خبر استطلاع: شعبية الحزب الحاكم في تركيا تتراجع وسط فضيحة فساد

الساعة 06:30 ص|10 يناير 2014

وكالات

أظهر استطلاع للرأي أمس أن شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان تراجعت منذ تفجر فضيحة فساد الشهر الماضي، إلا أنه ما زال متفوقا بشكل مريح على أحزاب المعارضة.

وكشف الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «سونار»، إحدى المؤسسات الرئيسية لاستطلاعات الرأي في تركيا، أن نسبة تأييد الحزب بلغت 42.3 في المائة بانخفاض 2 في المائة عن الاستطلاع السابق الذي أجرته في أغسطس (آب) الماضي، وهو ما يقل كثيرا عن نسبة 50 في المائة التي حصل عليها الحزب في انتخابات عام 2011.

وحصل حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي على 29.8 في المائة وهي أعلى نسبة يحصل عليها الحزب منذ يونيو (حزيران) 2011 طبقا لاستطلاع سونار التي تميل استطلاعاتها إلى وضع نسبة تأييد الحزب الحاكم أقل من النسبة التي يقدرها الحزب، حسب رويترز.

وتمثل فضيحة الفساد التي تفجرت في منتصف ديسمبر كانون الأول الماضي باعتقال رجال أعمال بارزين مقربين من أردوغان وثلاثة من أبناء الوزراء أكبر تحد للحزب الحاكم منذ وصوله للسلطة قبل أكثر من عشر سنوات. وتقول الحكومة إن شعبية حزب العدالة والتنمية لم تتأثر كثيرا سواء بالاحتجاجات التي جرت الصيف الماضي أو بفضيحة الفساد. وقال نائب رئيس الوزراء بولنت أرينغ الأسبوع الماضي إن أربعة استطلاعات رأي أجريت بناء على طلب الحكومة، أظهرت أن الحزب يتمتع بتأييد 52 في المائة من أبناء الشعب التركي.

وأقالت الحكومة التركية نائب قائد قوة الشرطة الوطنية وهو أكبر ضابط يتم إبعاده في إطار حركة تطهير في صفوف الشرطة التي ترى السلطات أنها متأثرة بقوة بآراء رجل دين يتهمه رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان بالتآمر للسيطرة على مفاصل الدولة. وأرسل حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه إردوغان مقترحات إلى البرلمان تهدف إلى منح حكومته مزيدا من الصلاحيات في تعيين القضاة وممثلي الادعاء.

ويقول إردوغان إن القضاء والشرطة خاضعان لنفوذ حركة «خدمة» التي يتزعمها رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، وأنهما دبرا لفتح تحقيقات فساد تعصف الآن بحكومته.

وذكرت الشرطة التركية على موقعها على الإنترنت أن نائب قائد الشرطة الوطنية معمر بوجاك وقادة في أجهزة الشرطة المحلية من بينهم قائدا شرطة أنقرة وأزمير أبعدوا من مناصبهم الليلة قبل الماضية. وأبعدت الحكومة المئات من رجال الشرطة عن مناصبهم ومن بينهم قادة كبار منذ الكشف عن فضيحة الفساد يوم 17 من ديسمبر (كانون الأول) واحتجاز العشرات ومنهم رجال أعمال مقربون من الحكومة وأبناء ثلاثة وزراء. وذكرت وسائل إعلام أنه تم استجواب العشرات وأفرج عن غالبيتهم، وظل في الحجز 24 شخصا من بينهم ابنا وزيرين.

وهزت الفضيحة ثقة المستثمرين في تركيا قبل إجراء انتخابات محلية هذا العام، وزادت القلق بشأن تراجع استقلال القضاء، وهو أمر قد يضر على المدى البعيد بمحاولة أنقرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية عندما سئل في بروكسل عن هذه القضية «نحث تركيا كدولة مرشحة ملتزمة بالمعايير السياسية للانضمام على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان أن تُعالج مزاعم الفساد دونما إجحاف».

ولم تعلن تفاصيل الاتهامات، لكن تقارير صحافية تركية ذكرت نقلا عن وثائق النيابة العامة إنها تتعلق بفساد في مشاريع عقارية وتجارة الذهب مع إيران. وكشفت القضية عن صدع عميق في المؤسسة السياسية، وأضرت بثقة الأسواق ودفعت الليرة التركية إلى مستويات متدنية. وحذرت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني من أن «الضغوط على النزاهة المؤسسية» من بين العوامل التي قد تضعف التصنيف الائتماني لتركيا. وقالت وكالة «موديز» التي رفعت تصنيفها الائتماني لتركيا إلى درجة الاستثمار في مايو (أيار) الماضي إن المخاطر السياسية المحلية أخذت في الاعتبار بالفعل في تصنيفها، وهو ما يشير إلى أنها لا تعتزم القيام بتغيير وشيك.

واستمرار حالة عدم اليقين أو عدم الاستقرار في تركيا قد يشكل خطورة في المنطقة التي وسعت فيها أنقرة نفوذها تحت حكم إردوغان. ولتركيا حدود مع العراق وإيران وسوريا وتستضيف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.

ووصف إردوغان التحقيقات التي تشكل أكبر خطر على حكمه الممتد منذ 11 عاما بأنها «انقلاب قضائي» تدعمه قوى خارجية. ويقول حلفاء رئيس الوزراء التركي إن تلك الاتهامات مختلقة.

وقال زكريا أوز، وهو ممثل ادعاء في اسطنبول قاد القضية في البداية لكن أعيد تكليفه، إنه تعرض لتهديد غير مباشر من إردوغان من خلال شخصين التقى بهما في فندق في إقليم بورصة. وقال انهما طلبا منه وقف التحقيق.

وقال أوز في بيان نقلته وسائل الإعلام المحلية «قال الرجلان إن رئيس الوزراء غاضب مني، وعلي أن أكتب له رسالة للاعتذار». وقالا إن التحقيقات ضد الحكومة ينبغي أن تتوقف على الفور وإلا فسأتعرض للأذى، وستكون هناك عواقب وخيمة علي». ونفت مصادر بمكتب إردوغان بيان أوز وقالت إن رئيس الوزراء لم يرسل أحدا لمقابلة ممثل الادعاء.

وكشفت فضيحة الفساد الخلاف الممتد بين إردوغان وحركة خدمة التي تمارس نفوذها من خلال شبكة اتصالات مبنية على رعاية المدارس وغيرها من المنظمات الاجتماعية والإعلامية. ويتبادل الاثنان اتهامات التلاعب بالشرطة والقضاء وتهديد الاستقرار. ونفى غولن أي دور له في تحقيقات الفساد التي تكشفت قبل ثلاثة أشهر من انتخابات محلية ستكون اختبارا لشعبية إردوغان.

ويقترح مشروع القانون الذي أعده الحزب الحاكم وأرسل إلى البرلمان ونشر على الموقع الرسمي للمجلس على الإنترنت إجراء تغييرات في هيكل المجلس الأعلى للقضاة وممثلي الادعاء وهو الجهة المسؤولة عن التعيينات في الهيئات القضائية. ويوجه أردوغان انتقادات للمجلس منذ الإعلان عن فضيحة الفساد الشهر الماضي.

ويسمح القانون المقترح بانتخاب وكيل وزارة العدل رئيسا للمجلس، وهو ما سيزيد من سيطرة الحكومة على اختيار القضاة. وقال مصطفى سنتوب، نائب رئيس الحزب الحاكم، إن الهدف من مشروع القانون المقترح هو وقف «الهيكل الموازي» وهو التعبير الذي يستخدمه أنصار أردوغان في الإشارة إلى حركة خدمة. وقال لـ«رويترز»: «نهدف إلى ضمان استقلال وحياد القضاء ومنع هيكل مواز يتشكل داخل المجلس الأعلى للقضاة وممثلي الادعاء من تحقيق أهداف سياسية من خلال القضاء.. هذه ليست محاولة للتدخل ضد سلطة قضائية مستقلة»، لكن الخلاف يضر بالثقة في المؤسسات في تركيا.

وقال تيموثي اش، رئيس الأسواق الناشئة في بنك «ستاندرد»: «كل هذا سيكون عائقا للاستثمار والنمو والتنمية وفي الوقت نفسه سيؤثر على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي»، وأضاف «هذه منحة لخصوم تركيا ومنتقديها في أوروبا»