خبر شارون: الاخطاء وراء الاسطورة - اسرائيل اليوم

الساعة 01:37 م|14 يناير 2014

ترجمة خاصة

شارون: الاخطاء وراء الاسطورة - اسرائيل اليوم

بقلم: نداف شرغاي

 (المضمون: اخطأ شارون خطأين قاتلين بضبط النفس عن مواجهة الارهاب الفلسطيني الذي كلف اسرائيل اكثر من ألف قتيل وبانفصاله عن قطاع غزة - المصدر).

الان وقد عاد اريئيل شارون الى تراب ارضه مكللا بتأبينات الحزن والثناء، يبدو انه حان الوقت لنذكر انه لم يضع على جبينه ضماد "فولاذ انتصارات وذهب آمال" فقط كما عرف ذلك الرئيس بيرس، بل فولاذ اخفاقات وذهب اوهام ايضا. اخطأ شارون الذي اشتهر بأنه استراتيجي لامع وقائد عسكري مجيد خطأ شديدا مرتين في اثناء ولايته رئاسة الوزراء، ومن المؤسف ان وداعه المؤلم مصحوب بمحاولة توضيع الحقيقة وإنسائها.

كان شارون هو الذي ابتدع عبارة "ضبط النفس ايضا قوة"، برغم انه عرف افضل من كل انسان آخر ان الارهاب يفسر ضبط النفس بأنه ضعف. وقد سلك ذلك السلوك وبين يديه امواج ارهاب لم يسبق له مثيل جاءت من قبل السلطة الفلسطينية قتل فيها 1115 اسرائيليا. واثبتت عملية السور الواقي الناجحة التي اتجه اليها في 2002 بعد عملية عيد الفصح في نتانيا، اثبتت متأخرة مبلغ دحض فرضه أن "ضبط النفس قوة". وان سؤال لماذا تأخر كثيرا عن الخروج الى العملية، أولم يكن ممكنا منع فقدان مئات الضحايا لو خرج قبل ذلك، سؤال يقتضيه الواقع وسيحاكم بمحكمة التاريخ.

وكان خطأ شارون القاتل الثاني هو الانفصال الذي ناكل ثمراته السيئة الى اليوم، حسبنا ان نستمع لشارون في "خطبته الهادئة" لندرك انه كان واهما هنا ايضا، فشارون يهزأ هناك بكل السوداويين الذين تحدثوا عن انفاق سيستخدمها الارهاب أو صواريخ تقع على اسرائيل. وقد تحقق كل ذلك تقريبا. ولم يحرز الانفصال أي هدف من اهدافه، فقد سيطرت حماس على غزة وطال مدى الصواريخ التي يملكها الارهاب جدا وشل نصف الدولة. وزادت التهديدات لاسرائيل زيادة كبيرة ونال الارهاب الترفيه. وقد تجنب شارون هذه المشاهد ولم يستطع طلب الغفران من رواد غوش قطيف كما اعتاد ان يفعل ذلك على مر السنين كثيرون من شركائه في الطريق.

وكانت صورة تنفيذ الانفصال ايضا غير ديمقراطية ومثيرة للغضب، فقد تحول باني المستوطنات ليصبح مخربها الاكبر وتنكر لوعوده للناخب ولوعده الصريح بالاستجابة لقرار منتسبي الليكود الذين عارضوا اقتلاع غوش قطيف باكثرية كبيرة. بل انه رفض الاتجاه الى الشعب قبل الاقتلاع ربما لانه علم بأنه سيخسر هناك ايضا. فقد أقال شارون وعين وزراء ونواب وزراء بالجملة كي يجند لصفوفه اعضاء كنيست يؤيدون خطته. وبعد ذلك انشأ كديما الذي هو واحد من اكثر الاحزاب فسادا وعفنا في تاريخ اسرائيل، ونقض عرى الليكود. ان من يشيد في هذه الايام بانشاء حزب كديما الذي قدس شارون في اطاره الفكرة وتخلى عن الاطار يعمي عيون الجمهور ويضلله.

ويجب ان يقوم لمحاكمة التاريخ ايضا الزعم الذي ابتدعه عضوا الكنيست السابقان يوسي سريد وتسفي هندل وهو "عمق الاقتلاع كعمق التحقيق". فهذا التفسير لتحول شارون الايديولوجي بعد اشهر معدودة فقط من ايضاحه لمبلغ اهمية غوش قطيف من الناحية الامنية طبع في ثلاثة كتب على الاقل وتبناه بالفعل حتى موشيه يعلون الذي هو وزير الدفاع اليوم في طريقه "طريق طويل قصير". أنكر شارون وابناء عائلته لكن يوئيل ماركوس من صحيفة "هآرتس" وهو الرجل الذي جعله شارون يحظى بالسبق الصحفي الى الكتابة عن الانفصال (2/2/2004)، كان هو ايضا الشخص الذي وقع بعد ذلك بـ 16 شهرا على المقالة الموسومة بعنوان "يمكن ان ينتظر الفساد". وقد كتب يقول: "توجد مرة في كل وقت اجراءات تاريخية مهمة جدا لنا يجب على الدولة ان تحصر عنايتها فيها وفيها فقط وألا تنصرف الى مواضيع اخرى مهما تكن مهمة". وبعد ذلك ببضعة ايام كتبت في الصحيفة نفسها مقالة بعنوان "الفساد لا يمكن ان ينتظر".

اعتقدت آنذاك وما زلت اعتقد اليوم ايضا ان من ظن ان الانفصال خطة رائعة ما كان يحق له تأخير استيضاح الفساد الى أن يتم الانفصال وقبل ان تتضح مسألة مركزية وهي هل ولدت الخطة عن براءة نية واستقامة أم جاءت لباعث غريب مرفوض؟ ان هذه الايام الاخيرة التي يشتغل فيها كثيرون بالانفصال مرة اخرى تلتف على هذه المحطة ايضا لا عن صدق واستقامة.