خبر عشرات المهن والأعمال الصغيرة تتهاوى بغزة

الساعة 06:50 ص|06 يناير 2014

وكالات

لا تقف أضرار إغلاق أنفاق التهريب عند حدود وقف التهريب بين مصر وقطاع غزة، وفقد آلاف العمال فرص أعمالهم، وانعدام وشح قائمة طويلة من السلع، إذ اتسعت مؤخرا دائرة الأضرار لتطال مهنا وحرفا صغيرة لجأ إليها مئات الشبان على هامش العمل في الأنفاق، في محاولة لتوفير دخول مادية متفاوتة.

ومن أبرز المهن الهامشية المتضررة جمع الحصمة والخردة، بعد أن أجبر عشرات ممن كانوا يعملون فيها على التوقف عن العمل لارتباطها بعمل الأنفاق.

ويقول الشاب أحمد عبد الله، إنه كان يجمع الخردة خاصة الحديد ومعادن أخرى لبيعها إلى مصنع يعيد فرزها ومن ثم ضغطها "كبسها" ليتم لاحقا إرسالها إلى مصر عبر نفق متخصص، حيث تتولى مصانع متخصصة هناك إعادة تصنيع كل فئة على حدة، ضمن ما بات يعرف بـ "تدوير وإعادة استخدام المخلفات".

ولفت عبد الله إلى أن مهنته التي بدأ العمل فيها قبل عامين في أعقاب تمكنه من شراء دراجة "توك توك" كانت تدر عليه دخلا جيدا يكفيه وعائلته، إلى أن أغلقت الأنفاق، ولم يعد بالإمكان إرسال الخردة إلى مصر في ظل غياب مصانع محلية قادرة على استيعابها، مشيرا إلى أن الطلب على "الخردة" بات محدودا جدا، كما أن المصانع إما تحجم عن شرائها أو تشتريها بأسعار زهيدة، وبات العاملون فيها لا يغطون تكاليف الوقود الذي يحرقونه خلال تجوالهم في الشوارع.

وبدا حال الشاب محمد أبو جزر في أوائل العشرينات من عمره مشابها لسلفه، بعد أن فقد بدوره مصدر رزقه إثر إغلاق الأنفاق وتوقف حركة البضائع عبر المنطقة الحدودية.

وقال أبو جزر، ويمتلك عربة كارو يجرها حيوان، إنه كان يتوجه بالعربة في صباح كل يوم إلى منطقة الأنفاق مصطحبا معدات يدوية بسيطة ليقوم بجمع الحصمة المتساقطة من الشاحنات والمتناثرة في كل مكان هناك.

ولفت إلى أنه حتى لو تمكن من جلب الحصمة من الحدود فلن يستطيع بيعها، كونها سلعة تحاج إلى الاسمنت لتدخل في عملية البناء، منوها إلى أن الأسمنت شبه مفقود من الأسواق.

وأضاف أبو جزر أن إغلاق الأنفاق كان بمثابة كارثة عليه وعلى أفراد عائلته، فوالده كان يعمل تاجرا للأغنام ويجلبها عبر الأنفاق، بينما كان شقيقه عاملا في نفق، وجميعهم فقدوا مصادر دخلهم بعد ما حدث على الحدود.

وبرزت مؤخرا مهنة جديدة تتمثل في قيام عشرات الشبان بتحويل منازلهم إلى مزارع صغيرة لتفريخ وإنتاج طيور الزينة خاصة من نوع "كناري" وفنكر"، التي كانت تباع إلى تجار يقومون بتجميعها وإرسالها وبيعها لتجار في مصر، يقومون بدورهم بتصديرها إلى دول مجاورة مثل ليبيا.

وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار الطيور المنتجة بعد أن وجدت سوقا لها، ما دفع بعشرات من الشبان العاطلين عن العمل خاصة ممن يمتلكون بعض الخبرة في هذا المجال إلى تحويل الهواية إلى حرفة تدر عليهم مالا.

ويقول الشاب رامي يوسف إنه أقام مزرعة صغيرة لإنتاج عصافير "الفنكر" وتفريخ "الكناري"، وكان يجمع الإنتاج ويتوجه إلى محال متخصصة تقوم بشرائه ومن ثم بيعه للتجار.

ولفت إلى أنه استطاع في العام المنصرم بيع طيور بمبالغ جيدة أسهمت في تحسن أوضاعه، لكنه يواجه منذ إغلاق الأنفاق صعوبة في تسويق ما ينتجه من طيور، خاصة أن أسعارها انخفضت بصورة كبيرة.

وأوضح يوسف أن ثمن الزوج من عصفور الفنكر انخفض من 20 شيكلا إلى أقل من خمسة شواكل، بينما شهدت أسعار عصفور الكناري انخفاضا ملحوظا ولكن ليس بمستوى الفنكر، متوقعا أن تواصل أسعار طيور الزينة انخفاضها في حال لم يتم إيجاد أسواق لها.

تجار صغار

وبعد اتساع نطاق عمل الأنفاق اتسعت الدائرة ليتم جلب أصناف جديدة ومتعددة من السلع، وبدأ مواطنون يمتلكون رؤوس أموال متواضعة العمل كتجار، يتنقلون بين الأسواق بحثا عن السلع الرخيصة ليقوموا بشرائها ومن ثم بيعها إلى محال أو إضافتها إلى بسطاتهم الثابتة والمتنقلة.

 

ويقول الشاب خالد عيسى وكان يعمل كتاجر متنقل بين الأسواق، إن مهنته تكاد تكون قد انتهت، ولم يعد هناك سلع يمكن شراؤها وبيعها، خاصة أن البضائع التي تصل من خلال معبر كرم أبو سالم لها وكالات وتجار رسميون وتباع عبر قنوات معروفة، بخلاف البضائع التي كانت تصل من خلال الأنفاق بصورة غير منتظمة، وتصل الأسواق من قبل العديد من التجار.

ولفت إلى أن الغش بات يتسيد الأسواق بعد قيام البعض بوضع ملصقات وعبوات تشير إلى محتوى سلع تم تصنيعها محليا على أنها مصرية المنشأ، مثل مساحيق الغسيل والجلي، ما أسهم في سرعة القضاء على تلك المهنة التي لن تعود إلا بعودة الأنفاق مجددا للعمل.

يذكر أن أكثر من ألفي نفق كانت تنتشر على طول الحدود المصرية الفلسطينية جنوب مدينة رفح، يتم من خلالها تهريب عشرات الأصناف من السلع بدءا من الثلاجات والمركبات مرورا بالأسمنت ومواد البناء والوقود السائل، وليس انتهاء بأصغر السلع مثل المكسرات والمسليات والمواد الغذائية.

صحيفة الايام