خبر خريطة الطريق - معاريف

الساعة 11:12 ص|03 يناير 2014

ترجمة خاصة

خريطة الطريق - معاريف

بقلم: نداف ايال

(المضمون: اتفاق الاطار الذي  يتحدث عنه الامريكيون ليس اتفاقا وليس اطارا، بل تصريح امريكي هو  أشبه بخريطة الطريق اياها لجورج بوش الابن. محك الوثيقة هو عبارة حدود 67 - المصدر).

في الشهر القادم سيبدأ المعمعان الدولي. رئيس وزراء بريطانيا في الطريق الى اسرائيل في  زيارة اولى. انجيلا  ميركل ستصل هي ايضا. رسميا، وصولهما لا يتركز على المسيرة السلمية. بشكل  غير رسمي، فانها جزء من آلية الروافع المتطورة والثابتة التي ستستخدمها الاسرة الدولية على القبيلتين الشرق اوسطيتين – هكذا ترانا – كي تدفعهما الى التقدم قليلا في المسيرة السلمية وعلى الاقل الا نفجرها.

وهم سيقولون لرئيس الوزراء نتنياهو: الان هو الوقت للعمل والتقدم. وسيحذرون، بكلمات معتدلة وتلميحية، كتلك التي تقفز بشكل عام عن الوعي الاسرائيلي في أن الفشل في المسيرة كفيل بان يلحق باسرائيل ضررا جسيما للغاية. وان هذه المرة توجد على الطاولة ليس فقط جزرات – وثمة الكثير منها – بل وايضا عصي ثخينة ومليئة بالمسامير. فالعزلة لن تبقى هذه المرة مجرد كلمة منعزلة، بل كفيلة بان تصبح موجة كبيرة. ميركل وكمرون هما زعيمان يأتيان من مذهب رئيس الوزراء نتنياهو. كلاهما محافظان، يمينيان في ارائهما الاقتصادية والواضحة في وطنيتهما. وهما اللذان سيأتيان اليه كي يقولا له هذه الامور، بعد لحظة من وجود جون كيري في البلاد ولحظتين قبل أن يأتي مرة اخرى (والصيغة الاخيرة هي في واقع الامر الوضع الطبيعي في دولة اسرائيل منذ تسلم كيري مهام منصبه. ففي كل لحظة معينة نوجد قبل، في أثناء او بعد زيارة كيري. وبشكل عام في اثنائها).

في الاسابيع الاخيرة طرأ تغيير هام في خطاب كيري، ولاحقا في افعاله ايضا. وحتى قبل وقت غير بعيد واصل الحديث عن تحقيق تسوية دائمة. وكان الحديث عن تحقيق اتفاق مبادىء لتسوية دائمة؛ اتفاق مبادىء هو اتفاق بكل معنى الكلمة. وهو القسم الاول والضروري من تحقيق معاهدة سلام كاملة. السلام مع مصر، ومع الاختلاف عن اوسلو بدآ باتفاقات مبدئية. وقد تكون المبادىء عمومية نسبيا ولا تتضمن بالضرورة ترسيم خطوط الحدود، وقد تترك الكثير من الفراغات التي ستمتلىء لاحقا، ولكن اساس الاتفاق موجود في المبادىء، بما في ذلك مبادىء التنازلات والحلول الوسط التي يقدمها الطرفان.

حسن، إذن يمكن أن ننسى اتفاق المبادىء في هذه المرحلة.

يسير الامريكيون الان نحو "خطة اورانيم الصغيرة". ماذا صغيرة، بل الاصغر من صغيرة. وهم يقولون انهم يتطلعون الى وثيقة أمريكية تحدد الاطار (framework) للمفاوضات. وهم كفيلون بان يسمون هذا اتفاق اطار، ولكن هذا تعريف مشوش ان لم نقل مضلل بشكل مقصود. اولا، لا يوجد هنا اتفاق: فهذا تصريح امريكي لن يضطر الطرفان، على الاقل هكذا بدا هذا الاسبوع، للتوقيع عليه. كما أن لهذا التصريح يمكن للطرفين أن يتقدما بتحفظات. اما الاتفاق فهو بشكل عام شيء يتفق عليه. اما هنا فيبدو هذا مثل رؤيا امريكية. ثانيا، لن يكون هناك اطار حقيقي. صحيح، سيستخدم الامريكيون أغلب الظن تعبير يرتبط بالارقام الصوفية 1967، وكذا سيتحدثون عن اسرائيل كدولة يهودية وعن ترتيبات أمن. ولكن لا يوجد هنا اطار عمل حقيقي؛ لنفترض قول عن نسبة الاراضي التي سيحصل عليها الفلسطينيون مقابل ضم الكتل الاستيطانية.

وفضلا عن ذلك، فعلى أي حال التصريح الامريكي هو في نهاية المطاف، بالفعل تصريح امريكي. والنموذج الامريكي في هذه اللحظة يذكر بقدر اكبر بخريطة طريق جورج بوش مما بالرؤيا الطموحة لكيري في بداية الطريق. هناك أيضا ذكر ذاك الرقم المرير والسريع، 1967، بل وحتى الكلمة اياها التي يبذل رئيس الوزراء كل جهد مستطاع كي لا يقولها – احتلال. وبمناسبة خريطة الطريق، فقد طرحت هذه على الحكومة، ونشبت أزمة داخل الليكود بالطبع، وكان يتعين على اريئيل شارون، ان يستخدم كل عضلاته السياسية كي يمر القرار عن قبول خريطة الطريق. وهكذا كان ختم رسمي لموافقة اسرائيلية (وفلسطينية) على الوثيقة.

سياسيا، هذه الوثيقة لن تجدد أي شيء للطرفين. في اقصى الاحوال ستعطي احساسا من الدينامية للمسيرة، بعض القصور الذاتي. هذا مهم. ولكن مع مراعاة بحر الكلمات والتصريحات والوثائق والخرائط التي سكبت على المفاوضات حتى الان، فان هذا حقا ليس بكثير.

وربما، فقط ربما، يحاول الامريكيون تنويمنا جميعا، وهم سيجلبون شيئا اكثر طموحا بكثير؟ في حالة تصميم كيري، لا يجدر بنا، الاستخفاف بهذه الامكانية. ولا يزال فان المسائل الاكثر اهمية هي المسائل السياسية الداخلية. فنتنياهو سيحاول اعطاء الانطباع، على نحو شبه مؤكد، في أن ليس في هذا التصريح خطوة دراماتيكية، (باستثناء الاسناد الامريكي لمطلب الدولة اليهودية). وسيقف اليمين امام امكانيتين: التعاطي مع هذه الوثيقة وكأنها بنية مشهد الخراب المتوقع للمستوطنات او كورقة اخرى لا تساوي أي شيء وتبتلعها اسرائيل فقط كي تعطي الانطباع بانها تتقدم في المسيرة. هذا الحسم من جانب اليمين – حسم سياسي وداخلي تماما – هو حسم حرج.

وثمة موضوع حرج آخر كفيل بان يؤدي الى ازمة ائتلافية: قرار الامريكيين المطالبة او عدم المطالبة في أن يعرض تصريح الاطار هذا على حكومتي الطرفين لاقراره (مثلما جرى لخريطة الطريق). واغلب الظن فقد قرر رئيس الوزراء طرح التصريح الامريكي على الحكومة؛ فهو سيرغب في اسناد من وزرائه، كما يقول مصدر سياسي. واذا ما تبنت حكومة اسرائيل تصريح الاطار لانهاء النزاع، بما في ذلك القول بان حدود الدولة الفلسطينية تستند الى خطوط 67، فكيف يمكن لنفتالي بينيت أن يواصل الجلوس في الحكومة؟ كيف يمكن لبعض من وزراء الليكود ان يواصلوا اطلاق القسم من حنجرة متحشرجة بالالتزام بغور الاردن؟

وهذه هي المسألة: هل في ضوء المعركة المتحققة في الحكومة لن يضطر اليمين الى ان يشدد جدا اهمية الوثيقة الامريكية (بينما اهميتها الحقيقية محدودة)؟ اما نتنياهو من جهته فسيذكر اليمين بانه اسقط من الحكم بسبب  اتفاقات واي بلانتيشن، وهذا خطأ لا يجب تكراره. من يعتقد أن رئيس الوزراء سيقفز  فرحا على انحلال حكومته – مخطيء جدا؛ بوجي هرتسوغ ليس  إمعة، خلافا للشائعات، وهو لن يدخل الا  اذا حصل على ضمانات في أن نتنياهو سيسير عن حق وحقيق الى تسوية دائمة. وهذه ضمانات ليس معنيا نتنياهو باعطائها في  هذه المرحلة.