خبر الوصفة لانتحار وطني- معاريف

الساعة 10:16 ص|09 يناير 2014

بقلم: بن درور يميني

(المضمون: يوجد حل انساني لمسألة المتسللين: خليط من العمل والتشجيع المعتدل على الهجرة المضادة. كله على أن يتغير الطابع اليهودي لاسرائيل كدولة قومية لليهود - المصدر).

 

النظام المثالي لاحتجاج الايام الاخيرة لا يمكنه أن يخفي حقيقة أن شيئا أكثر عمقا بكثير يجري تحت السطح. فالحديث يدور عن صراع على الفكرة الأساس لدولة اسرائيل، وهناك من يريد أن يحقق هذه الفكرة. حتى الآن لم يكن عنف، على الأقل على الملأ، ولكن لا حاجة الى الأوهام. فخلف الكواليس يجري شيء آخر. عامل ما جاء أول أمس الى العمل، وكسر الاضراب، تعرض لضرب مبرح من مجموعة منظمة جدا من عشرة آخرين. وفهم الآخرون الاشارة. العنف انتصر.

 

والاسوأ من ذلك: المتسللون لا يقفون خلف الاحتجاج. بل هؤلاء هم نشطاء الجهات التي تمول من اوروبا. فقد ورطوا اسرائيل في الوسط البدوي. وهم يحاولون أن يورطوا الآن اسرائيل في وسط المتسللين. ليس مهما أنه في معظم الدول الغربية يوجد ألف طريق وطريق لمواجهة المشكلة، وهذا يتضمن اعادة السفن المحملة، مثلما حصل قبل يومين فقط في استراليا. المهم هو، كما هو الحال دوما، أن هذه الجهات تبذل كل جهد مستطاع كي تعرض اسرائيل كوحش. لاعتبارات انسانية بالطبع. أما المتسللون أنفسهم فبعيدون عن العداء تجاه دولة اسرائيل وتجاه المجتمع الاسرائيلي. في احدى بؤر العمل الخاصة بهم في تل ابيب، في سوق الكرمل، ينالون معاملة انسانية. ولكن نشطاء المنظمات يزجون أنوفهم. وهم سيحرصون على تغيير الصورة.

 

المتسللون، في معظمهم ليسوا لاجئين. فهم مهاجرو عمل. وهم يحظون بالحماية الجماعية، لأنه لا يمكن اعادتهم بشكل منظم. ولكن هذا لا يعني أن الدولة لا يحق لها أن تمارس الضغط المعتدل كي يغادروا طوعا الى الدول التي جاءوا منها، أو الى دول اخرى. وقد بدأ هذا يحصل برذاذ بدأ يتعاظم. ولكن المنظمات تزج الأنف. وهي ستحرص على تغيير الصورة.

 

جديرون بمعاملة انسانية

 

المتسللون جديرون بمعاملة انسانية. على هذا لا ينبغي أن يكون أي جدال. فحقيقة أن الحديث يدور عن مهاجري عمل أو أن دخولهم الجماعي الى اسرائيل هو قصور متواصل، لا ينبغي أن تمس بحقوقهم الانسانية. وعليه فثمة حاجة الى ايجاد التوازن السليم بين الحفاظ على المعاملة الانسانية وبين التشجيع على المغادرة الطوعية. ولما كانوا على أي حال يعملون، ولما كانت منشأة المكوث، حتى في استيعابها المستقبلي الكامل، سيبقي أكثر من 90 بالمئة منهم في الخارج، ينبغي أن يتاح لهم نيل الرزق بأنفسهم. فسوق العمل يمكنه أن يستوعبهم. ولكن توجد حاجة الى اضافة صغيرة: بين الثلث والنصف من الأجر ينتقل الى صندوق خاص، يوضع تحت تصرفهم في يوم المغادرة. وكل الآليات التي تعمل اليوم يمكن أن توجه في هذا الاتجاه. لا حاجة الى قوى بشرية اخرى.

 

إن خليط الضغط الداخلي والخارجي مع الخوف من العنف الجماعي بات معروفا لاسرائيل من السياق الفلسطيني ومن السياق البدوي. هذا الخليط يترافق وصراخ المنظمات ووسائل الاعلام العاطفة، والتي تمنح منذ الآن المبررات للعنف الذي سيأتي. فكل ما كُتب في السياقات السابقة سيُكتب ايضا في سياق الاجانب، مع بعض التكيف اللازم. ومرة اخرى هذه ستكون الدولة العنصرية. ومرة اخرى هذه ستكون الحكومة الظالمة. ومرة اخرى هؤلاء سيكونون اليهود الذين يفعلون بالآخرين ما فعله الآخرون بهم ذات مرة.

 

وهكذا فقد حان الوقت لأن تستبق حكومة اسرائيل الوباء بالعلاج. يوجد حل. يوجد سبيل للسماح لهم بعيش انساني وتشجيعهم على المغادرة الطوعية في نفس الوقت. سبيل يتضمن ايضا معاملة انسانية وفي نفس الوقت حماية فقراء مدننا. لا حل من اليوم الى الغد. ولكن يوجد حل لسنتين وثلاث سنوات اخرى. المتسللون يجب

 

تحويلهم الى عمال اجانب. والمال يتراكم في الصندوق الذي يوضع تحت تصرفهم. المبلغ المتراكم سيغريهم. وسيحرصون على أن يجدوا بلادا جديدة، في اوروبا أو في افريقيا.

 

كي نفهم جوهر المعضلة يجب أن نوضح النقطة الحساسة: لماذا على الاطلاق دفعهم الى الخارج؟ فالحديث يدور عن عدد صغير، كما يدعي نشطاء المنظمات، وهم لا يهددون الميزان الديمغرافي. وهكذا ينبغي أن نذكر شيئا ما: هذه المنظمات وهؤلاء النشطاء وهذه الدوائر تنتمي بالضبط لذات القسم من السكان الذين عارضوا قانون المواطنة. في حينه ايضا قالوا: لا يدور الحديث إلا عن عشرات آلاف الفلسطينيين، ممن سيُجرون جمع شمل للعائلات، فلماذا الفزع. ولكن الحديث يدور عن عشرات آلاف وعشرات آلاف اخرى ممن سيأتي في أعقابهم عشرات آلاف اخرى، سيصبحون معا مئات الآلاف.

 

اسرائيل هي دولة قومية. ليست دولة هجرة. اسرائيل تشبه تشيكيا، سلوفاكيا، كرواتيا، ارمينيا وعدة عشرات الدول الاخرى أكثر من أي شيء آخر. اسرائيل ليست كندا ولا الولايات المتحدة اللتين نشأتا كدولتي هجرة، رغم أنهما هما ايضا تقيدان الهجرة. في الظروف الجغرافية – السياسية للمنطقة التي تعيشها اسرائيل – فان فقدان الاغلبية اليهودية هو وصفة للانتحار الوطني. هذه المصيبة يريد نشطاء المنظمات أن يطعموها لنا بملاعق صغيرة. واحيانا بالخطأ. واحيانا بنية مبيتة. هذه المصيبة واجبة المنع. هكذا فان الرغبة في الحفاظ على اغلبية ملموسة ليست نتيجة أي عنصرية. إنها نتيجة حق الهجرة الذاتية للاغلبية اليهودية. وهي نتيجة الرغبة في العيش. اغلبية مطلقة من هذه الاغلبية تريد أن تبقى اغلبية. وهذا ايضا حق أساس لا يحق لأي أقلية ما بعد أو مناهضة للصهيونية أن تسحقه.