خبر حديقة وطنية لمن؟- معاريف

الساعة 10:59 ص|15 ديسمبر 2013

بقلم: يهوديت اوفنهايمر

المديرة العامة لجمعية "عير عميم"

ايام سيئة تمر على القدس. ففي الاسبوع الماضي أصيبت رضيعة اسرائيلية ابنة سنتين من رشق حجر على  ما حظي باسم "خط التماس" الذي بين ارمون هنتسيف وصور باهر. حجر آخر أصاب  بالجوار نشيط السلام القديم، المحامي داني زايدمن. وتقع اعمال الرشق بالحجارة والتحرشات  على نحو متواتر في "خط التماس" الذي بين جفعات سرفتيت والعيسوية. وبالتوازي، يتعرض المارة الفلسطينيون في الشوارع الرئيسة في القدس لاعتداءات من نشطاء شارة الثمن. وسارع رئيس البلدية الى شجب الاصابة للرضيعة الاسرائيلية وأعلن بنفس واحد بأن "القدس هي من المدن الأكثر أمانا في العالم"، ولكنه هو ايضا يعرف بأن الوضع من شأنه أن يتدهور بسهولة الى ايام يرغب كل سكان العاصمة في نسيانها.

وأقول على الفور: لا شيء يبرر المس بالأبرياء والعنف ليس أبدا السبيل لحل النزاعات. ولكن العنف يندلع انطلاقا من واقع مستمر من الاهمال، القمع واليأس. ففي ظل ولاية رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس البلدية بركات تعاظم الاحساس بانعدام المخرج في اوساط سكان القدس الشرقية. قبل نحو اسبوعين، بتشجيع من بلدية القدس وبتحفيز غير مسبوق من جانب حكومة اسرائيل أُقر مخطط الحديقة الوطنية في سفوح جبل المشارف. ونثر المخطط الى مهب الريح مخططات البناء التي وضعها سكان الحيين الفلسطينيين الطور والعيسوية والتي مولوها بأموالهم وبكدهم على مدى السنين وشجعت البلدية وصادقت عليها. وتضمنت مخططات السكان مبان عامة حيوية لحييهم – مدارس، رياض اطفال وملاعب.

 لم يعارض السكان مخطط الحديقة الوطنية بل طالبوا فقط بما وعدوا به في الماضي من البلدية: ألا يمس مخطط الحديقة الوطنية بمخططاتهم. وفي غضون نصف ساعة من انتهاء البحث الذي استغرق أكثر من سبع ساعات صادقت اللجنة الفرعية للتخطيط والبناء على مخطط الحديقة الوطنية في ظل التجاهل التام لمطالب السكان.

بعد عدة ايام من المصادقة على مخطط الحديقة الوطنية اعتقلت الشرطة خلية فتيان من العيسوية للاشتباه برشق الحجارة والزجاجات الحارقة نحو القاعدة العسكرية المحاذية للحي. ويرى العديد من سكان القدس الاسرائيليين في هذه الافعال ما يمثل العيسوية بأسرها. وهم لا يعرفون شروط الحياة الصعبة في الحي ولا يعرفون بأن لجنة الحي تحاول مكافحة مظاهر العنف التي تضر قبل كل شيء بالجمهور الفلسطيني نفسه. فهل تم في الاحياء الاسرائيلية بذل جهد مشابه لوقف العنف؟ هل تعمل الحكومة ضد منفذي عمليات شارة الثمن بذات التصميم الذي تتخذه ضد منفذي الاعمال المضادة في الاحياء الفلسطينية؟.

في ظل غياب أفق لحل سياسي في المستقبل المنظور يتثبت في القدس واقع ثنائي القومية يقوم على أساس التمييز العميق في كل مجالات الحياة. في فترة ولاية بركات الاولى لرئاسة البلدية ارتفعت معطيات الفقر بين سكان القدس الشرقية الى قرابة 80 بالمئة، والنقص في صفوف التعليم ورياض الاطفال الى أكثر من 2000. وكانت أول كتلة ضمها بركان لائتلافه الجديد هي الكتلة التي أدارت حملة عنصرية علنية ضد سكان القدس الفلسطينيين.

تدحر هذه السياسة سكان القدس الشرقية نحو مطارح اليأس التي سيخرج منها كل سكان القدس خاسرين وذات الاسوار والاسيجة تتمكن من منعها. فهذا الموضوع مصيري بالنسبة لنا نحن سكان القدس. فالقوى المعتدلة والمحبة للحياة في هذه المدينة يجب ان تطلق صوتها وعلينا أن نعارض العنف بصفته هذه وأن نكافح العنصرية في كل مكان ترفع فيه رأسها. ونعترف بصلة كل سكان المدينة بها ونصر على حقهم في ادارة حياة ازدهار وكرامة فيها. كل هذا لا يمكنه أن يحل محل تسوية سياسية عندما يحل اليوم، ولكنه قد يساعدنا على اجتياز الايام التي ستأتي علينا.