خبر الحقيقة وراء الغور- هآرتس

الساعة 10:43 ص|02 يناير 2014

الحقيقة وراء الغور- هآرتس

بقلم: ياريف اوفنهايمر

(المضمون: يعلم اعضاء الكنيست اليمينيون الذين يطالبون بالاحتفاظ بالغور أن الغور لا يسكنه إلا القليل من الاسرائيليين وأنهم مستعدون للرحيل في اطار اتفاق مع الفلسطينيين، ومع ذلك يستعملون الغور ورقة لعب لتحقيق أهدافهم ومنها الحفاظ على الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية - المصدر).

 

ما عدد الاسرائيليين الذين يعيشون اليوم في غور الاردن في الحقيقة؟ هل مئات الآلاف؟ هل عشرات الآلاف؟ لا. فعلى حسب معطيات المكتب المركزي للاحصاء يعيش في غور الاردن 6042 اسرائيليا (بحسب معطيات المكتب المركزي للاحصاء 2012)، أي أقل من عدد الجمهور في استاد تيدي. وقد سجلت في العشرين سنة الاخيرة زيادة صغيرة على عدد المستوطنين في الغور وهي تقف في المعدل على نحو من 60 شخصا كل سنة. فليس لاستيطان بهذا الكبر أي معنى أمني بالنسبة لمستقبل دولة اسرائيل، وكل الكلام على خط البلدات في الغور الذي يحمي حدود دولة اسرائيل الشرقية ليس أكثر من دعاية سياسية يمينية مقطوعة عن الواقع غايتها كلها إفشال احتمال حل الدولتين.

 

في وقت يخلو فيه غور الاردن من السكان الاسرائيليين تقريبا، عدد الفلسطينيين في الغور أكبر بعشرة أضعاف ويقف على نحو من 65 ألف ساكن. وقد نجحت اسرائيل على مر السنين باعلان أن الارض ارض الدولة ومناطق رماية ومحميات طبيعية في أن تستولي على 77.5 بالمئة من الارض، ويتمتع المزارعون الذين يسكنون الغور باراض كثيرة وبقوة عاملة فلسطينية رخيصة عتيدة، في الأساس، فقد أصبح الغور كنز عقارات زراعيا يثمر لقلة من المستوطنين مع استعباد الارض ومصادر الماء واستغلال حاجة السكان الفلسطينيين لكسب العيش. وبرغم الافضالات الاقتصادية فان أكثر المستوطنين في الغور لا ينتمون الى التيار الايديولوجي للصهيونية المتدينة وسيوافقون على الجلاء في اطار تسوية. وقد هجر جيل المؤسسين بعض البلدات، وتحتل أماكنهم قوى "تعزيز" من أنوية الصهيونية المتدينة تغير صورة الاستيطان في الغور من أناس حركة العمل الى أناس حركة غوش ايمونيم.

 

كان غور الاردن يعتبر في الماضي من جهة أمنية ذخرا أمنيا استراتيجيا لدولة اسرائيل، وقد صيغ هذا التصور العام في وقت ما بعد انتهاء حرب الايام الستة (خطة ألون)، حينما كانت اسرائيل مُعرضة لتهديد وجودي من الشرق على هيئة آلاف الجنود والدبابات العراقيين الذين قد يتجهون الى قلب اسرائيل. وبعد ذلك بـ 45 سنة تغيرت خريطة التهديدات ولم يعد تهديد غزو القوات المدرعة من الشرق موجودا، والوسائل التكنولوجية الحديثة تُبطل قدرة العدو على المباغتة واذا اضطر الجيش الاسرائيلي فانه يستطيع الوصول الى كل مكان في الغور في وقت لا يزيد على نصف ساعة.

 

أصبح الغور اليوم فارغا لا من المستوطنين الاسرائيليين فقط بل من كتائب سلاح المشاة والمدرعات ايضا. فأكثر الجنود الموضوعين في الغور مشغولون بمهمات أمن جارٍ على طول الجدار الحدودي، وهم مشغولون في الأساس بحراسة المستوطنين وتفتيش العمال الفلسطينيين عند الحواجز. فاذا اتُخذ القرار السياسي على التقسيم الى دولتين فانه يمكن الحفاظ على مستوى أمني يماثل الوضع الحالي بترتيبات امنية متشددة على الحدود وانشاء اماكن مراقبة الكترونية ووجود قوات دولية عند المعابر. ومن المؤكد أنه لا يُحتاج لذلك الى ضم اراضي الغور كلها والى إبقاء مستوطنات هناك.

 

لكن ليس أمن اسرائيل هو الذي يهم ميري ريغف وجدعون ساعر ورفاقهما بل أمن المستوطنات كلها. يعلم اليمينيون أنه لن ينشأ اتفاق سلام مع الفلسطينيين من غير خروج من الغور، ولهذا يُجند اعضاء الكنيست من اليمين في حنكة كبيرة تبلغ درجة الغوغائية، يُجندون الغور بصفته ورقة لعب سياسية في محاولة لتعويق اتفاق. وهم يعلمون ايضا أن الغور خال تقريبا وأن قيمته الامنية في الواقع الحالي غير مهمة، وهم يدركون ايضا أن عدد المستوطنين في الغور قليل وأن أكثرهم سيوافقون على الجلاء مقابل اتفاق، لكن لماذا يُبلبل الجمهور بمعطيات وحقائق حينما يمكن الاختباء خلف كليشيهات الامن

 

والاستيطان. إن الغور الذي كان في الماضي شريطا أمنيا لدولة اسرائيل حقا أخذ يتحول رويدا رويدا ليصبح شريط الامن السياسي لمستوطني يتسهار وايتمار يستعملونه لضمان بقائهم فوق تلال يهودا والسامرة.