خبر نساء تونس: الثورة التي لم تكن- هآرتس

الساعة 10:18 ص|31 ديسمبر 2013

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: ما زالت النساء المتدينات في تونس حتى بعد الثورة بثلاث سنوات يعانين من اعمال تنكيل وبدأت ترد ايضا في المدة الاخيرة تقارير عن تهديدات موجهة الى نساء علمانيات - المصدر).

 

"القوانين التي تُسوي مكانة النساء بمكانة الرجال تشجع على الزنى"، تقول أم آمنة وهي امرأة تونسية لا تذكر اسمها الحقيقي في مقابلة مع صحيفة "الحياة". "إن هدف هذه القوانين أن تستغل جسم المرأة عوض حرية مزيفة". تنتمي أم آمنة الى الجماعة السلفية التونسية، فلا عجب اذا أن تعترض على قوانين المساواة التي شُرعت في تونس في 1956 بعد أن أعلنت الاستقلال فورا. لكن تلك القوانين التي هي الأكثر تقدما في الشرق الاوسط العربي تراها النساء المتدينات بعامة والسلفيات بخاصة مُضرة بايمانهن وطريقة عيشهن. فالقوانين المتعلقة بمكانة المرأة مثلا تمنع تعدد الزوجات، وتمنح النساء حقا كاملا في أبنائهن في حال موت الزوج وتجعل سن الزواج يقف على 17 سنة في حين

 

 أن الزواج مشروط بموافقة المرأة. وفي سنة 1981 سُن القانون الذي يمنع النساء من وضع أغطية الرؤوس في مؤسسات عامة وفي الجامعات، ويوزعون في المراكز الصحية حبوب منع الحمل بالمجان.

 

لكن ماذا عن اولئك النساء اللاتي أردن لبس البراقع واللاتي يرين أزواجهن مصدر السلطة العليا واللاتي يُردن الدراسة في الجامعات مُغطيات الرؤوس؟ إنهن لم يجدن أنفسهن فقط خارج القانون بل طاردتهن في احيان كثيرة شرطيات نزعن براقعهن بالقوة واتُهمن بالانتساب الى منظمات ارهابية اسلامية وقوطعن في الحياة اليومية ايضا في أحسن الحالات وعانين في اسوئها تنكيلات الجيران التي انتهت احيانا بالاغتصاب والقتل.

 

يتبين بعد الثورة بثلاث سنوات أن وضع اولئك النساء لم يتحسن حقا برغم فوز حزب النهضة الاسلامي. فما زالت طالبات الجامعات المنقبات لا يستطعن دخول الدروس وبرغم أن القانون يسمح لهن بالتنقب فان المحاضرين ورؤساء الجامعات يشجعون إبعادهن. "إن النقاب لا يلائم صورة تونس وجامعاتها"، أعلن المجلس العلمي الأعلى المسؤول عن الجامعات. وقالت ايمان التريكي، رئيسة الجمعية الدينية لحقوق المواطن "الحرية والمساواة" إن النساء السلفيات اللاتي يمشين في الشوارع منقبات ينالهن التهديد بل الهجمات. وقد وثقت منظمتها عشرات حالات هجوم جسماني على نساء، بل وثقت حالة اختُطف فيها فتى على أيدي اعضاء عصابة هددوا بأن يغتصبوا أخته اذا لم تنزع النقاب.

 

وتحدثت امرأة توجهت الى منظمة التريكي بأنها حينما جاءت للعلاج في المستشفى قذفوها هناك بأنها تزوجت "نكاح جهاد" وبأنها ليست عذراء. "كان يجب أن

 

أتوجه الى طبيب خاص كي يعطيني تصديقا أنني عذراء"، قالت. وقد سُك مصطلح "نكاح الجهاد" في المدة الاخيرة في سوريا على إثر نشر فتوى تدعو النساء في العالم العربي كله الى المجيء الى سوريا و"الزواج" بالمقاتلين الذين لا يستطيعون أن ينشئوا عائلات لأنفسهم بسبب الحرب. وبعد نشر النبأ انتشرت اشاعات عن نساء تونسيات سافرن الى سوريا وعُدن حوامل من هناك. ولم تُجد الانكارات القوية التي خرجت من تونس وثبت المصطلح وأُلصق في الأساس بنساء منقبات اتُهمن أصلا بأنهن يعملن في خدمة منظمات اسلامية.

 

نشر معهد البحث "تومسون رويترز" في الشهر الماضي استعراضا مفصلا لوضع النساء في الدول العربية. واحتلت مصر بين الدول الـ 22 التي استُعرضت، المكان الأخير وتونس المكان السادس، وأثار هذا التدريج غضبا عظيما في الدولة. فقد زعمت منظمات حقوق انسان أن الاقوال التي تظهر في التقرير والتي تقول إن تعدد الزوجات ظاهرة شائعة في الدولة وأنه يُمنع فيها استعمال وسائل منع الحمل – تناقض حقيقة أن القانون يمنع تعدد الزوجات وأن حبوب منع الحمل توزع في العيادات بالمجان. وقد أصلح كُتاب التقرير هذه الاقوال في الحقيقة.

 

بيد أن مكانة تونس الجليلة – بالنسبة للدول العربية الاخرى – فيما يتعلق بمكانة المرأة، لا تستطيع أن تساعد النساء، المتدينات أو العلمانيات، اللاتي يُجربن تنكيلات من مواطنين ومن السلطات ايضا. فعلى حسب تقرير وزارة الداخلية التونسية سُجلت في السنة الاخيرة 7861 شكوى لنساء من اعمال تنكيل، و46 حالة موت. وعانت طائفة منهن تنكيلا على أيدي شرطيين أو شرطيات وماتت طائفة منهن معتقلات إثر اعمال تعذيب. وينبغي أن نفرض أن عدد حالات التنكيل أكبر لأن نساءا كثيرات يخشين تقديم شكاوى.

 

لم تبلغ تونس الى الآن الراحة والسكينة بل هي بعيدة عن ذلك. وستضطر حكومتها الجديدة الى إثبات أنها قادرة على تجاوز التوترات السياسية وأن تحاول بعد ذلك أن تدفع قدما بصوغ الدستور الجديد الذي سيضطر الى أن يأخذ في حسابه ايضا مطالب حركة النهضة وأنصارها المتدينين، أو كما قالت التريكي أن يُتذكر أن "مكافحة الارهاب لا تعني مكافحة حقوق الانسان".

 

لكن النظام الجديد سيحتاج مع سن القوانين الرسمية الى مواجهة واقع الحياة اليومية. وقد أخذ يتميز هذا في الفترة الاخيرة بتنكيل بالعلمانيين لأنه تكثر الى جانب التقارير عن التعرض لمن يُتهم بالورع الزائد ولا سيما النساء، لمواطنين علمانيين عن تهديدات واعمال تنكيل من قبل منظمات دينية ولا سيما عصابات رأت أنها ذات رسالة دينية. فقد أبلغ مدير مدرسة ابتدائية في جربة مثلا أنه تلقى في المدة الاخيرة رسالة تهديد من عصابة أمرته بأن يطلب الى جميع المعلمات تغطية رؤوسهن "وإلا أمسكنا بهن في الشوارع وحطمنا عظامهن".