خبر لعبة القمار لطهران- معاريف

الساعة 10:15 ص|09 يناير 2014

بقلم: دافيد شاين

(المضمون: ايران بالذات المتورطة في معظم النزاعات الدموية في المنطقة، تبيع للعالم الوهم بأنها هي الدولة التي ستسوي معه هذه النزاعات - المصدر).

 

الابتسامة لا يمكن أن تنزل وجوه الايرانيين. فبعد نجاح بلادهم وروسيا في بلورة الاتفاق لنزع السلاح الكيميائي السوري، والذي منع هجوما عسكريا امريكيا وفرنسيا ضد نظام بشار الاسد، والتوصل الى اتفاق مرحلي في جنيف بالنسبة لمشروعهم النووي، يشعر الايرانيون بأنهم يوجدون على الموجة الدبلوماسية. وباتت ايران تلعب الآن في ملعب الكبار. ويوجد الزخم في جانبهم، وهم يريدون أن يستمدوا منه الحد الاقصى لتعزيز مكانتهم في الساحة الاقليمية والدولية.

 

في سوريا تدور رحى حرب اهلية مضرجة بالدماء، وانعقاد الاطراف المقاتلة فيما يسمى بمؤتمر جنيف 2 هو مدخل للوهم في أنه سيكون ممكنا الوصول الى اتفاق بين الاطراف، ولكن الايرانيين لا يفوتون أي فرصة. فهم يريدون بكل قوتهم المشاركة في هذا المؤتمر. لوزير الخارجية الايراني، جواد ظريف، ذكريات طيبة من المكان. صورته مع نظيره الامريكي جون كيري وهما يجلسان حول طاولة واحدة مؤطرة ومعلقة على حائط مكتبه.

 

بشكل مبدئي فان الدول الغربية غير معنية بحضور ايراني في جنيف. ولكن كيري من جهته لا يستبعد تماما امكانية لقاء آخر مع المندوبين الامريكيين. ومؤخرا تحدث وزير الخارجية الامريكي في الموضوع وقال: "يمكن لايران أن تساعد في حل النزاع في سوريا". فرد عليه ظريف أمس، في اثناء لقائه مع نائب وزير الخارجية السوري فقال: "واضح للجميع بأن لايران قدرة تأثير في سوريا"، وأضاف: "ولكننا لن نوافق على أي شروط مسبقة لمشاركتنا في المؤتمر". شروط مسبقة لا، ألعاب مسبقة نعم.

 

ومثل ذلك في العراق ايضا، فالعنف بين قوات الجيش ومليشيات القاعدة، فتح كوة لتعزيز المصلحة الايرانية. مسؤول كبير في الحرس الثوري، محمد حجازي، اقترح هذا الاسبوع "بسخائه" الكثير من العتاد والمشورة العسكرية للحكومة العراقية. وبوقاحته اشار حجازي الى أن ايران قلقة من المليشيات في العراق التي أقامتها ايران نفسها وعززتها منذ اجتياح الولايات المتحدة للعراق في العام 2003. ولكن ما دمره

 

الايرانيون، هم وحدهم يمكنهم أن يصلحوه. كيف يصلحوه؟ بشكل لا تتضرر فيه المصلحة الايرانية الاقليمية.

 

إن سياسة الابتسامات للرئيس حسن روحاني سارية المفعول ليس فقط تجاه الغرب بل وايضا تجاه الشرق الاوسط. فعلى مدى السنين أقامت ايران من خلال قوة القدس التابعة للحرس الثوري فيالق في لبنان، في سوريا، في العراق، في افغانستان وغيرها، بهدف ضعضعة استقرار الانظمة المخاصمة لها ونشر قيم الثورة الى دول المنطقة. واليوم يحاول روحاني بابتسامته أن يطوي في النسيان حقيقة أن الايرانيين يوجدون ماديا في مناطق النزاع، بما في ذلك كما أسلفنا، في سوريا وفي العراق، بل ويشاركون مشاركة فاعلة في المعارك بين الاطراف.

 

في مفارقات الساحة الدولية، ايران، التي تشكل في الايام العادية التهديد الأكبر على الاستقرار في الشرق الاوسط، فانها هي التي تحاول أن تكون الدولة المسؤولية التي تدير وتسوي النزاعات في المنطقة. بيد واحدة تهز المنطقة، وبيد اخرى تحاول تثبيت استقرارها، ومثل اللاعب الذي يمسك بالاوراق غير الجيدة في يده ويفكر كيف يسرق الاوراق الافضل في المرة التالية قبل أن يوزعها مرة اخرى، هكذا تعمل ايران في الشرق الاوسط. تسرق وتوزع من جديد.

 

* * *