خبر نسب التصويت ستحدد مقدار شرعية السيسي - هآرتس

الساعة 01:42 م|14 يناير 2014

ترجمة خاصة

نسب التصويت ستحدد مقدار شرعية السيسي - هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: ليس من الصعب تأييد الدستور المصري الجديد ففيه مواد تضمن حرية التعبير وحقوق المواطن، لكن هل يستطيع دستور صاغه جنرال أن ينشيء ديمقراطية؟ - المصدر).

سيُمتحن طارق نور اليوم أهم امتحان في حياته المهنية. نور هو مالك شركة الدعاية الكبرى في مصر التي تحمل اسمه. وقد أصدر في مقابل 3 ملايين دولار حملة دعاية فخمة لم تكن ترمي الى تشجيع الجمهور المصري على إتيان صناديق الاقتراع فقط – التي سيصوتون فيها على صيغة الدستور الجديد – بل على الموافقة عليه ايضا. قبل نحو من شهر قبل أن تتم اجازة صيغة الدستور النهائية، علق نور في شوارع المدن الكبيرة لافتات ضخمة كتب فيها بحروف براقة: "نعم للدستور".

يبدو أن لنور اسبابا تجعله يفترض أن الدستور الجديد لن يعاني المخاض الذي عاناه سابقه الذي صيغ في فترة حكم الاخوان المسلمين. وعرف نور باعتباره مقربا من الحكم العسكري الذي يحكم مصر حتى من فترة ولاية الرئيس حسني مبارك – الذي جعله ينافس في انتخابات 2005 – وباعتباره مديرا للحملة الانتخابية لاحمد شفيق الذي كان مرشح الرئاسة وخسر أمام مرسي بفرق ضئيل – عرف ما يحدث في لجنة صياغة الدستور.

أصبح نور مقتنعا الآن أن الجمهور لن يخيب أمله. فقد قال في مقابلات صحفية مع وسائل اعلام مصرية إنه يتوقع أن يأتي 60 بالمئة من أصحاب حق الاقتراع على الأقل الى صناديق الاقتراع وأن يؤيد الدستور منهم 70 بالمئة على الأقل. وهذه الاعداد ليست عرضية فهي ترمي الى "أن تهزم" نسب التصويت والتأييد في الاستفتاء في الدستور السابق (الذي ألغي). فاز ذلك الدستور في الحقيقة بتأييد 66 بالمئة من الناخبين، لكن 30 بالمئة فقط من أصحاب حق الاقتراع جاؤوا الى صناديق الاقتراع.

وستحدد الاعداد ايضا مبلغ شرعية الدستور الجديد الذي صاغته لجنة الخمسين ممثلا للجمهور الذين يمثلون في الظاهر كل الاوساط ما عدا الاخوان المسلمين الذين ما زالوا يقومون بنضال شارع معترض على الدستور. ومن هنا ايضا يأتي الجهد الضخم للاحزاب ورؤساء النظام الحاكم ليأتوا بأكبر عدد ممكن لصناديق الاقتراع. إن لجان تنظيم خاصة أنشئت في الايام الاخيرة تستعمل شبكة "مشجعين" في أنحاء الدولة. وخرج ممثلون خاصون للحديث الى رؤساء القبائل البدوية في سيناء، ويوزع نشطاء نسخا من الدستور في المناطق الريفية في حملة دعاية تحمل عنوان "إقرأ دستورك"، وفي القاهرة والاسكندرية عقدوا ايام نظر فُسرت فيها مباديء الدستور وأهمية تأييده.

ليس من الصعب تأييد الدستور الجديد فهو يشمل مواد كثيرة تضمن حرية التعبير وحقوق المواطن وترفض كل صورة من صور التعذيب وتبيح انشاء صحف من غير عوائق بيروقراطية كثيرة جدا ويحظر اعتقال صحفيين بسبب التعبير عن الرأي.          وهذا تجديد اذا قيس بالدستور السابق برغم أنه ما زال من الممكن سجن الصحفيين (بحسب القانون) اذا حرضوا على عنف أو تمييز بين المواطنين (لسبب ديني أو عرقي)، أو مسوا بكرامتهم. وإن تفسير هذه المخالفات للقانون متروك للمحاكم في الحقيقة لكن صحفيين مصريين قد جربوا من قبل "تفسيرا" أدى بكثيرين منهم الى السجون.

سيكون للدين بحسب الدستور المكانة السابقة التي كانت له في مصر – وهي نفس المكانة الغامضة التي تأخذ في الحساب حقيقة أن أكثر مواطني مصر مسلمون مؤمنون لكنهم ليسوا بالضرورة متدينين أو متطرفين. وستظل الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسا للتشريع لكن الفقهاء لن يكونوا المسؤولين عن تفسير الشريعة كما قضى دستور الاخوان المسلمين. سيتجه مجلس الشعب وقت الحاجة الى مؤسسة الازهر التي حظيت هي ايضا باستقلال بعد عشرات السنين كانت فيها جزءا من النظام الحاكم، للحصول على تفسيرها.

يحظر الدستور انشاء احزاب تقوم على برنامج ديني، فالدولة التي الشريعة فيها مصدر سلطة التشريع، غير معنية بسياسة دينية لكنها سعيدة لأن الحزب السلفي خصوصا، حزب النور، شارك في صوغ الدستور وسينافس في الانتخابات ايضا. وهذا واحد من التناقضات التي تميز مصر، ويصعب عليهم في الغرب فهمها. ومع ذلك ما زال يوجد عند كثيرين خوف كبير من أن الاخوان المسلمين لم يقولوا الكلمة الاخيرة وأن المعركة التي يجرونها على الثورة التي انقلبت على رؤوسهم ما زالت تنفخ في الجمر الساخن في شوارع القاهرة.

"هذه آخر فرصة لمصر لانشاء ديمقراطية حقيقية"، كتب المحلل ياسين سند في مجلة "الديمقراطية" التي تصدرها "الاهرام"، وهي أكبر مؤسسة اعلامية حكومية في مصر. ولا تقلق السند حقيقة أن مصر يحكمها جنرال وأن الدستور قد صيغ بحسب توجيهاته، بل بالعكس. "إن الجيش هو الذي أسهم بأروع صورة في نجاح ثورة 25 يناير 2011، وحينما شعرت القوات المسلحة أن الدولة على شفا حرب اهلية بعد فشل الاخوان المسلمين، خطت من الفور خطوات استباقية للحفاظ على الامن القومي"، يُبين. ولن يُطلب الى الجمهور أن يؤيد الدستور فقط بل أن يؤيد الاجراء التالي ايضا الذي أصبحت فيه "رئاسة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي حاجة ضرورية"، كما قال السند.

ستكون تلك هي المرحلة التالية في المسار الذي خططه الجيش قبل نصف سنة وبحسبه ستُجرى بعد اجازة الدستور بـ 60 – 90 يوما انتخابات الرئاسة أو مجلس الشعب (لم يحدد الترتيب بعد) وفيها بحسب التقديرات سيطلب السيسي أن يكون رئيس مصر القادم، مصر التي اعتادت منذ 1952 أن يقف الجنرالات على رأس هرم السلطة.