خبر هذه هي الضفة اذا شئتم- يديعوت

الساعة 11:29 ص|16 ديسمبر 2013

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: أحوال الضفة في العاصفة الثلجية التي قرّبت مؤقتا بين اليهود والفلسطينيين هناك - المصدر).

 

تجولت أمس في الضفة المثلجة. أشرقت شمس ذهبية صافية مداعبة، ولم يكد يوجد في السماء إلا ذيل سحاب، وكان الهواء صافيا كالبلور، والرؤية رائعة تبلغ الى أطراف تل ابيب. وفكرت في نفسي قائلا: مجنون من يتخلى عن قطعة الارض الجميلة هذه. لا يجوز الانسحاب من متر واحد ما لم يذب الثلج.

 

احتفل السلام في يوم السبت في مفترق اريئيل. وقد علق سائقون فلسطينيون في الثلج الى جانب سائقين اسرائيليين. وساعد الفلسطينيون احيانا على دفع السيارات وساعد الاسرائيليون احيانا. ووجد قائد منطقة الوسط نتسان ألون نفسه بين دافعي السيارات. وأُلغيت المظاهرة الاسبوعية بالقرب من جدار الفصل في بلعين، وهي تقليد مقدس في حلقات اليسار المتطرف، بسبب حالة الجو. فقد كانت تلك واحدة من نهايات الاسبوع القليلة في السنوات الاخيرة لم يسجل فيها أي اضطراب في الضفة وأية واقعة. لا رشق فلسطيني بالحجارة ولا شارة ثمن يهودية. فلو كانت 364 يوم ثلج اخرى لبلغنا الى نهاية الزمان.

 

للفلسطينيين طرق خاصة بهم لمواجهة حالة الجو. فحينما فهموا أن الثلج ينزل ليبقى، لزموا بيوتهم، فمن استطاع أن يوقد نارا أوقد نارا، وتدفأت العائلة كلها حولها

 

وطبخت حولها وأكلت حولها. وكانت النار المفتوحة تعويضا حسنا عن الكهرباء التي انقطعت.

 

وكانت في غزة أحياء غرقت ونقل الجيش الاسرائيلي مضخات لخفض مستوى الماء. ولم تسجل حالات كتلك في الضفة فقد كانت توجهات قليلة من قبل السلطة الفلسطينية، واستُجيبت على نحو عام، فقد كان التعاون نموذجيا.

 

بدأت ازالة الثلج عن الشوارع الفلسطينية في يوم السبت. وتتم الازالة في اسرائيل بعد سلسلة مباحثات ماراثونية بمشاركة رئيس الوزراء والوزراء والموظفين والضباط وعدسات تصوير التلفاز. ويتم ذلك في الضفة على أيدي مقاولين يحصلون أو لا يحصلون على أجورهم من السلطة الفلسطينية أو من السلطة المحلية أو من أصحاب اعمال محليين. ويأتي كل واحد بجرافته الصغيرة أو بجرافته الكبيرة ويفرغ الشارع رويدا رويدا. وعالج الجيش الاسرائيلي الشوارع بين المدن. والذي علق في طول الشوارع ترك سيارته في جنب الطريق وسوى اموره من غيرها. وكانت الشوارع أمس ما تزال مزروعة بسيارات ذات ارقام فلسطينية واسرائيلية واحدة بعد اخرى أو واحدة الى جانب اخرى.

 

لكن لا توجد توقعات كبيرة في الجانب الفلسطيني ولهذا لا توجد صيحات انكسار، فلا أحد يطلب لجنة تحقيق. ومهما يكن ذلك فانه من الخصائص التي تميز المجتمع الفلسطيني عن المجتمع الاسرائيلي.

 

كانت مواجهة المستوطنين للثلج أمرا مختلفا تماما. يقع المجلس الاقليمي بنيامين في مستوطنة بسغوت قبالة رام الله. ويعيش 24 ألف انسان في منطقة المجلس. وهو مجلس قوي جيد التنظيم وحينما تبينت أبعاد العاصفة أُعد ملجآن في المستوطنتين لحال

 

وقوع اجلاء للسكان. وكان انقطاع كهرباء طويل في أكثر المستوطنات امتد نهاية الاسبوع كلها ولم يتجدد التيار في عدد منها الى الآن ولم يوجد ماء ايضا.

 

لكن قيادة الجبهة الداخلية قدمت ثلاثة آلاف كيس تدفئة – وهي أكياس حينما تُفتح يمكن أن تُدفيء الاعضاء الجانبية. وقُدمت زجاجات ماء وفُتحت حوانيت البقالة. وحينما انهارت شبكة الهواتف المحمولة حلت محلها اجهزة الاتصال. واستُعملت فرق الطواريء الموجودة في كل مستوطنة وحلت مشكلات ونسقت غرفة العملية في بسغوت كل شيء.

 

وعانت البؤر الاستيطانية غير القانونية معاناة مميزة. فالعائلات فيها تسكن في كرفانات والبرد قارص، والطرق اليها مشوشة ويتم الربط بشبكة الكهرباء بطرق مرتجلة غير قانونية من وراء ظهر السلطات. إن حرشاه بالقرب من تلمون بؤرة كهذه لم تنجح المحكمة العليا في اخلائها، لكن كاد الثلج ينجح في ذلك. فقد طلبت ثماني عائلات أن تُجلى وأُجليت. وظلت الباقيات في المكان. وكانت قيادة الجيش الاسرائيلي كلها مشغولة أمس في الصباح بابعاد طفلة عمرها سنتان في حرشاه احتاجت الى علاج في المستشفى، ونُقلت بنجاح الى مستشفى تل هشومير.

 

ماذا تقول أخوة الثلج في الضفة عن احتمالات السلام؟ لا شيء. فعندما يذوب الثلج سينقضي الاحتفال. إن السلطة الفلسطينية قد ضاءلت في المدة الاخيرة تعاونها في الشؤون المدنية أكثر خشية أن تفقد موقف مساومتها في التفاوض وكذلك شأن المستوطنين.

 

لكن من الرائع تذكر ذلك. في ذروة العاصفة هبطت مروحية عسكرية في يتسهار وهي المستوطنة الأشد تطرفا في يهودا والسامرة، فنقلت امرأة في الطلق الى المستشفى. وكانت الحادثة مفرحة بصورة خاصة لأنها كانت أول مرة تدخل فيها قوة من الجيش الاسرائيلي الى يتسهار ولا تنالها الشتائم أو نباح الكلاب أو مطر الحجارة.

الى أن يذوب الثلج.