خبر بارز بغيابه ..يديعوت.. بقلم: سيما كدمون

الساعة 12:56 م|13 ديسمبر 2013

(المضمون: تحتاج اسرائيل في هذه الايام خصوصا الى زعيم مثل دي كليرك آخر رئيس حكومة ابيض في جنوب افريقيا الذي أفضى الى انهاء نظام الفصل العنصري - المصدر).

1-            انسان أفضل

عملاق التاريخ، هكذا سمى الرئيس الامريكي نلسون مانديلا في مراسم جنازته، وتحدث عن معرفته الاولى لمانديلا قبل ثلاثين سنة حينما كان طالبا شابا، حينما درس عن نضال الزعيم الجنوب افريقي لاجل أبناء شعبه. وقد زعزع ذلك شيئا ما في داخله ونبهه الى مسؤوليته عن نفسه وعن الآخرين.

     وحينها قال اوباما الجملة التي يريد كل زعيم وكل انسان في الحقيقة أن تُقال فيه وهي: لقد جعلني أود أن أكون انسانا أفضل.

     كانت تلك خطبة تبعث الالهام، وذلك خاصة لأنها قوّت العلم بأن جنوب افريقيا يدفن هذا الاسبوع واحدا من أكبر زعماء البشر. فقد تحول من كان ارهابيا ونشيطا في تظاهرات عنيفة، وسجينا اتهم بنشاط تخريبي وبتآمر على السلطة وحكم عليه بالسجن المؤبد، ومناضل حرية مكث في السجن 27 سنة، تحول الى رمز النضال لنظام الفصل العنصري وأفضى الى انهائه. وكل ذلك بروح التصالح الوطني والوحدة والتساوي في الحقوق.

     من منا، أعني الذين شاهدوا في هذا الاسبوع الاستعراضات الواسعة عن مانديلا، لم يقل في نفسه في أسى ما أقل الزعماء من أمثاله، أو كيف كانت اسرائيل ستبدو لو نشأ فيها مانديلا كهذا.

     لكن اسرائيل ليست محتاجة اليوم الى رئيس مثل مانديلا بل الى شخص ضوئل ظهوره في مراسم الجنازة وهو فريدريك دي كلارك الذي كان آخر رئيس ابيض لجنوب افريقيا بين السنتين 1989 و1994 وأورث مانديلا كرسيه. إن دي كلارك هو الرجل الذي كان مسؤولا عن الغاء نظام الفصل العنصري وعن تحول جنوب افريقيا الى دولة ديمقراطية تتساوى الحقوق فيها لجميع الأعراق.

     كانت عظمة دي كلارك أنه أدرك ما لم يدركه أحد حوله في تلك الفترة وهو أن نظام الفصل العنصري بلغ نهايته وأنه يجب إشراك الاكثرية السوداء في الحكم، وكان انسانا متنورا لم يحجم في خطبة تاريخية خطبها في مجلس النواب في شباط 1990 عن اعلان أن سياسة الفصل العنصري فشلت، وأباح نشاط احزاب كانت حتى ذلك الوقت خارج القانون، وأعلن الافراج عن سجناء سياسيين، وألغى عقوبة الاعدام وحدّ فترة الاعتقالات الادارية، وبعد ذلك باسبوع أعلن الافراج عن نلسون مانديلا من السجن.

     كان دي كلارك هو الذي ألغى قوانين التمييز التي كانت مستعملة حتى ذلك الحين في جنوب افريقيا، ومنها قوانين كانت تتعلق بملكية الاراضي والمناطق السكنية والتصنيف بحسب العرق. وقام دي كليرك بتلك الاصلاحات مع معارضة قوية في داخل حزبه أدت بجماعة من المتمردين الى ترك الحزب والى أن يبحثوا لهم عن بيت آخر.

     ولهذا يبدو أن اسرائيل لا تحتاج الآن الى مانديلا. ومع كل الاجلال لأول رئيس اسود لجنوب افريقيا فانه ما كان ليحدث شيء لولا أنه كان هناك انسان مثل دي كليرك عرف كيف يقرأ الواقع وكانت عنده الشجاعة والجرأة ليصوغه من جديد.

     لكنه يحتاج لذلك الى زعيم براغماتي ذي شجاعة ورؤيا وعمود فقري قوي. وشخص لا يخشى حكومته وحزبه وزوجته؛ شخص يدرك أنه توجد لحظات في التاريخ يجب فيها تحريك الجبال وقلب المعايير والمواضعات وتغيير نظام العالم.

     ينبغي أن تكون الزعيم الذي يُقال فيه: لقد جعلني أود أن أكون انسان أفضل.

2-            الحراس مذنبون

ما العجب اذا أنه في هذا الاسبوع ونحن نطلع على زعماء من نوع مانديلا ودي كليرك، بل إن اوباما عاد ليصبح مدة بضع دقائق، الرجل الذي كانه قبل أن ينتخب في المرة الاولى – ليس ألذ شيء أن تكون اسرائيليا. وحدث ذلك حينما أعلن مُعلن في الملعب الرياضي "سوكر سيتي" في جوهانسبورغ اسمي رئيس دولة اسرائيل ورئيس حكومة اسرائيل أنهما من الحاضرين هناك، وابتلعت صوته اصوات الغناء ولم يهم أحدا هل وُجدا هناك أم لا.

كان كل ذلك والدولة هنا مشغولة بأنه من يجب أن يسافروا ولماذا لم يسافروا وكم كان سيكلفنا لو سافروا؟.

بعد انقضاء اسبوع آخر تبين فيه سلوك الحكم الاعوج في اسرائيل يمكن أن نلخص الاحداث بقولنا إن ما وجد سفاحا وتطور لاعتبارات غير ذات صلة بالواقع تنتهي الى التفجر. فبهذا فقط يمكن أن نفسر تسلسل الاحداث الذي بدأ في اعلان موت مانديلا وانتهى بارسال رئيس الكنيست يولي ادلشتاين على عجل الى مراسم الجنازة في جنوب افريقيا.

في نهاية الاسبوع الماضي توجه مراسلون الى بيت الرئيس وطلبوا أن يعرفوا من الذي سيسافر. وقيل لهم إن رئيس الوزراء يريد أن يسافر لكنه لم يبت الامر بعد. وفي مساء يوم الاحد أُعلن بأن رئيس الوزراء وزوجته استقر رأيهما على السفر. وبعد ذلك بساعتين أُعلن بأن نتنياهو استقر رأيه على أنه لن يسافر بسبب تكاليف السفر الباهظة. واضطر بيرس، الذي أراد جدا أن يسافر قبل أن يعلن نتنياهو بأنه هو الذي سيمثل الدولة، الى البقاء في البيت بسبب المرض.

لم يُتخذ قرار نتنياهو على عدم السفر بسهولة. فقد قامت من جهة كل الاغراءات في هذا السفر ومنها المشاركة في حادث تاريخي لا تريد أية دولة أن تغيب عنه. وأن يكون بضع ساعات بحضرة عظماء العالم، وأن يعانق براك وميشيل وبيل وهيلاري. وأن يسير في الملعب الرياضي والمُعلن يعلن باسم بنجامين نتنياهو وربما باسم زوجته – وكيف يتجرأون على ألا يفعلوا. وفي مقابل ذلك كان اولئك الذين اعتقدوا أن نتنياهو لا يجب أن يسافر فهو بين الاشخاص الذين توجه اليهم أكبر كراهية إن لم يكن ذلك في العالم ففي جنوب افريقيا. وكان لو فعل سيُستقبل في تظاهرات وصيحات احتقار. إن جهوده ليروج بيننا الملك بيبي، والرجل الذي يناطح الرئيس اوباما، كانت ستتلاشى هناك حينما يدخل هو وسارة الى الملعب الرياضي.

إن استقرار الرأي على عدم السفر تم في مزاج سيء أصلا بعد نهاية اسبوع نال فيه الزوجين نتنياهو النقد على حساب نفقاتهما، ويبدو أنهما اعتقدا أنهما اذا أشركا الجمهور في نفقات السفر وتشمل الكشف عن تكاليف الحراسة، فسيبدوان صدّيقين.

لكن حدث هنا ما ورد في مقولة "الخطآن لا ينتجان صوابا": فقد حاول نتنياهو أن يُسوغ عدم سفره الى جنوب افريقيا بتكاليف الحراسة المرتفعة. لكن الأمرين مخطئان – أعني الكشف الذي لا داعي له والغاء السفر ايضا. والأمران مخطئان لا يجعلان أمرا صوابا.

إن نشر تكاليف الحراسة فاضح. وقد حاولت أن أفحص هل كُشفت في يوم ما للجمهور تكاليف حراسة زعمائنا. وهل كشف شخص ما ذات مرة عن أن الحديث ايضا عن طائرة هيركوليس، وعن سيارات مدرعة تُنقل من البلاد جوا، وكم يكلفنا ذلك. يبدو لي ان ذلك لم يكن فربما حان الوقت للكشف عن ذلك حقا. ومن المثير أن نعلم مثلا كم كانت تكاليف حراسة حاشية رئيس الوزراء في السفر الى الصين. وربما يتضح أنه يوجد غير قليل من رحلات رئيس الوزراء يبلغ الى مثل هذه التكاليف لكنهم لم ينشروها قط لأنه لم يهتم أحد بذلك الى الآن.

وكما يحدث مع نتنياهو دائما سيرتد الامر عليه كعصا مرتدة، فسنستطيع منذ الآن أن نطلب أن نعرف ما هي تكاليف حراسة كل رحلة ويبدأ نقاش عام يتناول جدوى ذلك. هذا الى أنه اذا اتخذ قرار واذا أعلنوا أنهم مسافرون – فما معنى تعويج الامور والقاء الامر على تكاليف الحراسة وكل ذلك في مدة انذار قصيرة في حين يجب أن يُحمل شخص ما في طائرة في آخر لحظة.

إن اعلان الغاء السفر بسبب كلفته إهانة للعقل. وغياب نتنياهو عن الحدث والنشر الصحفي العالمي لظروف غيابه إهانة للدولة.

3-            نزاعات وطلاق

ليس ثم ما يُحسد عليه رئيس الائتلاف الوطني. إن ياريف لفين متعب في هذه الايام كما لم يتعب كثير من رؤساء الائتلاف في الماضي. فقد استمرت النزاعات بين البيت اليهودي ويوجد مستقبل في كل مكان ممكن في هذا الاسبوع. في يوم الثلاثاء رفض رئيس اللجنة المالية، نيسان سلومنسكي، البحث في تحويل نفقة ملايين الى ديوان رئيس الوزراء على مشروعي "تغليت" و"مساع"، اللذين يأتي في اطارهما الى البلاد في كل سنة آلاف الشباب اليهود، وكان ذلك ردا على قرار لبيد على التقليص من برنامج طلاب المدارس الدينية الذين يأتون من خارج البلاد للدراسة في البلاد.

وفسر سلومنسكي ذلك بأنه في حين يأتي الشباب في مشروعي "تغليت" و"مساع" لمدة عشرة ايام ويبقى قليل جدا منهم هنا، فانه في مشروع أبناء المدارس الدينية يستقر كثيرون من الآتين هنا.

     في ذلك اليوم قاطع اربعة من اعضاء الكنيست من يوجد مستقبل الجلسة التي بحثت في تحويل 88 مليون شيكل الى قسم الاستيطان وخُصص جزء من المبلغ للمستوطنات. كان ذلك رد يوجد مستقبل على البيت اليهودي الذي يمنع اجازة قوانين كقانون التساوي الضريبي لازواج المثليين الذي رُفض مرتين.

     في اللجنة الوزارية للتشريع لا يحسب وزراء يوجد مستقبل للبيت اليهودي حسابا. والزعم في البيت اليهودي هو أنه لو أراد لبيد أن يخلص حزب بينيت لاستطاع أن يجيز قانون المساواة الضريبية للمثليين بصورة تعليمات. لكن لبيد أصر على أن يرى ذلك مسألة حقوق انسان، تتطلب سن قانون لاحراج البيت اليهودي فقط.

     ونشأ خلاف في الرأي في تباحث اللجنة في الدفع بمكانة المرأة قدما، بين يوجد مستقبل والبيت اليهودي في شأن اقتراح القانون من عضو الكنيست عليزة لافي التي طلبت الغاء الصلاحية المزدوجة بين المحاكم الدينية ومحاكم شؤون الأسرة. وعلى حسب اقتراح القانون الذي قدمته لافي، يُفتح ملف الطلاق بموافقة الطرفين فقط، فاذا لم توجد موافقة فان القضية تُبحث في محكمة شؤون الأسرة. وأعلن نائب وزير الاديان، ايلي بن دهان، أنه ينوي الاعتراض على الاقتراح.

     إن التوتر كبير جدا بحيث أُبلغ في يوم الاربعاء اجراء "لقاء قصير" بين لبيد وبينيت. وتبين أن اللقاء شمل كلمتي "كيف حالك" عند الدخول الى المجلس الوزاري المصغر. وفي ذلك اليوم ظهر بينيت في كل قناة اعلامية ممكنة.

     تلك خلافات لا داعي اليها ألبتة، يقول لفين، لا يبعث عليها سوى طلب العناوين الصحفية. توجد مطاردة وسواسية للعناوين الصحفية، وارادة كل طرف أن يبقى ذا صلة بالواقع بأن يوقف الطرف الثاني.

     يزعم لفين أن الاختلافات وهمية وأن المواجهة حقيقية ويبدو أن هذا غير داحض. يبدو أن الطرفين لبيد وبينيت ايضا محتاجان الى هذه المواجهة، فلبيد مدين بها لناخبيه وبينيت لحاخاميه.

     ينوي لفين الآن أن ينشيء فريقا يكون فيه تمثيل لكل احزاب الائتلاف الحكومي، ويُركز التشريع كله في شؤون الدين والدولة والاحوال الشخصية. وسيبحث الفريق في كل قانون قبل أن يؤتى به للتصويت عليه في الكنيست كي لا يحدث ما حدث قبل اسبوع حينما اقتُرح قانون عدي كول أن يُمنح أزواج المثليين مع أولاد نصف نقطة استحقاق من ضريبة الدخل، واعتُرض عليه.

     لكن أقبح شيء حقيقة أنه لا يوجد الى الآن رئيس للجنة الخارجية والامن. وتبين أن رئيس الكنيست يولي ادلشتاين أُرسل لاجراء سلسلة مشاورات مع رؤساء الكتل الحزبية للاتيان باقتراح رئيس لجنة مؤقت لا يكون من الليكود بيتنا لأن هذا سيبدو مثل عمل خاطف حزبي، ولا من يوجد مستقبل لأن لبيد لن يوافق على أي شخص ليس عوفر شيلح. وأُثيرت اقتراح مثل موتي يوغاف من البيت اليهودي ومئير شتريت من الحركة، بل فؤاد من المعارضة.

     بيد أن الذي يرأس لجنة الكنيست التي يفترض أن توافق على التعيين هو تساحي هنغبي الذي يرى نفسه مرشحا للمنصب. فهل يكون هنغبي مستعدا للموافقة على هذا التعيين المؤقت الذي سيتحول سريعا جدا كما نعلم الى تعيين دائم؟.

     ليس واضحا ما سيفعله هنغبي لكن ما سيفعله لبيد أوضح كثيرا وهو يقول ذلك علنا وهو أنه اذا عُين رئيس مؤقت فسيضطر لبيد الى إحداث قدر كاف من الفوضى للتحقق من أنه لن يتحول الى تعيين دائم.

     فلماذا نشتكي من سلوك أعوج من السلطة في السفر الى جنوب افريقيا، في حين لا يمكن التوصل هنا الى اتفاق حتى على رئيس لجنة.