خبر الفشل يلف مشروع كيري وإن وقع اتفاقا.. مصطفى الصواف

الساعة 09:10 ص|06 يناير 2014


حراك سياسي أمريكي يجري على قدم وساق في منطقتنا ومحيطنا يستهدف حقوقنا وقضيتنا وتواجدنا على الأرض، هذا الحراك الذي يقوده وزير الخارجية الأمريكية جون كيري من خلال زياراته المكوكية للمنطقة واللقاء بالقادة السياسيين سواء الفلسطينيين أو الصهاينة يهدف بالأساس لخدمة المصالح الأمريكية لأن أمريكا بعد نجاحها في الملف الإيراني والذي له ارتباط وثيق في المنطقة الإقليمية، وبقي الملف الفلسطيني الذي شكل أرقا وشغل الإدارات الأمريكية المختلفة دون أن يكون هناك حل يحفظ ماء الوجه لأمريكا وليس بهدف التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية.

أمريكا تريد أن لا تظهر بعد كل هذا الجهد أنها فشلت في إنهاء الملف الفلسطيني بتحقيق نجاح عبر ما يسمى بتسوية سياسية متوافق عليها فلسطينيا وصهيونيا، وحتى اللحظة لم تنجح أي إدارة أمريكية بالتوصل إلى هذا الحل والسبب واضح وهو أن أمريكا في تحركاتها تحمل بذور الفشل تزرعها قبل وصولها إلى المنطقة وعند الحصاد تحصد فشلا وذلك أنها تتبنى وجهة النظر الصهيونية في الحل غير مكترثة بالشعب الفلسطيني الطرف الأهم في المعادلة، هذا الشعب الذي اغتصبت أرضه وطرد منها بغير وجه حق ويراد منه أن يتنازل عن حقه في أرضه وعودته وأن يبقى يعيش تحت حكم المغتصب وإن جرى الحديث عن دولة أو سلطة منزوعة السيادة ولا قيمة لها لأنها فاقدة الإرادة تتحرك وفق رغبة الاحتلال ومن تحت أوامره ولا تملك حدودا أو جنودا أو سيادة.

الانحياز الأمريكي لوجهة نظر الصهاينة هو الذي يفشل كل تحركات الإدارات الأمريكية واليوم كيري يتحرك ويفاوض نيابة عن الاحتلال لأن من يتبنى وجهة نظر نتنياهو في كل ما يتعلق باتفاق الإطار الجاري الحديث عنه عبر وسائل الإعلام الصهيونية التي تضع جمهورها بكل ما يجري على الأرض وما يدور من أفكار بينما الجانب الفلسطيني مجهل ولا يعلم ما يجري وكل ما يصله هو معلومات صهيونية منفية من المفاوض الفلسطيني ولكنها بعد فترة من الزمن تجد طريقها على الأرض واقعا ممارسا وموافقا عليه من قبل السلطة أو تكون مجبرة على التعامل معه لأنه لا يوجد لها خيار أو مقدرة على الرفض.

ما يجري اليوم يسير على نفس الخطى التي سارت عليها الإدارات الأمريكية والجهة والوحيدة المبتزة والمراد لها أن تقدم تنازلات هي الجهة الفلسطينية لأنها الجهة الأضعف ولأنها الخصم سواء لأمريكا أو للاحتلال، وضعف السلطة ناتج من اعتبارات كثيرة عل أكثره هو التوجه للمفاوضات بشكل فردي بعيدا عن الإجماع الوطني والتسلح بوحدة الصف الفلسطيني وهذا أخطر ما يواجه هذه السلطة الضاربة بعض الحائط موقف الشعب الفلسطيني قبل موقف القوى الفلسطينية الرافضة لهذه المفاوضات، هذا الرفض للمفاوضات يعني الرفض لأي اتفاق إطار أو مبادئ أو حل نهائي سيؤدي بالنهاية إلى رفض مشاريع التصفية للقضية وإن وقعها محمود عباس كما جرى في اتفاق أوسلو.

أمريكا التي وضعوا في يدها 99% من أوراق الحل لن تبتعد عن الانحياز للاحتلال وعن مشروعه الهادف إلى السيطرة على فلسطين أرضا وشعبا وتسخير كل ذلك خدمة لمصالحها المختلفة وعلى رأسها الأمنية و الاقتصادية، لذلك ما تطرحه أو تسربه بعض وسائل الإعلام الصهيونية من خطة أمريكية تشتمل على نقاط تسعة لاتفاق الإطار وإن كانت غير مؤكدة من أي طرق فهي ليست من فراغ، هذا الاتفاق الذي يحمل مشروع نتنياهو سواء بيهودية الدولة أو بفكرة تبادل الأراضي بما يخدم مصالح الاحتلال وبما مساحته 9% أقل قليلا أو أكثر قليلا وما يجري الحديث عن فكرة نقل المثلث الفلسطيني إلى السلطة مقابل بقاء الكتل الاستيطانية الكبرى التي تقطع الضفة الغربية يهدف إلى التخلص من ما يسميه الصهاينة القنبلة الديمغرافية تمهيدا للوصول إلى يهودية الدولة دون أن يكون هناك إعلان أو قبول بالإعلان، ثم السيطرة على غور الأردن لتكون ما تسمى بالدولة الفلسطينية محصورة بين فرقتين من جيش الاحتلال الأولى على حدود فلسطين مع الأردن والثانية على الخط الفاصل بين الضفة الغربية بعد التعديلات والتبادلات للأراضي وبين فلسطين المحتلة من عام 48.

ألا تعلم أمريكا والاحتلال وحتى المفاوض الفلسطيني الذي لن يجد أمامه من مفر إلا التوقيع إذا استمر في نهجه، أن مثل هذا الاتفاق سيكون اتفاقا فاشلا ولن يحقق استقرارا أو تصفية للقضية الفلسطينية، وأن الأمور وإن هدأت لبضع سنوات بفعل القوة أو الإغراءات ستعود مرة أخرى للانفجار من جديد وربما بشكل أعنف وأشد.

ستفشل كل مشاريع التصفية ما بقي الشعب الفلسطيني متمسكا بحقوقه وعلى كل المعارضين والرافضين أن يقوموا بعملية توعية للمواطنين بمخاطر ما يجري وان يعملوا بكل الأدوات المتوفرة لديهم على إفشال هذا المشروع الكارثي والمدمر للحقوق والقضية وان يحاولوا دون أن يكون واقعا على الأرض.