خبر أطلس للدراسات: حلقة نقاش حول تطورات الأوضاع في غزة

الساعة 11:17 ص|29 يناير 2014

غزة

نظم مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية حلقة نقاشية بعنوان "تطورات الأوضاع في غزة"، حيث شارك فيها لفيفٌ من المثقفين والكتّاب وأساتذة الجامعات ونخبة من المحللين السياسيين البارزين، بالإضافة لعدد من مؤسسات المجتمع المدني، ودارت حلقة النقاش حول تفكيك الأزمة التي يشهدها قطاع غزة وانعكاسها على مجمل الأوضاع، لاسيما الأمنّي والسياسي، والتهديدات الإسرائيلية التي تلوّح بها إسرائيل دوماً ومنها شن حرب على غزة.

وركز المتحدثون على عدة محاور بارزة، وكان من أهمها:

1. جذور الأزمة الحالية: لا شك أن انتفاضة الأقصى عام 2000، وضرب بُرجي التجارة العالمي 2001؛ قد دفع الولايات المتحدة إلى تغيير استراتيجياتها في المنطقة، حيث كانت استراتيجية أمريكا دوماً تتركز حول النفط وأمن إسرائيل، إلا أنه بعد هذه الأحداث، تغيّرت إستراتيجيتها بإضافة بند جديد وهو الحرب على الإرهاب؛ فأصبح ثالوث السياسة الأمريكية النفط وأمن إسرائيل والحرب على الإرهاب.

ولقد طرحت الولايات المتحدة خارطة الطريق كحل للقضية الفلسطينية، فيما طرح العرب مبادرة السلام العربية عام 2002، كما طرح شارون فك الارتباط "الانسحاب من غزة" 2005، وهو ما تمّ بالفعل.

وفي عام 2004 قررت الولايات المتحدة التخلص من القيادات الفلسطينية المتشددة مثل عرفات وياسين واستبدالهما بقيادة معتدلة، ففاز أبو مازن في الانتخابات الرئاسية لعام 2005، وفازت حماس بالتشريعي في 2006 كتعبير عن التيار الإسلامي الوسطي المعتدل، ومن هذه النقطة بدأ الصراع الفلسطيني – الفلسطيني، وبعدها طبّق الصهاينة إستراتيجية "دُبين في بيت خزف أفضل من دُبٍ واحد"، حيث أصبح الصراع الفلسطيني – الفلسطيني صراع برامج.

2. الرؤية الإسرائيلية لقطاع غزة: تبلغ مساحة قطاع غزة 1.4 من مساحة فلسطين التاريخية، ويسكنها ما يقارب 2 مليون فلسطيني، ولأن الميزان الديموغرافي لقطاع غزة يهدّد مفهوم الوطن القومي لدى إسرائيل؛ كان من الواجب الانسحاب من قطاع غزة حسب رؤية شارون وصنّاع القرار داخل إسرائيل.

إنّ اسرائيل لا تريد احتلال قطاع غزة؛ وهي قد خرجت منه، وهذا طموح وتوصيات مركز جافا في 1989، وفي الحقيقة إن إسرائيل تريد من غزة:

- استهداف دور قطاع غزة في المشروع الوطني الفلسطيني.

- تحييد قطاع غزة في حرب الاستيطان بالضفة المحتلة "كما أخرجت مصر من دائرة المواجهة في 1979".

- تكريس الفصل الجغرافي والسياسي للضفة عن القطاع، وتأبيد الانقسام السياسي والجغرافي على حدٍ سواء.

3. تعريف المقاومة: بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، أصبح من الواجب على المقاومة الفلسطينية أن تُعرّف نفسها؛ هل هي مقاومة دفاعية أم مقاومة هجومية أو هل هي مقاومة تحريك أم مقاومة تحرير، وفي الحقيقة إن وجود المقاومة جاء مبرراً لتحرير المزيد من الأرض والحصول على السيادة "على الأرض والشعب"، ولكن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لم تعرف نفسها بشكل استراتيجي يحافظ على المجتمع الفلسطيني من جهة، وعلى مقدّرات المقاومة  من جهة أخرى، ومن عام 2005 إلى عام 2014 حصل تطوّر لمفهوم المقاومة بانتقالها من مقاومة هجومية إلى مقاومة دفاعية لتحافظ على كيان المقاومة نفسها، وهذا ما أكّدته تفاهمات 2012 في القاهرة بوقف الاغتيالات مقابل وقف إطلاق الصواريخ.

4. التوظيف الإسرائيلي لقطاع غزة: يعتبر قطاع غزة ورقة في يد القوى الإقليمية؛ فبعد تراجع الدور التركي والقَطري وانشغال إيران في ملفها النووي مع الغرب، والثورة المصرية، يعيش قطاع غزة حالة من الإهمال الإقليمي.

حيث أنّ إسرائيل تستخدم قطاع غزة كفزّاعة في وجه الغرب واستجلاب عطفه ضد قطاع غزة؛ من أجل ضربه دون وجود أي تعاطف دولي معه، على اعتبار أن قطاع غزة "كيان مُعادي إرهابي" حسب وصفهم، فالقطاع مُستهدف لتفكيك أسطورة المقاومة فيه ووصمها بالإرهاب، وعليه يكون قطاع غزة ملف استعمالي للتوظيف الإعلامي والتحريض عليه.

5. مستقبل التهدئة: معروفٌ أن تفاهمات 2012 في القاهرة أصبحت اتفاقية تعاقدية أفرزت أوضاع أمنية "هدوء مقابل هدوء" على جانبي حدود قطاع غزة، إلا أن إسرائيل كقوة عدوانية تحاول أن تؤسس لشروط جديدة لهذه التفاهمات من خلال استهداف مُطلقي الصواريخ من غزة، وتحسين صورة جيش الدفاع في الداخل الإسرائيلي من خلال سياسة "الملاحقة الساخنة".

 6. فرص حكومة حماس للخروج من الأزمة:

- الرهان على متغير داخلي أو متغير إقليمي يُحسن شروط حكومة حماس.

- المصالحة كخيار استراتيجي مع حركة فتح.

- مشروع تسوية بالحد الأدنى مع إسرائيل عبر قناة خلفية "قطر أو تركيا".

- إعادة بناء وترميم العلاقة مع جمهورية مصر العربية.

7. الرؤية الأمثل للصراع وأهدافه: لا خلاف على شرعية المقاومة، ولكن الاختلاف على أساليبها وإدارتها؛ حيث أننا لاحظنا على مدار ثمانية أعوام من حكم حماس في غزة أنها وصلت لطريق مسدود في برنامج المقاومة، مع انسداد الأفق السياسي لهذا المشروع من خلال فقدانه للتحالفات الإقليمية وعمقه العربي، كما انه مشروع التسوية على مدار عقدين من الزمان لم يحقق إلا فشل مركّب أضاع الأرض من خلال تغوّل الاستيطان لمساحات شاسعة، وأضاع وَحدة الشعب من خلال الانقسام، وإن ما تم طرحه سابقاً ما هو إلا رؤية أحزاب فشلت في إدارة الصراع.

إن الحل يكمن في بناء الهوية الفلسطينية بكل مكوناتها بديلاً عن الجري وراء سراب الدولة؛ فبناء هوية وطنية مع الحفاظ على المشروع الوطني بكل مكوناته الجغرافية والسياسية هي رؤية تقرّب المسافات للوصول للهدف الوطني الكبير.

8. انعكاس العلاقة مع مصر على المشهد الفلسطيني: إن طموح الفلسطيني أن تصبح مصر عمقاً استراتيجياً للمقاومة الفلسطينية، حيث أن قطاع غزة طوّر من قدراته الدفاعية والهجومية على إسرائيل من خلال الفراغ الأمني الموجود في سيناء.

وإن نجاح مُرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية كان له الدور البارز في توفير الغطاء السياسي واللوجستي لحكم حماس في غزة، وسقوطه بعد أحداث 30 يونيو انعكست سلباً على مستقبل حكومة حماس في غزة؛ وعليه فإن إستراتيجية التحالفات مع مصر تحديداً يجب أن تُحدّد لها معايير ومبادئ ومصالح واضحة.

9. فرص الحرب على غزة: إسرائيل لا تفكّر في احتلال غزة، وإنما هناك انزعاج أمني من تعاظم القوة العسكرية للفصائل الفلسطينية، وانتقلت المقاومة من طور الإزعاج إلى طور التهديد وضرب العمق الإسرائيلي، وحيث أنّ ظهر المقاومة أصبح مكشوفاً من جهة مصر، فإنّ أي حرب قادمة ستستهدف سلاح المقاومة وقدراتها الصاروخية، مع محاولة إعادة قوة الردع الإسرائيلية.

أمّا بالنسبة لتوقيت هذه الحرب فربما يكون بعد إعلان خطة "كيري"، وتأتي ضمن سياق عربي وإقليمي ودولي لإعادة تركيب قطاع غزة في الحل السياسي القادم لتسوية القضية الفلسطينية.

10. فرص الفوضى في الشارع الفلسطيني: في ظل الانقسام وانسداد طريق مشروع التسوية، وتغوّل إسرائيل على الشعب الفلسطيني؛ فإن هناك تهديدات جدّية باتجاه التخلّص من الرئيس الفلسطيني، وعندها سيدخل الشارع الفلسطيني في حالة فوضى سياسية، وربما لو خُيّرت مصر بين تدخّل عسكري مباشر في قطاع غزة أو دعم أحد الأطراف المحلية على حساب آخر، لاختارت الخيار الأخير.

11. رؤية للحل والخروج من الأزمة:

- إنهاء الانقسام وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، وليس تقاسم وظيفي.

- إعداد البرنامج السياسي على أرضية الفصل بين السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية.

- ترسيخ التعبئة لصراع طويل الأجل، وتحسين ظروف السكان، والابتعاد عن حرب الاستنزاف التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين.

- البحث عن عمق استراتيجي وصيغة إستراتيجية للتحالفات.