خبر يفضل الجلوس على الجدار ..معاريف.. بقلم: ياعيل باز ميلميد

الساعة 12:58 م|13 ديسمبر 2013

          (المضمون: هل فهم نتنياهو كم يحترم العالم الزعماء ذوي الرؤيا مثل مانديلا، الذي احدث ثورة حقيقية في بلاده والكثير بفضل المصالحة، التسامح والرغبة الحقيقية في عمل ما هو خير لدولته – وليس لاستمرار حكمه  - المصدر).

       كُتب وقيل الكثير عن تغيب نتنياهو عن احتفال التأبين لمانديلا. ولا يزال غير كاف، إذ يوجد في السلوك المخجل الذي شهدناه أكثر من مجرد حادثة محلية، وكأنها على خلفية رغبة نتنياهو في توفير المال. توجد هنا هرولة إلى الأمام قصيرة في آلة الزمن نحو ما ينتظر إسرائيل في الزمن القريب القادم، اذا لم يحصل شيء في المحادثات الجارية الان بينا وبين الفلسطينيين. فالعالم كله، وبالتأكيد الولايات المتحدة ودول اوروبا ستواصل السير كل الطريق بدوننا. إسرائيل ستكون دولة منعزلة لن تتمكن من الوصول الى الكثير من الاحتفالات الكبرى في العالم، واحد لن يهمه هذا.

          تماما مثلما حصل أول أمس في جوهانسبورغ. حسب كل التقديرات، اضافة الى الكلفة العالية لمشاركة رئيس الوزراء وعقيلته في الجنازة، يوجد حظ كبير في أن نتنياهو لم يقف الى جانب الزعماء الأكبر لمئة دولة لأنه كان هنا خطر كبير في أن يصطدم بهتافات تحقير غاضبة من الجمهور الجنوب افريقي. هذه الأمور تحصل ببطء، خطوة إثر خطوة. ولكن هذه الوتيرة ايضا في نهاية المطاف ستصبح طوفانا، تماما مثل ماء المطر التي تنال الزخم في ظل الحركة. غدا هذا سيحصل في بريطانيا، ربما في فرنسا او السويد، وحتى في اجزاء معينة من الولايات المتحدة.

          ولما كان هذا الانجراف الكبير يأتي بحقن صغيرة منذ غير قليل من السنين، فنحن لا ننتبه دوما للتيار المتعزز، نفضل التفكير بان هذه قطرات فقط. وفقط عندما بدأت المقاطعات وهتافات التحقير بدأ بعض الانفعال. اهتموا بذلك في البرامج التلفزيونية المختلفة وكل البينيتيين والكينيين والفينيين بعثوا بالناطقين بلسانهم  ليشرحوا للشعب باننا أقوياء ولن نستسلم وأضافوا بأننا خيرون  وطاهرون  أخلاقيا، وكل هذا ليس سوى لاسامية. أما الآن فهذا ايضا انتهى. اعتدنا. المقتنعون بصفتنا الشعب القوي والمختار يقنعون  انفسهم باننا يمكننا ان  نقف في وجه كل ضغط،  لان  الحقيقة أقوى من كل شيء، وبعد قليل  ستعترف كل باقي دول العالم برغبتنا الشديدة بالسلام والتي يعود ليرفضها الفلسطينيون.

          غير ان ليس فقط في العالم لا يشترون هذه الشعارات والكليشيهات لليمين المعلب. فقسم كبير  من الجمهور الإسرائيلي أيضا لا يشتريها. وحسب  الاستطلاعات الأخيرة، فان  نتنياهو لا  يزال هو الوحيد الذي  يمكنه أن يكون رئيس الوزراء،  ولكن التقدير له آخذ في الهبوط (حسب الاستطلاع الأخير لديالوغ الذي نشر في "هآرتس"). ومن مثل نتنياهو يعرف بانه لا يوجد فراغ للمدى الطويل. وآجلا أم  عاجلا ستدخل قوى جديدة الى الساحة السياسية بحيث تشكل بديلا لرئاسة الوزراء. كما أنه يعرف بان العالم بات مناهضا لإسرائيل، عقب الاحتلال المتواصل والتمييز الذي لا يطاق بحق أكثر من مليون ونصف فلسطيني. وستكون لعزلتنا في العالم اثمان باهظة جدا. احدها رأيناها فقط هذا الاسبوع، عندما لم يتمكن  نتنياهو من الوقوف في الحدث العالمي الاكبر الى جانب باقي زعماء العالم. ولا يزال ليس متأخرا عمل شيء. نافذة الفرص آخذة في الانغلاق، ولكن لا تزال فيها بعض الثغرات التي يمكن عبرها رؤية النور. فهل فهم نتنياهو كم يحترم العالم الزعماء ذوي الرؤيا مثل مانديلا، الذي احدث ثورة حقيقية في بلاده والكثير بفضل المصالحة، التسامح والرغبة الحقيقية في  عمل ما هو خير لدولته – وليس لاستمرار حكمه.

          هذا هو المكان  الذي يقف فيه نتنياهو اليوم. هذا هو مفترق الطرق الاهم في كل حياته السياسية. في هذه اللحظة يبدو أنه يختار البقاء في  المفترق. لا ان يختار اتجاها ما. غير ان هذا الامتياز أيضا سينتهي.  وسيكون ملزما في أن يحسم، الامر الذي جد لا  يستطيبه. واذا اختار طريق اليمين على نمط بينيت والكين ولفين، سيحكم على دولة اسرائيل بمصيبة كبيرة. اذا ما اختار طريق اليميني المعتدل، الوسط واليسار، فسيدخل التاريخ كزعيم محبوب عرف كيف ينهي عشرات من سنوات الاحتلال على شعب آخر بل وربما يحل السلام على دولة إسرائيل. الخيار هو كله خياره. لديه اغلبية للسير في هذا الطريق.