خبر آخر الطب الكي ..علي عقلة عرسان

الساعة 04:39 م|17 يناير 2014

بداية أقول إنني ضد العنصرية والطرف والتعصب بأشكاله وأنواعه، وضد الذهاب، بالفكر أو القول أو الفعل الإرادي أو السلوك اليومي، إلى ادعاء العصمة أو تمثّلها على نحو ما، سواء أكان ذلك من قائد فذ أو مفكر جهبذ أو حركة تنظيمية واسعة النطاق أو من أيديولوجيا تزعم أنها " العلم" والمنقذ من الضلال وأنها فوق الخطأ أو فوق الناس، وتملك الحق في ادعاء ذلك الذي يؤهلها له: تصنيف ذاتي، أو أنانية متورمة، أو غطرسة ذات أنياب وأظفار شبهت لها موضوعية تضعها في درجة أعلى من الآخرين. ومن البدهي أن أكون ضد الممارسات الوحشية التي تنم عن ذلك أو تتم باسمه، مهما كان سببها أو مسوغها، فالممارسة الوحشية تنفي الصفات والمواصفات الإنسانية عن الكائن البشري وتعيده إلى الغابة كأسوأ وحوشها، وكل ادعاء يرمي إلى تسويغ تصرف من هذا النوع هو إيغال في التطرف يؤدي إلى مزيد من الخطأ وارتكاب الإثم والجريمة والولوغ في الدم. ومن الطبيعي أن نلتمس أسباب التطرف بأنواعه في مصادره الرئيسة وأكثرها وأهمها مصادر: فكرية "أيديولوجية" أو عرقية أو دينية أو طائفية أو مذهبية أو.. إلخ رسختها تربية وسياسات وثقافة وممارسات اجتماعية مرفضة تمتد بين ضفتي القصور والجنوح، والانحراف والشذوذ لتصل بأصحابها إلى حدود التماثل مع الوحوش أو التفوق عليها في الوسائل والأداء والأغراض.

أنا من/مع القائلين بأن المعرفة العميقة، والإيمان الفائم على الفهم الراسخ سلوكاً راشداً، وسعة الأفق المتأتية عن التجربة.. كل ذلك من المداخل الرئيسة للتفاهم والتعايش مع الآخرين بسلام وأمن، ولإشاعة الاحترام والثقة بين البشر، وإقامة العلاقات البناءة بين الناس على أساس من مراعاة الخصوصيات والعلاقات والمصالح والمنافع على الصعيد الإنساني العام.. وأن قيام الكل بالواجبات والحقوق المتساوية تجاه الكل، كفيل بالمحافظة على مقومات بيئة العيش المشترك وتعزيز قيمها وكل ما من شأنه جعل الحياة سلاماً ومحبة ومتعة للناس كافة. والوعي المعرفي المنضِج للشخصية والحوار المغني لها بمراكمة الخبرة واستنطاقها هما مدخلان رئيسان للمعرفة بالذات والآخر، وتلك المعرفة مفتاح تخفيف الغلو فـ " المرء عدو ما يجهل" كما يقال.

لقد شهد العالم منذ قابيل وهابيل عنفاً ودموية من مناشئ متعددة منها: تنمّر الشر، والتطرف في التصرف، والأنانية المتورمة التي يزيدها ضعف الإيمان أو انحرافه غلواً، ونمو فكر متعالٍ بغطرسة شديدة ساهم بنشوء عنصرية بغيضة وتعصب أعمى.. وفي دِمنٍ نفسية وسلوكية بدائية من هذا النوع تطورت أفكار وفلسفات ونظريات وعقائد وسياسات وثقافات وأيديولوجيات متعالية، وحاولت تطبيق ما تأخذ به من ذلك كله بالقوة متذرعة بأنها على حق، وقامت بممارسات تراوح بين القمع والإلغاء وبين الإرهاب والجريمة لتحقيق ذاتها وبلوغ أهدافها القائمة على تلك الخيارات.. حيث وصلت الممارسات الناشئة عن غلو سياسي أو ديني أو أيديولوجي إلى حروب كارثية كريهة تتجاوز توصيف " الإجرامي، الوحشي وغير الإنساني" والمدان حكماً أخلاقياً وقانونياً.. ولمن يريد أن يقارب ذكريات من هذا النوع نذكِّر بما جرى لإخناتون وأرثه الفكري والحضاري، وامتداداً إلى حروب اليونان والفرس والرومان، وإلى موقعتي الجمل وصفين في وقت متأخر من حكم الخلفاء الراشدين، وإلى محاكم التفتيش الإسبانية، وإبادة الهنود الحمر على يد الأميركيين العنصريين البيض، وما شهدته كل من الحربين العالميتين الأولى والثاتية من ألحقتاه من كوارث بالبشرية، وإلى الحرب في الكوريتين وفييتنام.. وإلى عنصريي جنوب إفريقية " وإسرائيل" وما جرى في رواندا والبوسنة.. وما قام به هتلر وستالين وشارون وبوش الابن وأمثالهم كثير..   

اليوم نحن أمام أفعال لفئات وتنظيمات وأشخاص لا تقل فظاعتها عما سجله التاريخ من أحداث فظيعة مدانة.. وبين هذه الأحداث وأحداث ووقائع ليست بعيدة العهد تشابه من بعض الوجوه، لا سيما من حيث الاصطفاف الواسع المدى والطيف، والتقاء عناصر وقوى من بلدان وجنسيات مختلفة يجمعها جامع ما، سواء أكان الجامع سياسياً أم عقائدياً أم قومياً أم.. إلخ، ولكن مجريات الأمور إعلامياً وسياسياً وحتى ثقافياً واجتماعياً، في بعض الحالات، لم تضع ما هو متشابه منها أو ما يستحق المضاهاة في ذاك الموضع ليكون حكم التاريخ على منهج ووفق معيار وأقرب إلى الدقة.. ومن ثم حتى لا يؤخذ على بعض المتسائلين تساؤلهم إذ يتساءلون:" لم النظر إلى هذا نظرة استهجان مستفحلة وهي مما يتصل بما حدث ويحدث حتى في الماضي القريب من أفعال تجمع فئات وتحالف تنظيمات وأشخاص على أسس مقاربة لما هو قائم في مشابهة لما هو قريب الأمد بل وربما مزامن لما يحدث"؟! ولم العجب وتحميل فئات من التنظيمات وزراً ما سبق لغيرها أن حملت مثله ولم ينلها ما ينال فئات بعينها من لوم اليوم، والأمر لم يكن بدعة في الماضي ولا هو كذلك في الحاضر، وليس غريباً أن يتم مثل هذا، ولو كان على ضلال أو بفعل المال وبرأي أصحاب المصالح والفتاوى الكثيرة في بيان ما هو حرام  وما هو حلال؟!

وبعد ما أشرنا إليه من حوادث تاريخية جسام لن نذهب بإشارات إلى أبعد من "أرنستو" تشي غيفارا في أميركا اللاتينية الذي قاتل وأنصاره في بلدان عدة من أميركا اللاتينية لنشر الشيوعية والأفكار " البوليفارية، نسبة لأفكار سيمون بوليفار"، وإلى الحركة الشيوعية التي ناصرت تنظيماتها بعضها بعضاً في القتال من أجل نشر أيديولجيتها بالقوة عبر البلدان والقارات، على مدى نفوذها وامتداده في العالم.. ومثلها فعل الرأسماليون في بلدان عدة من خلال الأجهزة والجيوش؟! وتنادى مناضلون من جميع أنحاء العالم، ممن هم في هذا الاصطفاف أو ذاك للقتال والمناصرة لإسقاط خصومهم وتنادى الخصوم إلى مثل ذلك؟ ولم يكن القوميون العرب والبعثيون والناصريون بمنأى عن الدعوة إلى مثل هذا التناصر، فهم يقولون بتعاون يرقى إلى المشاركة في القتال عندما ينشب في جبهة قطرية من الوطن العربي تطبيقاً للنظرية القومية.. وقد قاتل قوميون من أطياف عدة: سوريون وأردنيون وفلسطينيون ويمنيون ومغاربة في العراق عندما تعرض للعدوان الأميركي، مناصرة لفكر ونظام وكانوا على مشروعية أعلى لأن ذلك ضد عدوان استعماري؟! وكان هذا شأن فصائل الإخوان وما شابههم في تنظيمات الإسلام السياسي حيث عملو ويعملون في جبهة شبه عالمية حيث ينصر بعضهم بعضاً في معركة يرونها عادلة، تدور على الجميع ويهدف الجميع إلى الانتصار فيها.. حدث هذا في الشيشان وأفغانستان والبوسنة.

إن حركات التحرر العابرة للبلدان والأقاليم والقارات، المنظمة على أسس أيديولوجية، والمدعومة من دول بعينها ضد دول بعينها، تدخل في هذه المشاكهة.. وما تم تجييشه وتجنيده لإخراج السوفييت من أفغانستان بمعرفة الولايات المتحدة ثم أصبح إرهاب القاعدة بزعامة أسامة بن لادن ثم الظواهري صناعة أميركية أخذت تقابلها صناعات مشابهة لرد الصاع صاعين.. وعلى من يريد أن يصل إلى استخلاصات علمية يبني عليها خلاصاً بتجرد وإخلاص.. أن ينظر نظرة شاملة ومتوازنة ومسؤولة إلى الأمور كافة بموضوعية ومنهجية ومن دون انحياز أو خبث.. وإلا فهو ينتقل من مواجهة إلى أخرى بتغيير الساحات والأدوات، وهذا لن يحل مشكلة بحجم الإرهاب تحتاج إلى تعاون دولي لوضع حد له، وإلى ثقافة تحول دون انتشاره وانتشار التطرف والتعصب والغلو وأشكال العدوان الوحشي على الحياة.

وما يجري في سورية اليوم له خصوصية حيث تتداخل الأسباب وتتداخل القوى والأهداف والمصالح، ولكم تبقى بعض الملامح الجامعة شبيهة بالتكلاات ذات الأغراض " السياسية ـ الاستعمارية، الديمية ـ المذهبية، الوطنية ـ القومية".. ولكن الشراسة وبعض وجوه الممارسات فريدة، والتقلبات أو تغير الأهداف والعداوات له خصوصية ويشير إلى حروب في حرب، بمعنى كتل ذات مصادر فكرية وأهداف متباينة تتناقض أحيناً في امتدادها بين العلماني المطعم بإلحاد وبين المذهبي المطرف في رؤيته وممارسته الموصلة إلى الوحشية والإرهاب، ويضاف إلى ذلك أمراء الحرب ونتاج الفوضى.. وكل يغذيه مال ويحرضه صاحب غاية وهدف وثأر وموَّال.. ولذا ترى فيما يحدث العجب العجاب والامتداد بين عنف دموية قابيل وشيطانية يهوذا الأسخريوطي؟!..

وبالمقابل فإن الغرب كان يتحرك دولاً وقبل الدول مذاهب وتكتلات عرقية على هذا المنوال في إطار تحالفات أمراء حرب، أو في أحلاف ما بعد الحرب العالمية الثانية أعنى في الحرب الباردة وما تخللها من سخونة يوم كان الصراع بين المعسكر الاشتراكي " الشيوعي" بقيادة الاتحاد السوفييتي وألوية حلف وارسو، وبين الرأسمالية ومعسكرها تحت ألوية حلف شمال الأطلسي المنتفخ اليوم؟! هذه الحالة ليست بدعاً لا على صعيد التكتلات الدولية ولا على صعيد التنظيمات الدولية أو العابرة للبلدان والقارات من جهة مثل الشيوعية في عصرها والرأسمالية ـ الليبرالية في معظم العصور، ولا هي كذلك لدى التنظيمات العقائدية القومية أو الدينية. ومن ثم فإن ما نراه اليوم يشابه من وجوه ما كان بالأمس والأمس القريب.. ويكاد يبطل العجب أو يستفخل إذ الشأن البشري واحد ولا بد أن يكون علاج؟!

أما عن حجم العجب بشأن فرادة هذه الحالة الخاصة، فيمكن تقصيها والتساؤل عن أسبابها: أهو الإغلام وما يستطيعه اليوم جراء انفتاح أبواب السماء الدنيا عليه وعلى أهله/ وهطول سحبها عليهم مدراراً، لأن من يستدرّون تلك السماء الدنيا يصعِّدون " محرَّقاتهم" أموالاً في فضاء الإعلام، فتتنزل ثراء على رؤوس من يقتنون من أعلامه، وتتنزل علينا سيولاً من الآلام.

وحده الإرهاب بالمواصفات التي يمكن أن تكون واحدة وتامة وشاملة هو الذي يستثنى من هذه الفزعات المنظمة، وهناك من يزجّون في خانة من خاناته ويتفلتون من ذلك بذرائع، وهناك من يمارسونه بروح الإرهاب الصرف، وهناك من يُقحمون على صنوفه وهم منه براء لأنهم يقاومون عدواناً واحتلالاً أو يدافعون عن أنفسهم وأرضهم ضد من يستهدفهم في ديارهم، ولهم في ذلك من المسوِّغات الشرعية والتشريعية والقانونية، الوطنية والدولية، ما يجعل من مواقفهم مواقف حق ومن حججهم حججاً ينبغي أن تواجه بالحجج حتى يتبين لهم الرشد من الغي.

هناك رؤية لأصحاب العقائد ومن يختارون العنف ويرفضون أن يسموا إرهابيين على الرغم من تصنيف الآخرين لهم كذلك.. وهؤلاء يمكن مقاربة أفكارهم وتنظيماتهم ومطالبهم، وإذا كانت مما يمكن قبوله أو تعديله ليُقبل فينصف أهله وينتصف المجتمع منهم بالحكمة والعدل فهو السبيل الأمثل.. فلا يمكن لقطاعات كبيرة جداً وواسعة الانتشار وتقف خلف مطالبها حواضن بشرية أن تكون محكومة بالإبادة أو الاجتثاث مع تحقق عدالة وتوازن اجتماع واستقرار مجتمعي دائم.. لذا فإن الحوار المسؤول مفتاح في هذه الحالات.. وقد ينطبق هذا على تنظيمات قومية  وعلى أخرى إسلامية في الوطن العربي وعلى قطاعات بشرية كثيرة.. ومن المفيد فتح قنوات اتصال وحوار مباشر سري أو علني مع هؤلاء من جانب حكومات وأنظمة تحكم تعد نفسها عادلة وموضوعية وتحكم دولاً بديمقراطية وحق المواطنة فيها مكفول للجميع وهي لكل مواطنيها من دون استثناء.

نحن في خضم المحنة، وحيال استمرار الاقتتال بوحشية لتحقيق أهداف غدت متداخلة إلى الحدود التي يغيب فيها العقل والوعي والدين والوطن والغرض ويغيَّب الشعب والرأي معاً.. نحن أمام أسئلة تتكاثف وعلى أبواب " مونترو ثم جنيف" التي تهدف إلى حل سياسي عن طريق الفتاوض أو الحوار.. وحيال تفاقم المعاناة جراء التطرف والتعصب والفتنة المذهبية والإرهاب نقول بأن المعرفة هي مدخل المداخل على المديين القريب والبعيد، لأن لعبة السياسة سوف تستمر على بساط من اللؤم والدم.. والمعرفة التي نتطلع إليها ثقافة مسؤولية على أرضية تعزز مكانة الإيمان والعقل والعلم والمعلومة والمنطق الذي يقود إلى الحكمة وتقود إليه الحكمة.. وفي جميف التي يتهاطل عليها مطر الكلام السياسي ـ الإعلامي تغيب الثقافة وتحضر السياسة، ومن يبيع ويشتري في السوفين لا يحقق خلاصاً ولا يستحق ثقة، ولذا لا بد لنا من التأكيد على أمرين: أمر الثقافة المسؤولة التي تحد من التطرف وتبني الإنسان والمواطن والوطن ومعاني الإيمان والسلوك، وهي التي ينبغي أن تعطى اهتماماً أكبر من السوريين خاصة والمجتمع الدولي عامة لكي نتعامل مع التطرف والتعصب والجهل والفساد، وحتى مع الإرهاب، بالفكر والمعرفة والمنطق أيضاً وقبل كل شيء، لأن لكل الناس إمكانية الإقبال على الحوار إذا توفرت الثقة والرغبة الصادقة في معرفة ما يريدون ومحاججتهم ليصل الجميع إلى ما يصلح الحال ويحقق للناس شروط أمن وسلام وتفاهم.. وصرف مال قليل في هذا يساهم في تخفيف الأعباء المادية والدموية التي يخلفها العنف وما يلجئ الناس إليه.

ولذا فإن الاتفاق في جنيف على التصدي للإرهاب والفكر المتطرف والتعصب بأشكاله بالمعرفة والوعي قاعدة عامة مبدَّاة، والاتفاق الدولي على مقاومة الانحرافات الحادة التي لا ينفع معها الحوار وتتجسد في الإرهاب أمر لا معدى عنه ولا يجوز القفز فوقه، ولن يحسم هذا إلا اتفاق دولي عبر مؤتمر يخصص لتعريف الإرهاب وتحديد مفهومه وصيغ مواجهته دولياً، بناء على دراسات وتقارير ووقائع وأوراق عمل ومستندات منطقية وقانونية وأخلاقية تجعل العالم أمام حالة متفق عليها ومتفق على أساليب مواجهتها، ومن ثم يمكن وضع حد لها.

ولكن الذي رفض ويرفض انعقاد مؤتمر من هذا النوع تحت إشراف الأمم المتحدة واستجابة منها لمبادرات ومقترحات كان منها مقترح سوري في ثمانينات القرن العشرين هو الراعي الأول للإرهاب ومن يمارس إرهاب الدولة أو إرهاب الإمبراطور حسب تعبير تشومسكي، ويحمي دولة الإرهاب إسرائيل، ويدعم الإرهاب في مواقع ويحاربه في مواقع، وفق المصالح والاستراتيجيات والتحالفات.. الذي يفعل ذلك هو الولايات المتحدة الأميركية أولاً ومن يدورون في فلكها إما شركاء وحلفاء وإما أتباع وعملاء وأدوات ولقطاء. وإذا استعرضنا مواقف هذه الدولة على مدى عقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم نجد أنها البؤرة الأشد خطورة وإثارة وتأثيراً في هذا المجال.

سبق وقاربت تعريفاً للإرهاب أراه أرضاً صالحة للحرث فيها، وأعيد تقديمه من باب السعي لتحريك هذا الموضوع باتجاه يصل فيه المجتمع إلى تفاعم وتوازن ومن ثم تعاون واستقرار..

" الإرهاب هو استخدام منظم ومتعمد وغير مسؤول للعنف وأنواع القوة، والتهديد بها والتلويح باستخدامها،ضد دول أو سلطات أو جماعات بشرية أو طوائف أو شخصيات أو مؤسسات أو مصالح، بشكل مباشر أو غير مباشر أو عبر طرف أو أطراف أخرى؛ وإلحاق أضرار مادية بممتلكات ومعنوية بحقوق وجسدية بأشخاص، وإيقاع ضحايا وإحداث جراح وتشوهات، والقيام بتدمير ونشر رعب، وتوظيف الآثار النفسية والروحية والاجتماعية والسياسية الناتجة عن ذلك لتحقيق أهداف سياسية أو مادية والتأثير على قرارات حكومات أو دول أو شخصيات اعتبارية وطبيعية لجعلها تغير مواقفها وتتخذ قرارات تحت التهديد، أو للفت النظر إلى قضايا عامة أو خاصة، داخلية أو خارجية، يراها منفذ الفعل الإرهابي عادلة، وزج قوى وأطراف أخرى فيها لخلق حالة اهتمام سياسي وإعلامي وجماهيري عامة من أجل إيصال رسالة أو الحصول على منفعة أو تحقيق غرض أو القيام بابتزاز من نوع ما ".

والإرهاب السياسي يختلف عن الجريمة المنظمة وعن الجرائم العادية الأخرى التي تنص عليها معظم القوانين وتوصفها وتعاقب عليها.

وقد يكون الإرهاب في إطار صراع بين من هو في السلطة ومن يريد أن يصل إليها في غياب أصول لتداول السلطة بالطرق الديمقراطية أو المشروعة، وقيام حالة من تفشي الظلم وممارسة إرهاب السلطة ضد المحكومين مما لا يجدي معه تنبيه أو رأي أو احتجاج؛ وقد يكون وسيلة من وسائل الأحزاب والتنظيمات التي تقر استخدام العنف وسيلة للوصول إلى السلطة والاستئثار بها لتحقيق مشروع تراه ثورياً وعادلاً يبيح لها استخدام كل الوسائل للوصول إلى ما يحققه.

ويختلف الإرهاب في أمور تسويغه والحكم القانوني والخلُقي على أفعال ونتائج ووسائل تدخل في نطاق ما يستخدمه من أدوات وأساليب عن المقاومة المشروعة والمطلوبة ضد الاحتلال والعدوان، فالإرهاب مدان والمقاومة مباحة شرعاً وقانوناً وعرفاً.. ولذا لا بد من موقف فارق، وقرار واضح، وتصدٍ بكل الوسائل ومنها الكي ، فآخر الطب الكي كما تقول العرب.