ظروف المفاوضات الحالية تشبه ما مرت به

تحليل ولادة اتفاق إطار خلال شهرين أشد قسوة من أوسلو

الساعة 06:39 م|04 يناير 2014

غزة


ما بين نفي السلطة الفلسطينية وفريق المفاوضات الذي يرأسه د. صائب عريقات، ونظيره "الإسرائيلي" برئاسة تسيفي ليفني حول وجود أي تقدم في عملية المفاوضات، وعلى العكس من ذلك يؤكد الوسيط الأمريكي وزير الخارجية جون كيري بوجود تقدم في هذه المفاوضات، يتبادر للأذهان ظروف المفاوضات التي جرت في أعقاب مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، حينما كان د. حيدر عبد الشافي رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض يفاوض من جهته للتوصل لحل مع الجانب "الإسرائيلي"، ليتفاجأ بولادة اتفاق من قناة سرية عام 1993 هو اتفاق أوسلو.

محللون سياسيون أجمعوا لـ "فلسطين اليوم" على أن الظروف الجارية حالياً تشبه ما جرى عام 1993 من حيث الظروف، ولايستبعدون ولادة اتفاق يختلف من حيث المضمون عن اتفاق (أوسلو93). لأنه سيتناول قضايا جوهرية لم يتضمنها اتفاق "أوسلو"، كقضية اللاجئين، ويهودية الدولة، وتبادل الأراضي وغيرها من القضايا الجوهرية.

ظروف المفاوضات الحالية تشبه ما مرت به تجربة "أوسلو"

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، أن ظروف المفاوضات الحالية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تشبه ما جرى عام 1993 عندما جاء اتفاق أوسلو على ظهر حوارات مدريد التي كان يقودها د. حيدر عبد الشافي. وبالتالي هناك كثير من القلق حول إمكانية أن تكون هناك صفقة ما من وراء ذلك خاصة وأن الجانب الأمريكي يؤكد وجود تقدم في هذه المفاوضات على خلاف الجانبين الفلسطيني و"الإسرائيلي". وقال:" أن الشك بإمكانية ولادة اتفاق جديد مُبرر لأن ظروف تجربة اتفاق أوسلو حاضرة".

وعن التأكيد الأمريكي بوجود تقدم خلافاً للموقفين الفلسطيني و"الإسرائيلي"، رأى حبيب أن جون كيري معني بأن يوحي بوجود تقدم ما ، لأن هذا يساعده في الضغط على الجانب الفلسطيني لتمديد المفاوضات لعام آخر، وهو ما تريده أمريكا و"إسرائيل"، والفلسطينيين لن يكون أمامهم إلا الموافقة على ذلك إلا إذا تبين لهم أن هناك إنجازات.

استنساخ أوسلو

خليل شاهين المحلل والخبير في الشأن "الإسرائيلي"، قال " ربما أن أحد الأسباب وراء استقالة رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض د. صائب عريقات إلى جانبه د. محمد شتيه هو شعورهم بوجود قناة أخرى تجرى بها المفاوضات الحقيقية وليس قناتهما. وأن المفاوضات الحقيقية هي تلك المفاوضات التي تجري بين كل من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ورئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، وكيري والرئيس الفلسطيني محمود عباس من جهة أخرى. وأن هذه القناة يجري من خلالها محاولة أمريكية للتوصل لاتفاق إطار تشكل غطاء لاتفاق انتقالي جديد يمكن تطبيقه على الأرض. وبعدها يتم الاتفاق على قضايا الحل النهائي.

وأعرب شاهين عن اعتقاده بأن إمكانية التوصل لحل انتقالي جديد مغطى بورقة مبادئ بات أمراً واقعياً وستم التوصل لهذه النتيجة خلال الشهرين المقبلين. خاصة وأن هناك استعداد فلسطيني في أحسن الأحوال للقبول بذلك لمدة ثلاثة سنوات.

وقال :" نحن أمام إعادة استنساخ لتجربة أوسلو ولكن بشروط أشد سوءاً، لأن اتفاق أوسلو تجنب الحديث في قضايا، سيتم الحديث فيها في الاتفاق المنتظر كـ ( يهودية الدولة ، وتبادل الاراضي، اللاجئين التي يجري البحث فيها وفق معايير كلينتون).

وأوضح أن مبادرة كيري تقوم على أنها ليست أفكار أمريكية وإنما دولية وعربية، وأن كيري يحاول الحصول على دعم أوروبي وعربي لفكرته وما زيارته للسعودية إلا تأتي في هذا الإطار.

السعودية صاحبة المال والنفط والتطبيع ومبادرة 2002

بدوره راى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن الآليات التي تجري بها المفاوضات حالياً يمكن أن تؤدي إلى ولادة اتفاق أوسلو جديد بمضامين مختلفة عن اتفاق اوسلو 93.

وقال، أن هناك مفاوضات علنية وهي للاستهلاك وهناك مفاوضات سرية رغم أن القناة السرية لا يعترف بها أي طرف حتى الآن، ولكنها ورادة.

وأضاف أن كيري يتحدث عن تقدم في المفاوضات للمرة الثانية، وأوباما تحدث عن تقدم. الأمر الذي يضع علامات استفهام أم النفي الفلسطيني "الإسرائيلي". ؟؟؟

وأعرب عوكل عن اعتقاده أن أهمية زيارة كيري هي للقاء نتنياهو وعباس وليس للقاء وفدي التفاوض الفلسطيني و"الاسرائيلي" وبالتالي هو يطرح نتائج على كلاً من عباس ونتنياهو قد لا تكون مطروحة على المفاوضين الرسميين. وبهذه الآلية لا تكون المفاوضات "فلسطينية إسرائيلية"، وإنما أمريكية اسرائيلية، وأمريكية فلسطينية.

وأوضح بأن المسعى الامريكي في التوصل لحل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي جدي بل أنه مدعوم من أوروبا، بدليل الزيارات المتكررة لكيري لإسرائيل ورام الله، من جهة وطبيعة التصريحات والتعاطي الأوروبي رغم قلتها. لافتاً إلى وجود تنسيق أمريكي أوروبي حول المفاوضات وضرورة أن تخرج بشيء.

وقال "أن الولايات المتحدة مُصرة هذه المرة على أن تنجح في واحدة من أمرين. إما ابتداع صيغة تؤمن استمرار المفاوضات، وإما اتفاقية تؤسس لحل بحاجة لمفاوضات حول التفاصيل.

وأضاف أن اتفاق الإطار الذي قد يتمخض عن هذه المفاوضات سيكون مختلفاً من حيث المضمون عن اتفاق أوسلو 93، وسيكون عبارة عن بضعة أوراق تشكل مرجعية للاتفاق النهائي. موضحاً ان اتفاق اوسلو هو اتفاقية هلامية مفتوحة واعلان مبادئ وغير واضحة الحقوق فيها. ولا تشكل مرجعية.

وعن سفر وزير الخارجية الأمريكي للسعودية عقب لقائه بنتنياهو وعباس، أوضح عوكل أن طرح كيري "الدولي" يحتاج لحاضنة عربية، وأن العرب لهم علاقة بالثمن المطروح في التسوية، من حيت التطبيع وتغطية صناديق التعويض للاجئين الفلسطينيين ، والضغط السياسي على الطرف الفلسطيني مثلاً .

وعن اختيار كيري السعودية من الدول العربية ، رأى عوكل بأن السعودية هي صاحبة مبادرة السلام التي طرحتها في قمة بيروت عام 2002، وأنها صاحبة المال، والتطبيع والنفط، بخلاف مصر التي لها علاقة باتفاقية كامب ديفيد، إضافة إلى أن مصر هي عنوان خلاف عربي، فالدول التي يتواجد فيها إخوان مسلمون ليس لهم علاقة جيدة بمصر.