خبر أين التقدير والاختلاف العميق- اسرائيل اليوم

الساعة 10:39 ص|12 يناير 2014

بقلم: يوسي بيلين

(المضمون: إجلال لشارون برغم اختلاف الكاتب العميق معه - المصدر).

 

حينما كنت ولدا صغيرا كان شارون بالنسبة إلي واحدا من حسان النواصي، وضابطا جليلا وقائد الوحدة 101 التي كان أفرادها بلا عيب يشوبهم وأردنا جميعا أن نشبههم. وحينما كنت فتى صغيرا غضبت لأنه لم يُرفع في الجيش على حسب قدرته، وبعد بضعة اشهر من تجنيدي قفزت فرحا حينما سمعت في الترانزستر أن شارون رُفع الى رتبة لواء وعُين رئيسا ؟؟؟؟

 

وحينما أنهى خدمته العسكرية وانضم الى السياسة أفزعتني آراؤه. وسمعته في حرب يوم الغفران في الشبكات اللاسلكية ولم أصدق ما سمعته أذناي. وحينما أصبح راعيا للمستوطنات صرت أراه خصما ايديولوجيا شديدا. وحينما قاد اسرائيل الى حرب لا داعي لها ومخطئة في لبنان رأيته واحدا من أخطر الاشخاص في القيادة الاسرائيلية.

 

بعد وقت قصير من عزله عن منصب وزير الدفاع وجدت نفسي أمين سر الحكومة التي كان واحدا من وزرائها – كنت وزيرا بلا حقيبة خائب الأمل غاضبا لكنني كنت عضوا في المجلس الوزاري المصغر بين عشرة اعضاء: خمسة من المعراخ وخمسة من

 

الليكود. وكانت عنده رغبة دائمة في أن ينال اعجاب خصومه خاصة. فقد كان يدخل غرفتي في احيان متقاربة قبل جلسة الحكومة ويجلس بجسمه الثقيل على الأريكة ويفرط في العيب على زملائه.

 

كان كل شيء في جلسات الحكومة يبدو له معروفا ومثيرا للسخرية. وكان في احيان كثيرة ينام واعتاد حينما يستيقظ أن ينقل إلي قصاصة فيها حروفه الكبيرة الواضحة: "أقال أحد ما شيئا ما ذكيا حينما كنت نائما؟". وفي جلسات المجلس الوزاري المصغر كان يُكثر طلب خطوات حازمة موجهة على الفلسطينيين. وقد كان يكتب كلامه مسبقا ويقرأه من دفتره البرتقالي، وأحب أن يذكر "أن هذه هي المرة الرابعة والثلاثون التي أثير فيها هذا الموضوع في جلسة المجلس الوزاري المصغر"، وكأنه أعد نفسه مدافعا في محكمة التاريخ الذي ستُجرى بعد ذلك. وكان يدخل علي بعد ذلك ويُبين لي أنه ليس ليكوديا أصلا فهو آخر أتباع مباي، بيد أننا فقط تحركنا الى اليسار.

 

كان تعيينه وزيرا للخارجية مفاجئا ومثيرا للسخرية، فقد كان اشياء كثيرة لكن من المؤكد أنه لم يكن رئيسا للدبلوماسيين. وحينما عاد من المباحثات في واي في 1998 ودعا الى استيطان كل تل وتحت كل شجرة كان في نظري الاسرائيلي القبيح ولم أُخف رأيي.

 

حينما انشأ حكومته توجه إلي دوف فايسغلاس الذي أصبح رئيس ديوان طالبا إلي أن أبقى وزيرا. وشكرته على اقتراحه لكنني قلت إن هاوية تفغر فاها بيننا. وقد رأى شارون أن مبادرة جنيف التي قدناها مع الفلسطينيين في 2003 خيانة، واعترف بعد ذلك لصحيفة "نيويورك تايمز" أنها كانت أحد العوامل التي جعلته يستقر رأيه على الانسحاب من طرف واحد من غزة. وبرغم ذلك وللتمكين من انهاء الاحتلال في

 

القطاع، استقر رأي ميرتس برئاستي على دعم الحكومة التي انشأها مع حزب العمل، فكان يجب أن أقرس جلدي لكي أصدق. في نيسان 2005 التقينا آخر مرة. وحاولت أن أحثه على اجراء الانسحاب من غزة ليكون جزءا من اتفاق مع الرئيس الفلسطيني الجديد محمود عباس، لا خطوة من طرف واحد. وكان ودودا ورقيقا وحينما صاحبني الى الباب قال: "يا يوسي، أنا أُجل جدا جهودك للتوصل الى السلام، لكن يوجد فرق كبير بيننا فأنا لا أثق بالعرب". وسألته: "بالعرب أم بالفلسطينيين؟" فأجاب: "بالعرب". فقد كان على يقين من أنه لا فرق بينهما. وقلت له إن هذا التعميم غير منطقي ولا يلائم رئيس الوزراء فابتسم وامتنع عن مجادلتي. واستمرينا على التصويت بالثقة لحكومته لكن الهاوية ما زالت تفغر فاها.