خبر ‘هآرتس′: نظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا أنقذ الصناعات الجويّة الإسرائيليّة من الإفلاس

الساعة 07:44 ص|12 ديسمبر 2013

القدس العربي

كشفت صحيفة ‘هآرتس′ العبريّة النقاب عن أنّ نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا كان أكبر الزبائن وأهمّها للصناعات الأمنيّة الإسرائيلية، وقام بتمويل المشاريع الكبرى والطموحة للدولة العبريّة، مضيفةً أنّه في الوقت الذي فُرضت على جنوب أفريقيا عقوبات اقتصادية، ورفضت الدول الغربّية تزويدها بأسلحة متطورة، فإنّ إسرائيل، التي كانت تُواجه عزلة دولية شديدة وبحاجة ماسّةٍ إلى الأموال لم تتردد في التعاون معها.

وأكّد رئيس تحرير الصحيفة، المحلل المخضرم، ألوف بن، في سياق تقريره الحصري على أنّ نظام الأبرتهايد المحتضر هو الذي أنقد الصناعات الأمنيّة في إسرائيل. ولفت رئيس تحرير الصحيفة إلى أنّ التعاون بين إسرائيل ونظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا وصل أوجه في نهاية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، في الفترة التي كان النظام العنصري يحتضر فيها. وفي حينه قدّمت إسرائيل التكنولوجيا المتطورة التي طورتها الصناعات الأمنية الإسرائيلية، وكان لكبار المسؤولين في وزارة الأمن الإسرائيلية والجيش علاقات ممتازة مع نظرائهم في نظام الأبرتهايد، وعلى رأسهم وزير الجيش ماغنوس مالان، ورئيس أركان الجيش وكبار المسؤولين في الصناعات الأمنية الرسمية. علاوة على ذلك، كشف النقاب عن أنّ الصفقة الأكبر قد تمّ التوقيع عليها قبل 25 عاما، في العام 1988 حيث قامت إسرائيل ببيع نظام الأبرتهايد نحو 60 طائرة من طراز (كفير) التي لم تعد مستخدمة في سلاح الجو الإسرائيلي.

وبعد إدخال عملية تطوير أساسية فيها بدأ استخدامها من قبل سلاح الجو في جنوب أفريقيا، مشيرًا إلى أنّ قيمة الصفقة وصلت إلى مبلغ 1.7 مليار دولار. وفي حينه وُصف المشروع بأنه تطوير للصناعات الجوية في جنوب أفريقيا، وأطلق عليه اسم (أطلس)، وكانت إسرائيل هي المقاول الرئيسي فيه. ورغم أن إسرائيل حاولت أنْ يكون دورها في ذلك أكثر تواضعا، إلا أنّه على أرض الواقع فقد نفذّ الكثير من العمل في مصانع الصناعات الجوية في اللد، وقامت شركات إسرائيلية أخرى بتوفير أجهزة وقطع للمشروع، على حدّ قوله.

بالإضافة إلى ذلك، أوضح المحلل بن أنّ الصفقة في حينه ساعدت الصناعات الجوية الإسرائيلية على الخروج من أزمة خطيرة وقعت فيها بعد إلغاء مشروع الطائرة القتالية (لافي) في صيف العام 1987.

وفي حينه أيضا، كتب رئيس تحرير الصحيفة العبريّة، قامت الصناعات الجوية بإنتاج عدة منتجات جرى تطويرها لطائرة (لافي)، من بينها أجهزة رادار وأنظمة قتالية إلكترونية وخوذات للطيارين وشاشة عرض في غرفة الطيار، وغيرها. ومع إلغاء مشروع (لافي) جرى تحويل الجهود الإنتاجية الحربية للتصدير.

كما أنّ الصين قامت بشراء التكنولوجيا الإسرائيلية لطائراتها القتالية التي طورتها وهي من طراز (جي 10)، بينما اختارت جنوب أفريقيا شراء طائرات (كفير) وإدخال أنظمة (لافي) عليها، على حدّ قوله.

وساق المحلل قائلاً إنّ طائرات (كفير) كانت النموذج الإسرائيليّ لطائرة (ميراج) الفرنسية، مع محرك من إنتاج الولايات المتحدة الأمريكيّة، مضيفًا في هذا السياق أنّ الولايات المتحدة كانت تستطيع فرض حظر على تصدير (كفير) وذلك لأنّ بيع المحركات لدولة ثالثة يجب أن يكون بموافقة واشنطن، وعلى الرغم من ذلك، لم تفرض الحضر.

ولفت أيضًا إلى أنّه جرى إنتاج 200 طائرة من هذا النوع، ولكنها تقادمت بسرعة وسعى سلاح الجو الإسرائيلي للتخلص منها. وفي المقابل، فإنّ جنوب أفريقيا، التي كانت تخشى من التدخل السوفييتي والكوبي في الحرب الأهلية في أنغولا المجاورة، رأت في ذلك فرصة لتعزيز سلاحها الجويّ، على حدّ قوله.

وأشار رئيس التحرير أيضًا إلى أنّ الصفقة مع جنوب أفريقيا خلقت مشكلة، حيث أنّ الإدارة الأمريكيّة فرضت عقوبات على نظام الأبرتهايد، ولم يكن هناك أي احتمال لموافقتها على تصدير طائرات (كفير) مع المحرك الأصلي، وعندها قامت جنوب أفريقيا بشراء محركات من فرنسا، وبذلك فإن (الميراج) التي تمّ تصميمها في فرنسا، واستنسخت في إسرائيل، عادت إلى محركها الأصلي. وساق المحلل قائلاً إنّ الدولة العبريّة انضمت إلى العقوبات الدولية في العام 1987، ولكنها أعلنت في الوقت نفسه أنها ستواصل احترام العقود القائمة مع جنوب أفريقيا لبيع السلاح، وزعمت تل أبيب، أضاف بن، أنّ صفقة طائرات (كفير) كانت استمرارًا لصفقات سابقة وليست جديدة، وبالنتيجة فإنّ فرنسا اتخذت من ذلك ذريعة لمواصلة تزويد جنوب أفريقيا بالمحركات، على حدّ قوله.

بالإضافة إلى ذلك، نوّه المحلل إلى أنّ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية احتفلت بالصفقة، وحافظت في الوقت نفسه على سريتها خشية أن تؤدي الضغوط الأمريكية إلى إلغائها. ورجحّ المحلل أنْ يكون قد وقّع على الصفقة من الجانب الإسرائيلي وزير الأمن في حينه يتسحاك رابين، والمدير العام لوزارة الأمن دافيد عفري، والمدير العام للصناعات الجوية موشي كرت، ونائب المدير العام لوزارة الأمن لعلاقات الخارجية والأمن حاييم كرمون، ورئيس البعثة الإسرائيلية إلى بريتوريا الجنرال حجاي ريغيف. كما يشير إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان رابين نفسه قد توجه إلى جنوب أفريقيا للتوقيع على الصفقة.

وخلص رئيس تحرير ‘هآرتس′ إلى القول إنّه بعد مرور أسبوعين من التوقيع على الصفقة، سجلّت الصناعات الجوية الإسرائيليّة إنجازًا تمثل في إطار أول قمر اصطناعي ضمن أقمار التجسس (أوفيك).

وختم، نقلاً عن مصادر غربيّة وصفها بأنّها رفيعة المستوى، ختم قائلاً إنّ هذا المشروع كان ثمرة تعاون مع جنوب أفريقيا، حيث أنّه بدون تمويل نظام الأبرتهايد للمشروع، الذي كان على وشك الإغلاق بسبب الميزانيات، لم تكن إسرائيل قادرة على إطلاق القمر الاصطناعيّ، على حدّ قول المصادر عينها.