا؟ قال ان السياسة الامريكية في سوريا لم تعد تنبع من الرغبة في تغيير الاسد. فقصة الاسد، بتعبير آخر لم تعد البؤرة. البؤرة هي خلق تحالف سوري داخلي يضرب القاعدة ويمكنه أن يصد صعود قوى خطيرة تهدد الولايات المتحدة وحلفائها. المصلحة الامريكية الاساس في الحرب هي بالقمع الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه، اعتبارات التدخل الانساني، والتخوف من ان ينتقل النزاع الى ما وراء حدود سوريا ويحدث ضعضعة للاستقرار الاقليمي. العنصر الاخير بات هنا: فالتواجد الواسع للاسلاميين في سوريا كفيل بان يؤدي بالضبط الى العنصر الأخير – عدم الاستقرار. فضلا عن ذلك، فان صعود قوى القاعدة بمعدلات كفيلة بان تورط ادارة اوباما بشكل عميق، سياسيا ايضا. هذا بالطبع يرتبط بالشهادة التي قدمها كبار رجالات اسرة الاستخبارات الامريكية للكونغرس الاسبوع الماضي. فقد قالوا، وهذا اقتباس، "القاعدة تفكر بهجوم على الوطن"، في ظل استخدام سوريا كقاعدة. في امريكا بعد 11 ايلول، هذا تعبير لا رجعة منه. فهو يلزم الادارة بالعمل والا فانها كفيلة بان تتهم بغض نظر اجرامي.

 

ويدعي السيناتوريون بان كيري تحدث عن تسليح الثوار "الاخيار" انطلاقا من الميل لايقاع الهزيمة بالقاعدة. اما الناطق بلسان كيري فينفي؛ هذه النقطة الوحيدة التي ينفيها حقا.

 

الورطة حتى أوسع بكثير. لنفترض ان الرئيس اوباما يقرر ضرب الثوار الجهاديين؛ لنفترض هجوم جوي للامريكيين على قواعد القاعدة. فهو عمليا يساعد في ذلك مساعدة مباشرة بشار الاسد، حزب الله وطهران. على مثل هذا العمل ان يترافق ومعالجة وتعزيز مكثف لقوات الثوار العلمانيين ضد الاسد. فضلا عن ذلك فان الفظائع

 

التي يرتكبها نظام الاسد تبرر ردا بحد ذاته، ولكن الادارة الامريكية ملتزمة منذ الان بتسوية نزع السلاح الكيميائي السوري – التي تجري بكسل شديد. اذا ما صعد الامريكيون دعمهم للثوار (الاخيار) او هاجموا مباشرة النظام السوري، مفهوم ان كل عملية نزع السلاح الكيميائي من سوريا ستتوقف. ولهذا فان السوريين يفهمون بان اجراء نزع السلاح بحد ذاته يشكل بالنسبة لهم مظلة حماية جيدة وناجعة، يمكنهم في اثنائها ان يفعلوا كل شيء – بما في ذلك ارتكاب اوسع لفظائع وجرائم ضد الانسانية – وذلك لان واشنطن لن ترغب في العمل قبل ان تستكمل استراتيجية اخراج السلاح الكيميائي من سوريا. الشرك المزدوج لواشنطن شال حقا، وثمة فقط سبيل واحد لتحطيمه – الشروع في سياسة عنيفة من التدخل في الازمة السورية، بما في ذلك تفعيل منطقة حظر جوي والى ما ذلك من الخطوات العسكرية الكفيلة بجر ادارة اوباما الى داخل الحرب. من جهة اخرى، فان عدم قيام الادارة باي عمل ينمي بحد ذاته سلسلة من الخطوات التي تجتاز تصعيدا كلما مر الوقت. وعدم العمل لم يعد خيارا قابلا للحياة.