خبر حرب جبهة داخلية -يديعوت

الساعة 09:12 ص|24 يناير 2014

ترجمة خاصة

 حرب جبهة داخلية -يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: ما زال الجدل في اسرائيل محتدما بين الجهات الامنية المختلفة في المسؤولية عن حماية الجبهة الداخلية والجسم الحكومي الذي يجب أن تخضع له - المصدر).

إن رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر الذي زارنا هنا هذا الاسبوع على يقين من أن اسرائيل دولة فريدة في نوعها. وهو على حق فانه لا مثيل لنا. وجهازنا الحاكم مثال من الامثلة على ذلك فهو ليس أكثر فسادا من غيره وهو ليس بلا نظام وليس هو اكثر تبلدا وتعسفا من غيره؛ لكن فيه تأليفا لمرة واحدة بين امراض الشيخوخة وامراض الطفولة.

خذوا على سبيل المثال أمر صعود وسقوط وزارة الدفاع عن الجبهة الداخلية. يمكن أن نبدأه بفكرة التمعت ذات يوم في ذهن اهود باراك. فقد استقر رأي حزب العمل على ترك الحكومة واستقر رأي باراك على البقاء واحتاج الى صوت نائب الوزير في مكتبه متان فلنائي. وادرك أن الصوت لا يأتي بالمجان ولهذا طور لفلنائي مكتبا وسمعة حسنة قتالية وأعطاه كما يناسب لواءا من المظليين وزارة حماية الجبهة الداخلية.

ويمكن أن نبدأه من جلعاد أردان وهو سياسي قدير وطموح من المخلصين لنتنياهو في الليكود، حصل على وعود جمة بترفيع مكانته في الحكومة الجديدة بأن يكون وزير مالية أو وزير خارجية أو وزير قضاء أو سفيرا في واشنطن. واضطر آخر الامر الى الاكتفاء بوزارة الاتصالات وبوزارة اخرى من تلك التي بقيت فارغة بعد تقسيم الغنيمة. واختار أردان الجبهة الداخلية فقد سحرته العضوية في المجلس الوزاري المصغر التي تأتي مع اللقب. ونسي الدرس الذي علمنا إياه بوغي يعلون جميعا. ففي الكرياه، في كرياه بوغي ايضا، يجب السير بنعلين عاليتين.

ويمكن أن نبدأه بالعاصفة التي ضربت اسرائيل في منتصف كانون الاول. لم يكن الضرر كبيرا بصورة مميزة فان اكثر دول العالم تجرب عواصف كهذه مرة في كل سنة. لكن العناوين الصحفية صرخت في اسرائيل العجوز الصبيانية: اخفاق وفضيحة وتحقيق. وسأل صحفيون ضربهم الثلج أين وزير الدفاع عن الجبهة الداخلية. وأدرك اردان أنه جلب على نفسه ازمة فهو لا يملك لا سلطة ولا مسؤولية لكنه يُحمل ذنبا.

ويمكن أن نبدأه بالحرب القادمة التي ستضرب الجبهة الداخلية بحسب جميع التقديرات العسكرية والمدنية. إن 200 ألف صاروخ موجهة اليوم الى اهداف في اسرائيل. ويزيد عدد الصواريخ في كل يوم ويزيد مداها وتتحسن دقتها. وأصبح سؤال من هو المسؤول عن اعداد الجبهة الداخلية للحرب وعن قدرتها على الثبات بعد أن تنشب الحرب، محسوسا. ويحتاج رئيس الوزراء الى أن يبت الامر. لكن نتنياهو كما هي عادته يجلس كل طرف يهمس في أذنه ويخيفه، وأعطى كل طرف القرار الحاسم الذي طلبه.

ويمكن أن نبدأه بداني دنون وهو عضو كنيست في كتلة الليكود. إن حط عبء دنون يخيف نتنياهو وهو يقرر بحسب نصيحة لندن جونسون القديمة أن بوله من الخيمة الى الخارج أفضل من عكس ذلك. ويُعين دنون نائبا لوزير الدفاع لكن ذلك لا يجوز على دنون فهو مستمر على حاله يحرج نتنياهو في الداخل والخارج، لكن يجب اخلاء مكتب له، ويُبعد مكتب حماية الجبهة الداخلية مع مكتب الوزير من أعلى برج مهجور ومهمل خارج الكرياه. واذا سألتم العاملين في وزارة الدفاع فان دنون يتحمل تبعة كل ذلك.

وضع اردان انذارا على طاولة نتنياهو بأنه اذا لم يؤمر وزير الدفاع حتى نهاية كانون الثاني بأن ينقل اليه بعض الصلاحيات المتعلقة بالعناية بالجبهة الداخلية فسيستقيل. ولا ينوي اردان الاستقالة من الحكومة أو ترك المجلس الوزاري المصغر، بل ينوي أن يُحدث جلبة وأن يضغط على نتنياهو. فليست عنده اوهام بأن استقالته اذا وقعت ستنشر في العناوين الصحفية يوما أو يومين الى أن تكون الحادثة التالية.

وكما يحدث هنا دائما، تحول الجدل الى شجار شخصي مر مسموم: فقد قال يعلون أول أمس في اجتماع للعاملين في وزارة الدفاع إن وزارة حماية الجبهة الداخلية هي "هدر لاموال الجمهور". وبمناسبة ذكر هدر اموال الجمهور، تذكروا في الطرف الثاني ما فعله يعلون في ولايته السابقة فقد أهدر اموال الجمهور على الوزارة المهمة والحيوية والمصيرية، للشؤون الاستراتيجية.

السائرون في الظلام

في 1951 سنت الكنيست قانون الدفاع المدني. كان عمر الدولة آنذاك ثلاث سنوات وكانت أهم وسيلة دفاعية في الجبهة الداخلية هي الظلام. لأنه اذا لم ترانا طائرة العدو في الليل فلن تجد غوش دان أبدا وستعود مخزية مهانة الى قواعدها دون أن تقصف. وكان دور جنود الدفاع المدني أن يصرخوا: "الطبقة الثالثة – اطفئوا النور". ولم يكن في ذلك الدور شرف كبير.

ألقى قانون الدفاع المدني المسؤولية عن الجبهة الداخلية على وزير الدفاع. وقد نشأت قيادة الجبهة الداخلية عقب حرب الخليج الاولى. في حرب لبنان الثانية في 2006 تهربت القيادة من المسؤولية واختفت. وعلى إثر الفشل استخلصت دروس وفي السنوات الاخيرة تخصصت قيادة الجبهة الداخلية وتطورت واتسعت اتساعا عجيبا فهي تسيطر على نحو من 60 ألف جندي كلهم أو اكثرهم من رجال الخدمة الاحتياطية، والقائد جنرال يخضع لرئيس هيئة الاركان ولوزير الدفاع.

أوصت وثيقة عمل كتبتها مجموعة جنرالات في 2002 بنقل المسؤولية عن قيادة الجبهة الداخلية الى وزارة الامن الداخلي. وأُعدت اوراق فيها توصيات مشابهة طول السنين في الجيش الاسرائيلي وفي مجلس الامن القومي وفي مكتب مراقب الدولة وغير ذلك. وقد قرأت في هذا الاسبوع اكثر من عشر اوراق كهذه من فترات مختلفة. وكتبت الوثيقة الاكثر ايجازا في تشرين الاول 2006 على يد اللواء عيدو نحوشتان حينما كان رئيس شعبة التخطيط، بعد حرب لبنان الثانية. وأيد نحوشتان نقل قيادة الجبهة الداخلية الى وزارة الامن الداخلي. ويأتي بذلك بتعليلين: 1- إن وزارة الامن الداخلي "تفكر في الجبهة الداخلية"؛ 2- العبء الملقى على الجيش الاسرائيلي في اثناء الحرب والحاجة الى حصر العناية في الجبهة الامامية.

ولم تُقبل وثيقة نحوشتان، ففي نيسان 2007 استقر رأي رئيس الوزراء اهود اولمرت على أن تبقى المسؤولية عن الجبهة الداخلية في يد وزارة الدفاع "خمس سنوات على الأقل". وحينما انتهت المدة لم يكن اولمرت موجودا هناك فانتقلت المعضلة الى نتنياهو.

جاء اردان الى حماية الجبهة الداخلية من وزارة حماية البيئة وهي وزارة صغيرة ذات سلطات فرض قانون محدودة. وتبين له أن وزارته الجديدة أصغر وليست لها سلطات. فهو المستشار السياسي لقائد قيادة الجبهة الداخلية لا غير.

بل إنه لا يوجد معه عمال فالاربعون عاملا الذين حصل عليهم هم من عمال وزارة الدفاع. وحينما طلب الحصول على عمال جدد تبين له أنه يجب عليه قبل كل شيء أن يعرض الاعمال على العاملين في وزارة الدفاع. فهو في الخارج لكن المناقصة يجب أن تكون داخلية.

وكتب سلسلة وثائق تطلب تغييرا كتبت احداها في يوم الاثنين من هذا الاسبوع. وهو يقول في الخلاصة إن الجبهة الداخلية ستضطر في الحرب القادمة الى تلقي مئات الصواريخ كل يوم مدة ثلاثة اسابيع أو اربعة وسيكون الجيش الاسرائيلي مشغولا في الجبهات الامامية.

وكتب أن الوضع الحالي يُحدث فروقا ضخمة في اقامة الدفاع وأن صورة الاستعداد "بائسة". ولا توجد جهة وزارية واحدة تتحمل المسؤولية ولها الصلاحيات وهناك ضباط يلبسون الملابس العسكرية يوجهون اوامر عسكرية الى اجهزة مدنية والى مكاتب حكومية بدل أن يكون السلوك عكس ذلك.

"تستطيع وزارة ذات اسنان فقط وميزانية ومكانة مستقلة أن تقوم بمهمة انقاذ حياة الناس واعداد الجبهة الداخلية الاسرائيلية للمواجهة العسكرية القادمة".

ومع ذلك ادرك اردان أنه ليس لوزارته في الامد البعيد حق في الوجود فهي اطار ثالث بين وزارة الدفاع ووزارة الامن الداخلي. وكتب يقول: "من الممكن قطعا أن تصبح الوزارة بعد بضع سنين، بعد بناء القوة، شبكة في داخل مكتب حكومي آخر".

ووجد اردان حلفاء مهمين يؤيدون مطالبه. فقد كتب أحاز بن آري المستشار القانوني لوزارة الدفاع في أيار 2013 رسالة الى الوزير يعلون أيد فيها توسيع صلاحيات اردان. ولا يقل عن ذلك أهمية أن رئيس مجلس الامن القومي اللواء يعقوب عميدرور أيد طلبه وأيده ايضا نائبه العميد زئيف تسوك – ران. وعرض مجلس الامن القومي على نتنياهو بديلين لترتيب المسؤولية عن الجبهة الداخلية أحدهما مبالغ فيه والآخر محدود.

وكان لعميدرور ايضا دور مركزي في جهود عقد اتفاق بين اردان ويعلون على تقاسم السلطات. ففي 14 تشرين الاول ارسل تسوك – ران رسالة الى المدير العام لوزارة الدفاع دان هرئيل خط فيها خطوطا توجه الى تقاسم الصلاحيات ومدة تنفيذ. ورفضت وزارة الدفاع الموافقة على الخطة.

أجرى نتنياهو سلسلة لقاءات في ذلك الشأن. وتمت اللقاءات لسبب ما بصورة مستقلة. اردان من جهة ويعلون من جهة وهرئيل من جهة. وفي الصيف وافق نتنياهو على ما يطلبه اردان وهو أنه يجب أن يُعطى صلاحيات. وفي 4 آب أمر شفهيا (لا توجد وثيقة موقع عليها خطية، كما يؤكدون في وزارة الدفاع) بالتوصل الى تسوية توافق على مطالب اردان. واختار الخيار المحدود كما كان متوقعا ثم جاء الشتاء.

أوديسة في غرفة العمليات

إن جهاز الامن جسم ضخم كثير القوة البشرية وكثير المعدات وكثير المال. ولا يكاد يوجد لحكومة اسرائيل اجسام تنفيذية اخرى ولا سيما في اوقات الطواريء. إن قوة هذا الجهاز الضخمة وهو الذي يشمل الجيش الاسرائيلي ووزارة الدفاع تستدعي النقد. إن الجيش الاسرائيلي لم يعد مقدسا كما كان في خمسينيات القرن الماضي، ومنزلته في ترتيب الأولويات القومي ليست مضمونة. فليس من الصالح أن تُدبر امور الجهاز الى الآن وكأنه نادٍ مغلق يشغل فيه الجنرالات (الاحتياطيون) الوظائف الرفيعة في وزارة الدفاع، من الوزير فمن دونه. والشعور هناك سواء كان حقيقيا أم وهميا هو أن يدا تغسل يدا.

يجري على الجيش الاسرائيلي الآن مسار صعب شجاع لتقليص حجمه. ولكثرة الجدل في مقدار الميزانية اختفى المعنى الدراماتي لهذا المسار من برنامج العمل. ويجب على وزارة الدفاع أن يجري عليها مسار مشابه، فليس التقليص فقط هو المطلوب هناك بل يُحتاج الى ثورة. إن وزارة الدفاع لا يجب أن تملك متاحف (لها 12 متحفا منها 2 تكريما للايتسل) وهي لا تحتاج الى الجمعية لاجل الجندي مع اهدار الاموال بصورة فاضحة.

لكن من يشتكي من زيادة قوة جهاز الامن يجب أن يتذكر أنه لا بديل. ويُسأل من يهاتف رئيس الوزراء حينما تُدفع الدولة الى وضع طاريء.

في اثناء العاصفة الثلجية في كانون الاول هاتف نتنياهو وزير الامن الداخلي اسحق اهارونوفيتش. واهارونوفيتش رجل عملي فتحمل المهمة وطلب الى جهاز الامن أن يقوم بالباقي. ويزعم عنصر في وزارة الدفاع أن الشرطة لم تفعل في الحقيقة شيئا سوى اقامة حاجز في اللطرون وتحت اريئيل. وجند الجيش قواته. ولم يكن الاشخاص الذين ظهروا في التلفاز يلبسون دروع قيادة الجبهة الداخلية، لم يكونوا من قيادة الجبهة الداخلية: فقد كانوا في القدس وفي الممر جنودا من الفرقة 98، وكانوا في الشمال جنودا من غولاني ومدربين ومرشدي دورات تعليمية استدعوا. وكانت المعدات الآلية لسلاح الهندسة. واستؤجرت سيارات شركة مقاولات ساعدت سيارات علقت في الشارع رقم 1 بمكالمة هاتفية قام بها العاملون في وزارة الدفاع؛ واشتري 70 ألف كيس تدفئة وزعت على المواطنين عن طريق مديرية الشراء في وزارة الدفاع. وقالوا انه يجب نثر الملح على الشوارع. فما الذي جاء باربعين طن ملح من ايلات؟ انها وزارة الدفاع.

وهذا على التقريب هو ما قاله عاملو وزارة الدفاع لنتنياهو بعد العاصفة الثلجية، واستمع نتنياهو ورجع الى نصف الطريق فتحول من حال القرار الى حال عدم القرار.

وألقيت مهمة التفاوض بين الوزارتين على دان هرئيل المدير العام للدفاع، ودان رونين وهو قائد سابق في الشرطة، والمدير العام لحماية الجبهة الداخلية. وأدار آفي دفيد نائب المدير العام الاعلى الاتصالات بالفعل. لم يُخف هرئيل رأيه وهو أن وزارة حماية الجبهة الداخلية لا حاجة اليها. وما دام هذا الوهم موجودا في وزارة الدفاع تحت مسؤولية نائب وزير أو وزير يخضع لوزير الدفاع في واقع الامر، أبقى سلسلة القيادة محفوظة لكن يجب اغلاقها في اللحظة التي ينقضي فيها هذا الترتيب.

لكن التوجيه من المستوى السياسي كان الحفاظ على الوزارة المستقلة وأجرى هرئيل التفاوض وتوصل مرتين الى اتفاق. واعترض اردان فهو لم يجد في الاوراق صلاحيات حقيقية. وتبين له آنذاك أن آفي دفيد ممثله في التفاوض يوشك أن يُعين لمنصب اداري رفيع المستوى في وزارة الدفاع. ووقع في قلبه أن ممثله كان في واقع الامر عميلا مزدوجا فتفجر التفاوض.

يمكن أن نلخص هذه الأوديسة على النحو التالي وهو أنه حينما يُدفعون في اسرائيل الى وضع طاريء – كحرب في الجبهة الداخلية أو كارثة طبيعية أو حادثة جماعية وكوارث اخرى – فان الحجم هو الذي سيقرر. ستكون المسؤولية في الحد الادنى مسؤولية الشرطة والسلطات المحلية وفي الحد الاقصى للجيش. واحتمال أن يوجد جسم مدني كما هي الحال في امريكا تكون عنده وسائل للاشتغال باستعداد الجبهة الداخلية، ليس كبيرا.

لن يزعزع أحد جهاز الامن من الخارج ولا سيما في الحكومة الحالية. وسيبحث نتنياهو عن طريقة لتعويض جلعاد اردان بشرط أن يحتفظ بآرائه لنفسه ويستمر على أن يبين للجمهور مبلغ كون رئيس الوزراء نشيطا وحازما ومتسقا وجديا.

موقد المقاطعة

ونعود الى صديقنا رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر. قال هاربر في زيارته هنا كلاما كالمهاميز عن محاولات مقاطعة اسرائيل ومنتوجاتها. وقال انها تنبع من بواعث معاداة السامية. وأنا على يقين من أنه يوجد قدر من الصدق في كلامه.

والآن وقد اصبحت الاخلاق والعدل الى جانبنا، يجدر أن نفحص عن قضية المقاطعة كما هي. إننا نواجه مسارا لا يعلم أحد الى ماذا سيؤول. اذا سايرنا السيناريو المتفائل فانه يوجد عدة جمعيات مؤيدة للفلسطينيين بعضها في اليسار المتطرف وبعضها في اليمين الفاشي وبعضها في اتحادات مهنية وفي تيارات في المسيحية تضغط لمقاطعة اسرائيل. ولم يُسبب للدولة الى اليوم ضرر اقتصادي حقيقي. انتقلت عدة مصانع من المنطقة الصناعية بركان الى داخل الخط الاخضر وخسرت عدة شركات صفقات أو نقلتها الى دول اخرى. ولم تتبن منظمات دولية هذا التوجه ولا تنوي أن تتبناه. فحالنا على ما يرام.

وفي الطرف المضاد يترصدنا السيناريو المتشائم الذي يرى أن الخيول هربت من الاسطبل. فقد ثبت في غرب اوروبا وضرب جذوره تصور أن اسرائيل دولة فصل عنصري. وأصبح هذا الفيروس يجتاز المحيط الاطلسي الآن الى الولايات المتحدة. فحتى لو توصل كيري الى اتفاق اطار بين اسرائيل والفلسطينيين فلن تتغير صورة اسرائيل. لم تعد وصمة العار الآن في جبين الوضع على الارض بل في جبين دولتنا وفي جبيننا نحن الشعب. ولا سيما اذا انتهى التفاوض الى لا شيء. ولا توجد اهمية كبيرة لمسألة من سيتهم كيري، فالذي يعتقد اليوم أننا مذنبون سيتشدد في رأيه فقط. نحن في طريقنا الى عقوبات – رسمية كتلك التي فرضت على جنوب افريقيا، وكوريا الشمالية وجمهورية الصرب وايران، أو غير رسمية كتلك التي فرضت علينا في سنوات المقاطعة العربية.

ثبتت اسرائيل لتهديدات اكبر من هذه في الماضي لكننا كنا آنذاك اكثر فقرا وأقل عولمية وأقل ترفا ولم نكن آنذاك رهائن لجماعة ضغط المستوطنين.

تحير نتنياهو في هذه القضية حينما احتاج الى أن يقرر هل يستسلم لاملاء الاتحاد الاوروبي في قضية "هورايزون 2020"، وهي البرنامج العلمي للاتحاد الاوروبي، أم يقول لا للاوروبيين. ففي الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر استقر رأيه على أن يقول لا للاوروبيين؛ وفي الساعة التاسعة والنصف ليلا سمع محاضرة البروفيسور تريختنبرغ المدروسة فخاف واستسلم. فقد كان مستقبل العلم الاسرائيلي في كفة الميزان. ويقول هذا شيئا ما صالحا في مسؤولية نتنياهو الوطنية وفي قدرته على الاستماع، ويقول شيئا أقل صلاحا في طريقة اتخاذه للقرارات.

حذرت سلسلة رجال اعمال احدهم على الاقل نشيط بارز في الليكود، حذروا نتنياهو من تأجيج المقاطعة. ليس لرجال الاعمال أية ميزة في التباحث في الشؤون السياسية فالمال لا يجعلهم اكثر حكمة. لكنهم يفهمون في امر المقاطعة.

قالت تسيبي لفني في هذا الشأن كلاما شجاعا. فقد سألت لماذا توجد عناصر في الحكومة تصر على أن تعلن على رؤوس الاشهاد بخطط بناء ليس لها أي معنى عملي، فهم لا يبنون مستوطنات لكنهم يصبون الزيت على موقد المقاطعة بكثرة.

انقضى عصر الاستيطان. واصبح الهدف الرئيس – وهو منع تقسيم معقول للمنطقة بين الاردن والبحر – قد تم احرازه. إن بؤرة استيطانية اخرى وحي فيلات آخر لن يغيرا شيئا. لكن المستوطنين لا يستطيعون التوقف. يوجد جهاز ويوجد مال وتوجد فائدة سياسية في الاساس. وليس الهدف جعل البؤر الاستيطانية غير القانونية قانونية بل الهدف جعل دولة اسرائيل كلها في داخل الخط الاخضر بؤرة استيطانية غير قانونية كبيرة.

خطوط 1967

أرسل إلي قاريء نشيط هو بروفيسور في احدى الجامعات الرسالة التالية: "بين رئيس اللجنة المالية نيسان سلوميانسكي في التلفاز في منتصف كانون الثاني لماذا يعارض زيادة المساحة التي تلزمها ضريبة المسقفات".

وقال: "تخيلوا انسانا كان يدفع الى اليوم عن 60 متر مربع فطلب اليه فجأة أن يدفع عن 100 متر مربع. هذه زيادة بنسبة 40 بالمئة!".

"من يُبين لسلوميانسكي أن الزيادة من 60 الى 100 هي زيادة بنسبة 67 بالمئة لا 40 بالمئة؟ هل يستحق انسان هذا هو علمه في الحساب أن يكون رئيس اللجنة المالية؟".