خبر اسرائيل والسعودية: هل ستجسر المصالح الهوة؟- اسرائيل اليوم

الساعة 10:09 ص|22 ديسمبر 2013

اسرائيل والسعودية: هل ستجسر المصالح الهوة؟- اسرائيل اليوم

بقلم: دوري غولد

(المضمون: رغم الخلافات، وجدت اسرائيل والسعودية نفسيهما في ذات الجانب من المتراس في الازمات الكبرى التي ألمت بالشرق الاوسط من عهد ناصر وحتى صدام حسين. والوضع اليوم مشابه في ضوء التهديد الايراني. ولكن من السابق لأوانه القول اذا كانت خطوة مماثلة ستقع في الشرق الاوسط ايضا - المصدر).

 

في أعقاب اتفاق جنيف نشرت في وسائل الاعلام الدولية مقالات عديدة قدّرت بأن هذا التطور كفيل بأن يخلق أساسا لشراكة جديدة بين اسرائيل والسعودية. في نظرة اولى، في ضوء الدور التاريخي للسعودية في النزاع العربي – الاسرائيلي، تبدو هذه الفكرة غير معقولة.

 

السعودية، بقيادة الملك فيصل، هي التي بادرت الى مقاطعة النفط على الغرب في اثناء حرب يوم الغفران (1973)، الخطوة التي منحت العالم العربي قوة سياسية، كان فيها ما يفرض على اسرائيل تنازلات سياسية. واضافة الى ذلك، ففي بداية سنوات الألفين، في اثناء موجة العمليات الانتحارية في اسرائيل، مولت السعودية 50 – 70 بالمئة من ميزانية حماس، ضمن امور اخرى من خلال الجمعيات الخيرية.

 

في التسعينيات نجحت اسرائيل في تحقيق اختراقات سياسية في الخليج الفارسي، وجدت تعبيرها في فتح مكاتب اقتصادية في قطر وفي عُمان، ولكن لم تكن أي خطوة مشابهة مع السعودية. صحيح أن السفير السعودي في الولايات المتحدة، أمير بندر بن سلطان، شارك كمراقب في مؤتمر مدريد في 1991، وشارك السعوديون في المفاوضات متعددة الأطراف التي افتتحت في موسكو، ولكن لم تكن أي علاقات علنية بين اسرائيل والسعودية، والوفود الاسرائيلية لم تُدع أبدا الى مناسبات دبلوماسية على الارض السعودية.

 

ولكن في الماضي درجت السعودية على تبني خط براغماتي، حين كان في ذلك ما يخدم مصالحها الحيوية.

 

يضع هذا الواقع احيانا اسرائيل والسعودية في ذات الجانب من المتراس، حين تضطر كلتاهما الى مواجهة دول ذات تطلعات للهيمنة في الشرق الاوسط. بروس رايدل، أحد الخبراء الأوائل في ماضي وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية في شؤون الشرق الاوسط، وصف في مقالة نشرها منذ وقت غير بعيد كيف وجدت اسرائيل والسعودية نفسيهما في ذات الجانب في مواجهة سياسة التوسع لمصر الناصرية.

 

حرية المناورة الدبلوماسية

 

وهكذا، في حرب اليمن في 1962 نشأ مجال لمصالح مشتركة، فمصر بقيادة جمال عبد الناصر أيدت الانقلاب العسكري ضد حكومة الامام في اليمن، حين أدارت القوى الموالية له حرب عصابات ضد النظام الجديد في اليمن. وأيد السعوديون الامام وزودوا قواته بمكان آمن على الاراضي السعودية. أما ناصر فبعث بقوة مهامة ضمت

 

أكثر من 60 ألف جندي وأغارت طائرات سلاح الجو المصري على أهداف في المدن السعودية قرب حدود اليمن. وبعد ذلك، في حزيران 1963، أُقيمت حركة في الاردن بدعم مصري دعت الى الاطاحة بالملك حسين، وأرادت مصر تغييع الانظمة الملكية العربية بجمهوريات عربية بقيادة ضباط جيش سابقين.

 

ويشير رايدل في مقاله الى أن السعودية توجهت لتلقي مساعدة من اسرائيل لتقديم المعونة لقوات الامام في اليمن. وأُديرت الحملة تحت اشراف رئيس المخابرات السعودي كمال أدهم، وفي اطارها نقلت طائرات اسرائيلية مساعدة الى قوات الامام بين أعوام 1964 – 1966.

 

في 1970، بعد نحو ثلاث سنوات من هزيمة الجيش المصري في حرب الايام الستة، انسحبت القوات المصرية من اليمن. وفي هذه الفترة تغلبت سياسة "الواقعية السياسية" السعودية على النفور الايديولوجي من مجرد وجود دولة اسرائيل.

 

في التسعينيات كانت تيارات دينية في السعودية أثرت على نهجها تجاه اسرائيل. فقد نشر اسحق رايتر من معهد القدس للبحوث الاسرائيلية قبل سنتين كتابا حلل فيه كيف واجه الشيوخ المسلمون مسألة السلام مع اسرائيل في العقدين الاخيرين. واقتبس رايتر فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز، المفتي الرئيس في السعودية الذي دعا المسلمين في 1989 الى تقديم المساعدة "للجهاديين" الفلسطينيين، ولكن في فتوى لاحقة في 1994 سمح باتخاذ سياسة مصالحة مع اسرائيل بما في ذلك تبادل السفراء، اذا كان الامر يخدم المصلحة القومية للزعيم المسلم. ومع أن بن باز كتب عن هدنة مع الدولة اليهودية يمكن الغاؤها مع تغيير موازين القوى الاقليمية، إلا أن الفتوى كانت خطوة اولى في تفكير جديد في المملكة.

 

 

وكان موقف بن باز يتعارض مع موقف الشيخ يوسف القرضاوي، الزعيم الروحي للاخوان المسلمين، ومنح زعماء السعودية المستقبلين حرية مناورة لتشجيع مبادرات دبلوماسية مع اسرائيل، اذا ما وعندما تقرر القيادة السعودية مثل هذه الخطوة. ومن الصعب أن نقرر ما هو مدى تأثير فتوى الشيخ بن باز على الملك عبد الله حين نشر مبادرة السلام السعودية في 2002.

 

وبعد هجمة 11 ايلول، التي شارك فيها 15 مواطنا سعوديا، طرأت في السعودية تغييرات ايديولوجية هامة. فقد بدأت السعودية تُدير ظهرها لحركة الاخوان المسلمين، التي حظيت بدعمها منذ بداية الستينيات. في حينه تسلل الاخوان المسلمون الى مؤسسات التعليم والى الجمعيات الخيرية العالمية السعودية، ومن هناك نشروا الايديولوجيا الدينية الكفاحية. في 2002 هاجم الأمير نايف، الذي كان يتولى في حينه منصب وزير الداخلية، الاخوان المسلمين علنا وتحدث عن أهمية "مكافحة التطرف الايديولوجي".

 

كما فرض السعوديون حظرا على نشر كتب سيد قطب، أحد الايديولوجيين الأهم للاخوان المسلمين. في تلك الفترة تقلصت المساعدة السعودية لحماس، وفي اثناءحرب لبنان الثانية هاجم زعماء دينيون سعوديون حزب الله، بينما أيد الاخوان المسلمون في مصر والقرضاوي المنظمة.

 

اليوم ايران هي الدولة التي تتطلع الى الهيمنة الاقليمية وتهدد الاستقرار في الشرق الاوسط. وتسعى ايران الى محاصرة السعودية من خلال دعمها لتمرد الشيعة الزيديين في اليمن، انتفاضة الشيعة في البحرين، الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي

 

الشيعي والتدخل المباشر في الحرب الأهلية في سوريا بواسطة قوات الحرس الثوري الايراني ومقاتلي حزب الله.

 

واضافة الى ذلك تسللت ايران الى السكان الشيعة في اللواء الشرقي في السعودية وأقامت هناك فرعا لحزب الله، وحاول الايرانيون تطبيق سياسة حصار مشابهة ضد اسرائيل من خلال دعم حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان.

 

رغم الخلافات، وجدت اسرائيل والسعودية نفسيهما في ذات الجانب من المتراس في الازمات الكبرى التي ألمت بالشرق الاوسط من عهد ناصر وحتى صدام حسين. والوضع اليوم مشابه في ضوء التهديد الايراني. ويفيد التاريخ بأن الدول التي تعرضت لتهديد ملموس مشترك، عرفت كيف تتغلب على الخلافات بينها وتجد السبيل للتعاون. هكذا بالضبط تصرفت فرنسا وغرب المانيا في ضوء التهديد السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن من السابق لأوانه القول اذا كانت خطوة مماثلة ستقع في الشرق الاوسط ايضا.