خبر واذا فشل كيري -هآرتس

الساعة 10:00 ص|03 فبراير 2014

بقلم: دانييل ابراهام

(المضمون: إن كيري سيكون آخر المبعوثين الامريكيين لحل الصراع فاذا فشلت بعثته فلتتوقع اسرائيل واقعا أقسى وأشد مما عرفت وتعرف - المصدر).

 

أخذت بعثة سلام وزير الخارجية الامريكي جون كيري تقترب من ساعة الحسم، لكن الجمهور الاسرائيلي بقي غير مكترث. فقد جرب على مر السنين مبعوثي سلام امريكيين جاءوا متحمسين ونكصوا على أعقابهم يائسين. ورتابة التفكير تفضي بكثيرين الى اعتقاد أنه سيأتي بعد كيري ايضا، كما حدث في الماضي، مبعوثون امريكيون آخرون يجربون حظهم. لكن هذا خطأ. لأنه يبدو أن كيري في الأمد المنظور هو آخر مبعوث امريكي يحاول تحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين.

 

تُبين لي السنين الطويلة التي كنت مشاركا فيها في مسيرة السلام أن مفترق الحسم الذي تقترب اسرائيل اليه لا يشبه مفترقات قرار سابقة. فالحديث في هذه المرة عن خط فاصل ستواجه اسرائيل بعده واقعا مختلفا تماما – واقعا أقسى تحكمه قوانين لعب أقل رفاه مما تعرفه اليوم. إذا فشلت بعثة كيري فستفقد اسرائيل الفرصة التاريخية التي تُمكنها من أن تحرز اليوم اتفاقا هو الافضل بالنسبة اليها، وستضطر في المستقبل الى

 

التسليم بتسوية سيئة تفرض عليها أو الى العيش بلا تسوية والى أن تفقد صبغتها اليهودية والديمقراطية.

 

اذا فشلت جولة المحادثات الحالية فستنفض الولايات المتحدة كما يبدو يدها من محاولات اخرى، وستملأ الفراغ جهات اخرى كمجلس الامن مثلا. وليس عند هذه الجهات بخلاف الولايات المتحدة حب كبير لاسرائيل. ولن تحظى المصالح الاسرائيلية بانتباه مؤيد كالذي يتم التعبير عنه حينما تصرف واشنطن المسيرة السياسية كجهد الرئيس براك اوباما وكيري المؤكد للاستجابة الى حاجات اسرائيل الامنية. فقد جندا جون الين وهو جنرال ذو اربعة نجوم سابق في قوات المارينز ليرأس فريقا فيه 160 خبيرا عسكريا واستخباريا كي يصوغ بالتشاور مع الجيش الاسرائيلي خطة تجعل الحدود على طول نهر الاردن الأكثر مناعة في العالم.

 

اذا فشلت مهمة كيري فستخطيء اسرائيل اذا افترضت أنها تضمن فيتو آليا من الولايات المتحدة على كل قرار في مجلس الامن يتعلق بها ولا سيما اذا لاءمت هذه القرارات تصور واشنطن لصورة حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

 

سيتبين لاسرائيل أن صبر الامريكيين على الاصدقاء الذين يطلبون مساعدة واشنطن لكنهم يتجاهلون المصلحة الامريكية في الوقت نفسه، أقل مما كان في الماضي. وليس سرا أن الولايات المتحدة تؤمن حقا بأن عدم وجود اتفاق اسرائيلي فلسطيني يضر بالمصلحة القومية الامريكية ضررا كبيرا. بل إن دعم يهود الولايات المتحدة غير مؤكد. لأن نسبة ذوبان اليهود العالية في غيرهم مع عدم الارتياح لسياسة اسرائيل الاستيطانية يبعدان عنها شبابا يهودا.

 

يُكثر متحدثو اسرائيل الرسميون من الشكوى من البروز المفرط للشأن الفلسطيني في برنامج العمل الدولي. وهم يميلون الى نسيان أن هذا البروز هو الأساس للمساعدة المالية السخية غير العادية التي كان الفلسطينيون يحظون بها على مر السنين. ماذا سيحدث حينما ينقطع تيار المنح؟ ومن يتحمل المسؤولية الاقتصادية عن مصير الفلسطينيين الذين يعيشون تحت سلطة اسرائيل؟ وإن الدول المانحة أخذت تفقد الاهتمام. فالاوروبيون مثلا يؤمنون بأن اموالهم تُنفق على الاحتلال الاسرائيلي وقد يفضي فشل بعثة كيري الى اضعاف متزايد لمساعدة الدول المانحة وستنتقل المسؤولية الى القوة المحتلة وحدها – أي الى اسرائيل، وتزداد قوة المعسكر الفلسطيني الذي يطلب نقض السلطة الفلسطينية بزعم أنها سلطة تخدم الاحتلال. وفي هذه الحال ستحتاج اسرائيل الى أن تهتم بنفسها بصحة الفلسطينيين في الضفة وتربيتهم وعملهم وصرفهم الصحي.

 

وسنشهد اذا لم يوجد اتفاق ايضا ضعف المعسكر الفلسطيني الذي يفضل التصالح مع اسرائيل ويعارض الارهاب، وقد تصبح صورة حل الدولة الواحدة للشعبين هي الحل المفضل والعملي في حين يتوقع أن يقوى العنف على الارض. وسيكف الفلسطينيون عن تصريف حملة دعائية تؤيد دولة مستقلة وسيصرفون حملة دعائية مضادة للفصل العنصري. وهذا صراع اعلامي دولي لا تستطيع اسرائيل أن تنتصر فيه. اذا استمرت اسرائيل في سياسة توسيع المستوطنات فسيصعب على اصدقائها أن يواجهوا الجهود الدولية الخطيرة لعزلها. ومن المؤسف جدا أن العقوبات الاقتصادية والقانونية على اسرائيل وعلى الاسرائيليين ستصبح أمرا معتادا.

 

ما زال من الممكن منع هذه السيناريوهات الصعبة. ويمكن أن ينجح التفاوض لأن اسرائيل محتاجة آخر الامر الى حدود متفق عليها يعترف بها العالم للحفاظ على صبغتها اليهودية والديمقراطية. واسرائيل محتاجة لتحظى بهذه الحدود الى اتفاق سلام

 

يقوم على مبدأ الدولتين. وهذا الاتفاق سيمنح اسرائيل ايضا علاقات طبيعية كاملة بالعالم العربي والاسلامي كله كما تعد مبادرة السلام العربية.

 

إن فشل بعثة كيري لن يكون علامة على بدء العد استعدادا لوصول المبعوث التالي. بل سيكون علامة طريق عظيمة الشأن في الطريق الى تقرير صبغة اسرائيل وهويتها. فهي لن تكون دولة تثير التقدير وتحمس الخيال كما كان يمكن أن تكون بل دولة منقسمة تفقد هويتها اليهودية والديمقراطية وتصبح أكثر غربة عن أبنائها وبناتها والمجتمع الدولي بعامة. يستطيع كيري أن يتحمل فشل بعثته لكن الكلفة لاسرائيل ستكون أثقل من أن تُحمل.