خبر الأمطار تقسو على « فرج »..فتفقده بيته وحصانه

الساعة 06:24 م|17 ديسمبر 2013

الاناضول

كعادته مساء كل يوم، عاد "فرج البيشاوي"، الأربعاء الماضي من عمله ممتطيا العربة التي يجرها حصانه، مدخلا إياه في "الحظيرة" الملاصقة لمنزله المتواضع، المسقوف بالصفيح.

وبعد أن وضع للحصان طعامه المفضل، المكوّن من التبن المخلوط بالشعير، أغلق باب الحظيرة جيدا، متوجها لمنزله، كي يستريح بعد عناء يوم شديد البرودة.

"فرج"، البالغ من العمر 45 عاما، يعمل "عربنجي"، وهو مصطلح يطلقه الغزيون على من يعمل في مهنة نقل البضائع على عربة، تجرّها الدواب، مقابل أجر زهيد.

ورغم الأمطار الغزيرة، والرياح الشديدة التي عصفت بمنزل "فرج"، الذي لا تزيد مساحته عن 70 مترا، ومكون من غرفتين، مسقوفتين بالصفيح، إلا أن "فرج"، غطّ في نوم عميق، بسبب التعب والإرهاق، الذي حل ببدنه.

وما هي إلا ساعات، حتى استيقظ "فرج" فزعا على صراخ زوجته، محذرة من غرق المنزل بالمياه، التي يرتفع منسوبها بشكل مخيف، جرّاء الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة.

قفز "فرج" باتجاه أطفاله الثمانية، ووالده الضرير، المقيم معه في المنزل، منتشلا إياهم من أمواج المياه شديدة البرودة، المندفعة إلى منزله، محمّلة بالطين، والمُفعمة برائحة الصرف الصحي الكريهة.

وبعد أن اطمأن قلبه على أطفاله وزوجته وأبيه، وتمكنّ من نقلهم لمكان، يعصمهم من طوفان الماء، تذكّر "فرج" "حصانه"، الذي يعتبره أغلى ما يملك، فهو مصدر رزقه الوحيد.

لكنّ عودته لإنقاذ حصانه، لم تكن ممكنة، فقد غمر "تسونامي" الماه المنطقة بأكملها، وتيقن من أن أمواج الموت قد تمكّنت من جواده، ورفيق دربه البائس.

ومن بعيد أطلق "فرج" نظرات الحسرة على منزله الذي غَمر الماء جلّه، مسترجعا ذكرياته-التي لا تخلو من صفحات البؤس والألم-في هذا المنزل المتهالك.

يقول "فرج"، القصير القامة، حنطي البشرة، ذو الشعر الأبيض المجعد غير المصفف:" لا أعرف على من سأبكى؟ على منزلي وأثاثي وأغراضي؟ أم على حصاني الذي أقتات من عملي عليه؟".

وحينها سمع صوت أحد جيرانه يقول له مواسيا:" يا فرج ..احمد على سلامتك وسلامة أولادك..المال مُعوّض يا فرج".

على إثر تلك الكلمات المهدئة، رد "فرج" قائلا:" الحمد لله..الحمد لله..عليه العَوض..منه العوض".

ومنذ ذلك اليوم، يعيش "فرج" في منزل أحد جيرانه، الذي استضافه إلى حين انتهاء الأزمة، وإصلاح منزله الذي ما زالت المياه تحتله.

ويقول:" مهنتنا لم تعد مجدية، بعد انتشار السيارات والتكتك (عربة مجرورة بدراجة نارية)..فنحن لا نحصل إلا على أجر بسيط، مقابل عمل مرهق جدا..ورغم ذلك فقدنا هذا العمل".

وحده المستقبل ما يخيف "فرج" الآن، فقد بات بلا عمل، بعد أن مات حصانه، الذي كان يحصل منه على قليل من المال، يسد به رمق أطفاله.