خبر عاصفة في الطريق- يديعوت

الساعة 10:36 ص|08 ديسمبر 2013

عاصفة في الطريق- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: إن الولايات المتحدة واسرائيل كما تدل الدلائل على شفا مواجهة في الشأن الفلسطيني - المصدر).

 

يُحسن براك اوباما اعداد واجباته الدراسية. فقد أجاب أمس في منتدى سبان في واشنطن عن اسئلة في موضوعين فقط: المشروع الذري الايراني والتفاوض الاسرائيلي الفلسطيني. وكانت أجوبته فصيحة ومنظمة وغنية بالتفاصيل ودقيقة فيما كان فيها وفيما لم يكن. فمن أراد الاقتناع اقتنع ومن لم يُرد الاقتناع حصل على تعزيز آخر لشكه.

 

إن اوباما هو الرئيس الثاني الذي يحضر منتدى سبان في فترة ولايته. وكان السابق هو جورج دبليو بوش. وقد استقبل الامريكيون والاسرائيليون الكبار – من الساسة ورجال الاعمال والباحثين والصحفيين – الذين يشاركون في المؤتمر، استقبلوا الرئيس باكرام كبير كما يستحق، لكن بحماسة محدودة. ولم يأت اوباما لينال الهتاف له خلافا لما كان في حضوره السابق أمام جمهور اسرائيلي في مباني الأمة في القدس، بل جاء ليُبين. وقد بيّن. حينما نقشر عن كلامه القشرة الدبلوماسية ونضيف اليه ما يقوله هنا في الغرف المغلقة ناس الادارة في الحاضر والماضي فانه يمكن أن نوجزه كما يلي:

 

دخلت الولايات المتحدة التفاوض مع ايران في وضع غير سهل، فقد هدد التحالف الدولي الذي انشأ العقوبات بأن يُفض. واشتكت روسيا والصين وكوريا الجنوبية واليابان أنها تدفع ثمنا باهظا بسبب العقوبات، وضغطت للتخفيف منها؛ وعارض أكثر الامريكيين ويعارضون عملية عسكرية على ايران. وتقول استطلاعات الرأي إن أكثر الامريكيين يتحفظون الآن من كل مبادرة امريكية في الشؤون الخارجية؛ وزعمت اسرائيل وتزعم أن ايران كانت على شفا الانكسار. لكن الادارة الامريكية اعتقدت خلاف ذلك فلولا الاتفاق لوصلت ايران الى القنبلة الذرية. وبعبارة اخرى دخلت امريكا التصالح مع ايران وهي أقل قوة مما اعتقدتم، وكانت ايران أقل ضعفا. فالاتفاق معقول في هذه الظروف.

 

اعترف اوباما أمس لأول مرة وبصوته بأن ايران تستطيع في الاتفاق النهائي ايضا أن تخصب اليورانيوم. واعترف ايضا بأن الاتفاق النهائي مهما يكن جيدا فلن يستطيع أن يمنع النظام الايراني من التوصل الى سلاح ذري لأن العلم لا يمكن القضاء عليه ولا التكنولوجيا ايضا. فستصبح ايران في واقع الامر دولة على الحافة.

 

ووعد اوباما بأنه اذا فُجر التفاوض فستعود العقوبات كاملة وربما تزداد. و"سيوزن" الخيار العسكري. ويُخيل إلينا أن كل واحد في القاعة فهم أن هذا الكلام لن يذعر أحدا في طهران: لأن لمسار انتقاض العقوبات الدولية حراكا يخصه ولا يمكن تقريبا وقفه فضلا عن اعادته الى الوراء. وفيما يتعلق بالخيار العسكري فليس له مؤيدون لا في المؤسسة العسكرية الامريكية ولا في الرأي العام. ويصعب على الزعيم في امريكا كما هي الحال في اسرائيل أن يأمر بعملية عسكرية يرفضها أكثر الرأي العام منذ يومها الاول.

 

يبدو أن اوباما وصف بصدق الاختلافات في الرأي بينه وبين نتنياهو. يؤمن نتنياهو بأنه يمكن ويجب إخضاع ايران؛ ويؤمن اوباما بأنه يمكن تحصيل شيء أكثر منها بطريقة دبلوماسية. ومهما يكن الامر فقد توصل اوباما الى قراره. وعلى حسب أجوبته عن اسئلة حاييم سبان فانه مستعد لمشاورة نتنياهو لكنه غير مستعد لتلقي إملاءات منه.

 

بقي لنتنياهو كما يبدو ورقة لعب واحدة وهي أن يهدد الرئيس بقانون يُجيزه اصدقاء اسرائيل في مجلسي النواب يأمر بتشديد العقوبات اذا لم يتم احراز اتفاق مُرض بعد ستة أشهر. لكن ورقة اللعب هذه تبدو الآن ضعيفة لأن الجمهوريين الذين يسارعون الى مشاجرة اوباما على كل شأن داخلي لا يسارعون الى تبني سن قانون يُظهرهم أنهم داعون الى الحرب. "اسرائيل تنزف في امريكا"، قال أحد الاسرائيليين المقربين من نتنياهو في أسى، "وتنزف أوراق لعبها ايضا".

 

كان اوباما واضحا كثيرا ايضا في أجوبته عن اسئلة سبان في الشأن الفلسطيني (حينما افتتح النقاش لاسئلة من الجمهور كانت كل الاسئلة عن ايران واختفى الشأن الفلسطيني).

 

يقول اوباما إن المخطط معلوم وهو يقصد انسحابا اسرائيليا الى خطوط 1967 مع تبادل اراض. إن اسرائيل تخشى على أمنها وامريكا تتفهمها، ولهذا أعد الجنرال جورج ألين سلسلة وسائل أمنية تقنية وغيرها تُمكّن في رأي الادارة الامريكية من ضمان أمن اسرائيل من غير الضفة. وهذا هو رأي الادارة، لكن القرار النهائي متروك لنتنياهو والجيش الاسرائيلي؛ وفيما يتعلق بأبو مازن فسيضطر الى قبول مخطط يكون فيه الانسحاب الاسرائيلي (من الغور مثلا وغيره) تدريجيا يمتد زمنا طويلا ويُعلل ذلك بالخشية من أن تنتقل الضفة كغزة الى سيطرة جهات ارهابية.

 

إن المطالب الأمنية هي الدرع التي تُمكن حكومات اسرائيل من تأجيل التباحث في المواضيع المؤلمة وخطوط الحدود والقدس واخلاء المستوطنات. ونشك في أن يستطيع الامريكيون ايجاد ترتيبات امنية تجعل نتنياهو يوافق على انسحاب الى خطوط 1967 أو يبحث حتى هذا الانسحاب. ونشك في أن يستطيع أبو مازن الموافقة سياسيا على مخطط انسحاب يمتد سنوات.

 

إن الشعور العام هنا في الشأن الفلسطيني، بين الامريكيين والاسرائيليين على السواء هو أن التفاوض انحرف عن مساره وأن التفجر قريب، ويُشك كثيرا في أن يمكن منعه. وعبر اوباما عن أمل في أن يتوصل الطرفان بعد الأجل المسمى الى مخطط مشترك يستطيعان الانطلاق منه الى الأمام. ولم تصف هذه الجملة الواقع البائس في غرف التفاوض بل عبرت عن هوى في القلب.

 

تدل جميع الدلائل على أن حكومة نتنياهو وادارة اوباما على باب فترة مواجهة. إن اللغة مهذبة لكن القرارات التي يعرضها كل طرف على الآخر صعبة ومشحونة ومقرونة بأثمان سياسية باهظة. كانت حالة الجو في واشنطن أمس قاتمة وباردة ويرى المتنبئون بأن العاصفة قادمة.