خبر قمة مفلسة.. خالد صادق

الساعة 06:53 م|23 ديسمبر 2013

مضت قمة وزراء الخارجية العرب وكأنها لم تنعقد, لا زال العرب يدورون في فلك السياسات الخارجية, قراراتهم مملاة ومحروقة ولا تسمن ولا تغني من جوع, ورغم حالة الملل والرتابة التي يشعر بها المواطن العربي تجاه القمم المنعقدة, الا ان حالة من البلادة السياسية اصابت الرسميين العرب, ولم يرتفع سقفهم درجة واحدة تجاه امال وطموحات شعوبهم فيما يخص القضية الفلسطينية, حتى التكتيك السياسي والمراوغة والخطابة الثورية التي كان يتمتع بها بعض الزعماء العرب من امثال جمال عبد الناصر, ومعمر القذافي, وصدام حسين وغيرهم, افتقدها الزعماء العرب, بعد ان انتهت حيلهم وانكشفت سوءاتهم, وما عاد في جعبتهم شيء, الا لغة الاستسلام وما يسمونه بالواقعية والتوازن الاستراتيجي والتعايش السلمي.

اجتماع وزراء الخارجية العرب المنشغل بأوضاع البلدان العربية, والذي تراجعت عنده القضية الفلسطينية الى ادنى مستوياتها, اراد ان يتخلص من عبء القضية فألقى بها في حجر رئيس السلطة ومنحه تفويضا للتفاوض مع الاحتلال الى ما لا نهاية, وان عليه ان يصبر ويحتسب حتى ينال بعضا من حقوقه التي كفلها له المجتمع الدولي, وان أي طريق اخر غير هذا الطريق لا يمكن قبوله ولن يتم التعامل معه, وان المبادرة العربية هي دستور الزعامات العربية الذي لا يمكن ان تحيد عنه, رغم ان اسرائيل رفضتها والقت بها في مزابل التاريخ منذ امد بعيد, لكن يبدو ان مزبلة التاريخ لها قيمتها عند زعاماتنا العربية.

ان منح العرب مزيدا من الوقت للمفاوضات بين السلطة والاحتلال, يصب بشكل واضح في صالح اسرائيل , التي تسعى لتكريس واقع جديد على الأرض, وتحاول اعادة رسم حدودها, وتغيير ملامح الدولة والسعي لاعتراف اممي بيهوديتها, كل هذا لم يزعج الزعماء العرب, ولم يدفعهم الى رفع سقف مطالبهم ولو قليلا, وكأنهم يمنحون اسرائيل فرصة لتحقيق مأربها وفرض واقع جديد على الأرض يمكن قبوله عربيا, حتى قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تمثل كابوسا للعرب, ويحاولون ايجاد حل لها بعد رفض توطين اللاجئين في بلدانهم, تغافلها الرسميون العرب وتجاوزوها من اجل عيون اسرائيل, وحتى لا يقال ان اجتماع وزراء الخارجية العرب فشل في وضع تصور لحل للقضية الفلسطينية .

لقد باتت القمم العربية "مفلسة تماما" وهى عامل اذلال وتحقير للمشاركين فيها, لأنها تثير سخط الناس وتدفعهم لليأس والملل من الواقع العربي الرسمي, لقد خرجت كل القمم العربية السابقة بقرارات دعم مادية للفلسطينيين, لكنها بقيت حبرا على ورق, ولم ينفذ منها شيء, لأن العرب فقدوا كل شعور بالمسؤولية تجاه القضية الفلسطينية, ليس هناك اية قرارات اجرائية تجاه القضية الفلسطينية, ففاقد الشيء لا يعطيه, والرسميون العرب فقدوا كل شيء ولم يعودوا يملكوا سوى التوسل والاستجداء, وهذه اللغة لا تفهمها اسرائيل ولا حلفائها ولا تتعامل معها.

كنا نتمنى ان ينظر الوزراء العرب المجتمعون في القاهرة لحصار غزة المفروض منذ سبع سنوات, ويتخذوا اجراءات لتخفيف الحصار او رفعه, لكن هذا لم يحدث, فقد يغضب هذا بعض الدول العربية, وهذا ما لا يقبل به الرسميون العرب مطلقا. 

خيارات مفقودة

في آخر مرة كنت برام الله مع أبو مازن رأيت الاتفاقية المعروضة على الفلسطينيين، وتنص على يهودية الدولة والحدود خاضعة للتفاوض وتواجد الجيش الإسرائيلي لأربعة سنوات قابلة للتجديد والتفاوض.ـ ليس ذلك فقط، بل وقوات أمريكية من الممكن أن تضاف لها، أنت أمام اتفاقية كارثية لا يستطيع فلسطيني أن يقبلها.

قصاص الأثر: هذه التصريحات للكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل, فهو الكاتب المفضل لدى اغلب الزعماء العرب, على اعتبار انه رجل قومي ناصري قريب من قصور الرئاسة, وبما ان رئيس السلطة محمود عباس اراد ان يستمع الى نصيحة هيكل, فعلية ان يأخذ برأيه ويقتنع ان الفلسطينيين لن يقبلوا بنتائج هذه المفاوضات الكارثية, كنا نتمنى من السيد عباس ان يستنير برأي الشعب الفلسطيني, وان يجري عبر مؤسساته استطلاعا للرأي حول امكانية استئناف المفاوضات او وقفها مع الاسرائيليين, ليعلم انه يغرد وحيدا خارج السرب, ولا يلبي ادني طموحات الشعب الفلسطيني عبر هكذا مفاوضات, لن يجني شعبنا من وراءها طائل, صحيح ان هناك من يدافع عن موقف ابو مازن على اعتبار انه لا يملك خيار اخر غير المفاوضات, لكن كان يجب على رئيس السلطة ان لا يسقط من يديه كل الخيارات خاصة خيار الجهاد والمقاومة.

×××

عتاب الغزل

استشاط وزراء الاحتلال الصهيوني غضباً من التقارير التي نشرت مؤخراً حول تجسس المخابرات الأمريكية على ثلاث قيادات من أبرز الوجوه السياسية لدى الاحتلال. وطالب وزراء الاحتلال بأن تفرج امريكا عن الجاسوس اليهودي جونثان بولارد المعتقل لديها منذ 25 عاماً كرد أولي على عملية التجسس".

قصاص الأثر: العتاب الاسرائيلي الأمريكي يأخذ لديهما طابع الغزل والمعاتبة, فهو عتاب العاشقين, اسرائيل تحتج على التجسس على بعض وزراءها, والس أي أي يراقب باراك ويتجسس عليه من شقة قريبة من مسكنه, واسرائيل كابن مدلل تريد تحصيل ثمن اكبر من الجرم بالافراج عن الجاسوس اليهودي جونثان بولارد هو الذي يرضي اسرائيل ويحفظ ماء وجهها, امريكا وبابتسامة عريضة وبوجه يحمُر خجلا ردت على اسرائيل بانكم يا اصدقائنا قمتم ببيع عتاد عسكري منحناه لكم للصين, ومن الممكن للصين ان تبيعه لإيران مما يمثل خطرا عليكم وعلى وجودكم في المنطقة, وهذا ما لا نقبل به, فان امنكم وحمايتكم هي اولى مهامنا وهى اولى من امن امريكا نفسها, فلا تعتبوا علينا لأننا تجسسنا عليكم, لكنه تجسس المحبين الساعين الى حفظ امنكم وسلامتكم, فامننا من امنكم وسلامتنا من سلامتكم, وانا لكم ولأمنكم وسلامتكم لحافظين 

×××

شوية فكة

رئيس السلطة محمود عباس كلف قيادات في حركة فتح ببيع جزء من أملاك منظمة التحرير المنتشرة في العالم ومن بينها قطعة الأراضي الواقعة في لبنان قبالة السفارة الإماراتية بمبلغ 168 مليون دولار، وأن المبلغ تم توريد جزء بسيط منه للصندوق القومي وأن النصيب الأكبر تم توريده لنجل الرئيس عباس ياسر.

قصاص الأثر: لما تمر السلطة بأزمة مالية بتدور في دفاترها القديمة, يمكن تلاقي رصيد مبعثر هنا وهناك, ويبدو ان 168 مليون دولار المذكورة في الخبر عبارة عن شوية فكة علشان هيك تم تقسيمة لقسمين, شوية راحوا للصندوق القومي, والباقي راحت لجيب ياسر محمود عباس حسب ضابط المخابرات الفتحاوي السابق فهمي شبانة, السلطة دأبت على تسجيل مشاريع الاستثمار الخاصة بها بأسماء اشخاص بعينهم حتى يسهل سرقتها ونهبها, والمعروف انك ان اردت ان تبحث عن ثروة احد الساسة الكبار فتتبع اخته وزوجها وزوج ابنته وحماة ابنه وحماها, وابقى في هذا المسار حتى نهايته ستصل في النهاية الى ثروة طائلة وممتلكات مننشرة هنا وهناك, ولا ادري لماذا ذهبت الأموال هذه المرة مباشرة الى ياسر محمود عباس "حسب شبانة دائما", لعل هناك خطئا ما ادى الى هذا المأزق, على العموم نتمنى ان تعود شوية الفكة لخزينة الشعب.

×××

جبال الجليد

أظهرت الخلافات الداخلية التي تمر بها حركة فتح في المرحلة السابقة، حجم الأزمات والمشاكل التي تعصف بين قادتها وأعضاء لجنتها المركزية، الأمر الذي جعل مراقبين يشككون بمقدرة أطراف الحركة ومراكز اتخاذ القرار فيها على الالتفاف حول المصالح الوطنية، ونبذ المصالح الشخصية بينهم لمواجهة مخططات الاحتلال.

قصاص الأثر: مسلسل الحوار بالرصاص بين ابناء حركة فتح بدأ بنبيل عمر, وامتد للمشهراوي وسفيان ابو زايدة, ومحمود الهباش وصولا الى جبريل الرجوب والمسلسل يطول ولن ينتهي في الوقت القريب طالما استمرت حالة الخصام والمقاطعة بين رئيس السلطة محمود عباس, والقيادي الفتحاوي محمد دحلان, فالرؤساء العرب بثقلهم وأموالهم وسلطانهم لم يستطيعوا ان يذيبوا جبال الجليد المتراكمة بين عباس ودحلان, والازمة تتفاقم يوما بعد يوم بفعل التحشيك والتشبيك والتدليس, حتى اصبحنا على قناعة راسخة ان أي مصالحة فلسطينية محكومة بالفشل قبل بدايتها, خاصة اذا كانت السلطة طرفا فيها, لأن السلطة ادخرت كل جهود المصالحة والتسامح ونقاط الالتقاء لإسرائيل, ولم يبق للحوارات الفلسطينية الداخلية بين السلطة ودحلان, او السلطة والفصائل, او السلطة وحكومة غزة سوى لا وألف لا, وفي الآخر كله على الله.