خبر شولا في دولة العصا -هآرتس

الساعة 10:15 ص|27 يناير 2014

بقلم: اسحق ليئور

(المضمون: كانت شولاميت الوني زعيمة قوية الحضور استطاعت أن تسير بحركتها التي انشأتها في خضم التناقضات الاسرائيلية الكثيرة التي تكون الوجود والواقع الاسرائيلي - المصدر).

 

في نطاق المشروع الاستعماري – دفع الأقلية العربية الى الخارج وتعريف اليهود الشرقيين من جديد باستعمال القوة – لم تُطق دولة اسرائيل الشابة الليبرالية. فقد طلب المجموع الذي احتل ما كان يُعرف بأنه ارض جرداء طلب السير معه باسم الدولة. فسار الاشتراكيون في مقدمة المسيرة التي شملت حكما عسكريا ايضا ومصادرة اراض واماكن سكن مؤقتة ومدن تطوير وأناشيد بين أظهر الجمهور. ومهد اليسار الصهيوني للمظالم مستعينا بالروح العامة الجماعية. هذا الى أن هذا اليسار قسم العمل منذ ثلاثينيات القرن الماضي بحيث يسير فريق والحق أمامهم ويسير آخر وفي أيديهم العصي أو طائرة اف16. ولم يكن لليبرالية وجود ولهذا اكتفت بالعداوة لدولة الرفاه وبشعور وطني مصدره مركز اوروبا. ومثلت الطبقة الوسطى لكنها لم تنشيء تراثا انسانيا، وهُدمت في أمعاء اليمين الى أن بُعثت حية بين أذرع لبيد الأب والابن.

 

هذا هو السياق الذي ينبغي أن نقرأ فيه عظمة (وفشل) شولاميت الوني الزعيمة القوية الحضور التي عملت وتحدثت بصورة ديمقراطية الى النشطاء معها واشتغلت بالسياسة وصدعت بالحقيقة وعلمت ما هو انتصاب القامة النسائية والانسانية. فقد انشأت الوني الليبرالية الانسانية حزبا في مطلع سبعينيات القرن الماضي عن اعتقاد (ساذج) أن وثيقة الاستقلال كافية بصفة برنامج حزب. وكانت العقدة الاستعمارية عميقة جدا انشأت يمينا شديد الوطأة. فجندت القوات لليبرالية الانسانية من اليسار الاسرائيلي: من ذوات التصور النسائي، ومعارضي المتدينين، وكارهي الهستدروت و/ أو الشيوعية، وقدماء مكافحة الحكم العسكري، ومعارضي الاعتقالات الادارية ومصادرة الاراضي. وقد وجدوا القاسم المشترك السياسي والاخلاقي في النضال من اجل السلام. وفضلوا بعد ذلك، وكان ذلك كارثة على ميرتس، أن يروا مكافحة الحريديين ولا سيما شاس، قاسما مشتركا ذا شعبية.

 

لا يمكن أن نتفهم عظمة الوني ونجاحها في بناء حزب جمعت فيه ما شذ عن الغول الاستعماري، اذا لم نقرأ كلامها وافعالها وبين يديهما المكان والزمان اللذان جاءت منهما والاماكن التي اتجهت اليها مخالفة أبناء جيلها ومن سبقوها. ونقول من اجل المقارنة إن اشعياء ليفوفيتش علم آنذاك أنه لن ينشيء حزبا وفضل وبحق أن يكون مرشد الجيل. واعتقدت الوني وبحق أنه يُحتاج الى حزب سياسي، وبرغم الفروق والعداوة بينهما فان هذه واحدة من المقارنات المناسبة بين هذين العظيمين في السنوات التي تلت الاحتلال.

 

لم يكن الامر سهلا عليها، فحينما نشبت حرب لبنان في 1982 مثلا، لم يصوت حزبها حاجبا الثقة عن الحكومة وهو حجب الثقة الذي تقدمت به الجبهة الديمقراطية للسلام الوحيدة. لكن حينما أنشئت في ذلك الاسبوع "لجنة معارضة الحرب في لبنان"، أمرت حزبها بأن ينقل اليها مبلغا جليلا. وحينما نشب الجدل في ميرتس في رفض الخدمة العسكرية، أيدت رافضي الخدمة. وقد صنفها خصوم قيادتها آنذاك بأنها "يسارية متطرفة" ووجدت نفسها مرة بعد اخرى بين السياسة التقليدية – وهي اظهار المرونة والتأثير من الداخل والمشاركة في طرد 300 من رجال حماس الى لبنان ايضا – وبين مقاومة صارخة للظلم.

 

لم يعرف التلفاز كيف يواجه موت الوني، وليست هذه أول مرة يجعل فيها التناقض الحداد صعبا على مذيعي الترفيه. ينبغي أن نتذكر موت اسحق بن اهارون (2006) وهو تجسيد للتناقضات التي وجودنا نتيجة لها، كي ندرك مبلغ تصعيب الوني – وهي بعيدة جدا عنه – على صناعة المضغ والبلع. يمكن أن نفسر عظمتها ايضا بالتناقضات التي عملت فيها وبنشاط موقفها المعارض ايضا. فحينما انتقض اليسار في أكثره مع بدء الانتفاضة الثانية وعزلها عن قيادة حزبها اولئك اليساريون الذين جمعتهم، بقيت في الجانب اليساري مع من تخرجوا على يدها من "بتسيلم" ومن المنظمات التي

ظل يشتعل فيها ما فهمته ونمته باعتباره يسارا ليبراليا. وقد اتجهت من البداية الى غير المضمون فانشأت حركة سياسية من العدم ولم تخدع نفسها ولم تطمس على التناقضات التي سيّرت حركتها فيها. إن منظرنا الطبيعي يتغير لأن اشجارا كبيرة تقتلع منه. فكيف يمكن ألا نحد؟.