تقرير في غزة: التفكير في الإنجاب رهن الظروف الاقتصادية

الساعة 09:29 ص|16 يناير 2014

غزة (خـاص)

لم يُسهم الحصار الذي يخنق قطاع غزة بتغيير أنماط الحياة لدى المواطنين، لتتكيف مع صعوبة الحياة فقط، بل وصل التغيير لحد التفكير في تغيير نظرتهم للمستقبل، وطموحه وأحلامه التي يرغب في تحقيقها.

الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة تتفاقم يوماً بعد يوم، مع استمرار التضييق على معبري رفح جنوب قطاع غزة، ومعبر كرم أبو سالم شمال القطاع، والإغلاق التام للأنفاق، وعدم انتظام صرف رواتب الموظفين،  ليجعل من حياة ما يقارب مليون و 853 ألف نسمة يقطنون القطاع أكثر صعوبة.

الأمر لم يتوقف عند الأحلام والطموحات بل وصل لعدد الأطفال الذي يمكن إنجابه بعد الزواج، حيث بات الكثيرون يرتأون تنظيم الأسرة وعدم تحديدها بسبب صعوبة الحياة الاقتصادية، وعدم قدرتهم على الإنفاق في ظل هذه الظروف.

المواطنة سمر العمدة لم تتوقف عن الجدال مع والدة زوجها حول إنجاب طفل ثالث لها، حيث تطالبها "الحماة" بإنجاب طفل جديد للعائلة، إلى أن "الكنة" ترفض معللة ذلك بأنها وزوجها الموظف على بند البطالة غير قادرين على الإنفاق على طفليهم.

وتشير العمدة في حديث لـ "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، إلى أنها قررت وزوجها عدم إنجاب طفل ثالث في الفترة الحالية، متسائلةً: كيف نقدم على خطوة الإنجاب ونحن لا نستطيع توفير ما يتطلب لهم من مستلزمات الحياة"، وأضافت: الحياة صعبة ومتطلبات الحياة كثيرة.

أما لبنى الأشقر الموظفة في جمعية خيرية، فتوضح أن الحياة أصبحت غالية ومكلفة، والرواتب قليلة وبالكاد هناك عمل للكثير من الرجال، حتى أن بعضهم يرفضون الزواج بسبب المشاكل الاقتصادية.

وحول ما إذا كانت تفكر في وقف الإنجاب قالت في حديث لـ "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"،:" لا أفكر بهذه الطريقة، ولكن تنظيم النسل له أهمية في هذه الفترة، على الأقل لحين تيسير الأمور وتوفير متطلبات الحياة على أمل أن تزول هذه الغمة الاقتصادية.

جدير بالذكر، أن إحصائية لوزارة الداخلية بالحكومة الفلسطينية بغزة، أظهرت انخفاض في عدد المواليد لعام 2013 مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث بلغ عدد المواليد خلال 2012 ما يزيد عن 58420 مولوداً.

وأفادت الإحصائية الصادرة عن الإدارة العامة للأحوال المدنية، أن عدد المواليد الجُدد في قطاع غزة خلال عام المنصرم بلغ ما يزيد عن 55 ألف مولود جديد " منهم 51% ذكور و 49 % إناث " بواقع 150 مولود جديد يومياً.

وقد وصل عدد سكان قطاع غزة في المحافظات الخمس بلغ أكثر من مليون و 853 ألف نسمة 50.67 % ذكور و 49.33 % إناث.

من ناحيتها، أكدت إخصائية الارشاد الأسرى مريم طبيل، أن الحصار الاقتصادي والظروف الصعبة التي يعانيها المواطنون جعلتهم يغيرون من أنماط تفكيرهم وحياتهم، من بينها الإنجاب خاصةً لدى للأزواج الجدد والشباب، الذين باتوا يعتقدون أن الظروف الصعبة لن تمكنهم من الإنفاق على أطفالهم بالشكل المطلوب.

وأضافت طبيل في حديث لـ "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أنها واجهت عدة حالات خلال عملها يرفضون إنجاب أكثر من طفلين بحجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ويختارون المباعدة بين الأطفال، فلا يطلقون العنان للولادات المتكررة.

وأشارت، إلى أن قطاع غزة شهد خلال الفترة الأخيرة حالات انتحار بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وهو أمر جعل البعض يفكر في تقنين مصاريفه، في ظل قلة الوظائف وعدم صرف الرواتب بانتظام، مع غلاء المعيشة.

وبينت طبيل، أن الكثير من الشبان أصبحوا عازفين عن الزواج بسبب تكلفته العالية، وعدم مقدرة الكثير منهم على توفير متطلبات الزواج خاصةً مع ارتفاع المهور ومطالب العروس العالية، وعدم القدرة على التخلي عن مظاهر الأفراح المكلفة.