خبر هل تنفرج أزمة حماس المالية عقب الاتفاق النووي الإيراني؟

الساعة 12:03 م|30 نوفمبر 2013

وكالات - الأناضول

قال محللون وخبراء في الشأن الإيراني إنّ ما تكشفه الأرقام من نمو كبير لاقتصاد إيران في قادم الأشهر عقب اتفاق جنيف لن يكون له أي تداعيات ملموسة على حركة "حماس" والتي تتولى الحكم في قطاع غزة.

واستبعد الخبراء في أحاديث لـ"الأناضول" أن ينعكس اتفاق إيران مع القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية حول تقنين تخصيبها لليوارنيوم، بالإيجاب على العلاقة مع حركة حماس، بل قد تشهد العلاقة المالية الاقتصادية بين الطرفين مزيدا من الجفاف، وفق إجماعهم.

وكان من اللافت عدم صدور أي موقف رسمي من حركة حماس حول الاتفاق النووي الإيراني سواء بالسلب أو الإيجاب كما يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عدنان أبو عامر والذي قال في حديث لـ"الأناضول" إن هذا الصمت هو قراءة وانتظار لما لم يتم نشره من تفاصيل وخفايا الاتفاق وهو الجزء الأهم في رسم خارطة المرحلة القادمة.

وأضاف أبو عامر، والمختص في الشأن الإيراني أن القلق يجب أن يساور حركة حماس إلى جانب كافة الحركات المدعومة من قبل إيران فما استلمته الأخيرة من أمريكا باليمين والمتمثل بإنهاء العقوبات الاقتصادية، كان مقابله ما أُخذ بالشمال وهو ما سيتكشف لاحقا.

ولفت أبو عامر إلى أن الأشهر الستة القادمة ستكشف عن خفايا تفاصيل الاتفاق، والدور الإيراني القادم في المنطقة، مستبعدا في ذات الوقت أن تعود العلاقة بين إيران وحركة حماس كما كانت عليه قبل عامين.

وتابع:" حركة حماس وأمام ما تعانيه من ضائقة مالية، ستبحث عن موارد مالية أخرى، وداعمين وحلفاء جدد، فالعلاقة بينها وبين إيران فاترة ولا يمكن لها أن تتحسن على المدى القريب."

ولا تكشف حركة حماس عن مصادر تمويلها غير أن مصادر مطلّعة في الحركة تؤكد أن التمويل يأتي أولا من المصاريف الثابتة لأبناء الحركة والمدفوعة من قبلهم كميزانية للحركة، وهناك ما يتم جمعه من أصدقاء الشعب الفلسطيني وأصدقاء حماس من الشعوب والمنظمات الأهلية والأحزاب وهناك الدعم الرسمي من بعض الأنظمة وفي مقدمتها إيران .

غير أن الدعم الإيراني توقف بعد مغادرة حركة حماس مقرها في دمشق في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، احتجاجا على المجازر التي يرتكبها نظام بشار الأسد والمتحالف مع إيران ضد الثورة الشعبية الدائرة في سوريا منذ ثلاث سنوات.

وتقول صحف أجنبية إن العلاقات بين الجانبين لم تعد متوترة كما كانت في السابق، وأن محادثات واجتماعات جرت بين إيران وحماس من أجل تنقية الأجواء وإعادة التأكيد على الاهتمام المشترك في معارضة إسرائيل، وإعادة التمويل للحركة.

وكان مسؤولون في حركة حماس قد صرّحوا في وقت سابق لصحيفة الديلي تلغراف البريطانية إن إيران أوقفت مساعدات تبلغ نحو 15 مليون جنيه إسترليني ( 25 مليون دولار) كانت تقدمها للحركة شهريا.

فيما يؤكد دبلوماسيون إيرانيون لذات الصحيفة أن الدعم المالي لحركة حماس يتجاوز الـ"250" مليون دولار سنوياً.

ولا تفصح قيادات حماس عن حجم علاقتها مع إيران في الوقت الراهن، وامتنعت قيادات في الحركة عن الحديث لـ"الأناضول" حول شكل العلاقة الاقتصادية والسياسية مع إيران بعد اتفاق جنيف.

ولم تعلق الحركة في الداخل أو الخارج على الاتفاق باستثناء تغريدة نشرها عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق الأحد الماضي، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي(فيس بوك)، وجاء فيها إن اتفاق إيران مع الدول الكبرى، سينهي العقوبات الغربية المفروضة عليها ويعيد علاقاتها مع الغرب ويتسع تأثيرها في المنطقة.

ولم يكشف أبو مرزوق عن تأثير الاتفاق على حركته، وأضاف أن إيران لن تكون معزولة بعد اليوم وأن اقتصادها سيتعافى، وتأثيرها في المنطقة سيتسع.

وعلى المدى القصير لن تعود العلاقة بين إيران وحركة حماس كما كانت في السابق، إذ سيكون الفتور سيد المرحلة الراهنة كما يؤكد الخبير في الشؤون الدولية علي باكير.

واستبعد بكير، الكاتب والباحث في منظمة الإستراتيجية الدولية ( USAK)، في أنقرة، عودة الانتعاش للعلاقة السياسية بين إيران وحماس.

وأضاف بكير في حديثٍ لـ"الأناضول" أن عودة العلاقة بين الطرفين مرتبطة بالتغيرات التي ستحصل في المنطقة، وما ستؤول إليه نتائج العديد من الملفات الرئيسية وفي مقدمتها مصير القضية السورية.

وتابع :" الأشهر القادمة هي من ستجيب على السؤال المتعلق بشكل العلاقة بين حماس وإيران، إذ سترتبط الإجابة بمستقبل النظام المصري الحالي، وطبيعة العلاقة مع قطر والسعودية، والدور التركي."

ولفت بكير إلى أن الخارطة الإقليمية ليست واضحة بعد، والحديث عن عودة علاقات بين إيران وحماس، بالشكل الذي كان عليه قبل الثورة السورية أمرا لا يزال مبكرا.

وما تبحث عنه إيران اليوم هو إنعاش اقتصادها، وحتى يتحقق لها ذلك لن تقوم بأي دعم مالي لحركة حماس كما يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة.

وقال أبو سعدة، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية إنّ الحديث عن مفاوضات سرية بين إيران وأمريكا طيلة الأشهر القادمة قد يحمل في طياته تفاصيل لاشتراط أمريكي ودولي بإيقاف الدعم الإيراني للحركات التي تصنفها القوى الدولية بـ"الإرهابية" ومن بينها حركة حماس.

 وأضاف أبو سعدة أن إيران تسعى لدعم وإنعاش اقتصادها وقد تقبل بأية شروط تحسن من الأوضاع التي خلّفتها العقوبات الأمريكية والأوروبية، وهو ما يجعل من دعمها المالي لحركة حماس مستبعدا.

 وتقول صحف إيرانية أن إيران سوف تستفيد من الاتفاق بصورة كبيرة وملموسة على الصعيد الاقتصادي، حيث ستتمكن من العودة إلى بعض الأسواق وسوف يتحرك القطاع النفطي بشكل أو بآخر.

ويتوقع خبراء أن يتمكن الاتفاق المؤقت ذو الشهور الستة من إنعاش العديد من القطاعات الاقتصادية في إيران، حيث يمنح الإيرانيين القدرة على شراء قطع الغيار اللازمة للطائرات المدنية، كما سيمكن الحكومة الإيرانية من إجراء تحويلات مالية بأكثر من 400 مليون دولار للطلبة الإيرانيين الدارسين في الخارج، إضافة إلى أن الولايات المتحدة ستفرج عن أصول إيرانية نفطية مجمدة لديها وتبلغ قيمتها 4.2 مليار دولار.

و قالت وكالة "بلومبرغ" الأميركية للأنباء في تقرير لها إن إيران سوف تتمكن من الحصول على 7 مليارات دولار خلال فترة الستة شهور المقبلة بفضل هذا الاتفاق.

وتوصلت القوى الكبرى وطهران مطلع الأسبوع الجارى فى جنيف، إلى اتفاق مرحلي لستة أشهر يحد من أنشطة طهران النووية، مقابل تخفيف محدود للعقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني.

وينص الاتفاق المبرم فى جنيف، على وقف إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد عن 5% لستة أشهر، وتعليق نشاط صناعة القنبلة النووية.

 ورأى الخبير الفلسطيني مخيمر أبو سعدة ، أن حركة حماس مطالبة وفي أكثر من أي وقت مضى بإعادة قراءة المشهد السياسي، فخارطة المنطقة لا تصب ولا تسير في اتجاه مصلحتها، واستطرد بالقول:" اليوم الحركة تعاني من أزمة مالية خانقة، ولا تستطيع توفير رواتب موظفيها، والمتغيرات في السياسية باتت أكثر تعقيدا وتشابكا."

 ودعا حركة حماس للبحث عن بدائل وموارد مالية أخرى، وانتهاج سياسة تتجاوب مع المتغيرات الإقليمية.

وفي مشهد يتكرر منذ أربعة أشهر، تعجز حركة حماس عن صرف راتب كامل لـ"42" ألف موظف يعملون في دوائرها الحكومية وأجهزتها الأمنية.

 ومنذ توليها الحكم في قطاع غزة في صيف يونيو/ حزيران 2007 بعد الاقتتال الداخلي مع حركة فتح تعكف حركة حماس على دفع رواتب الموظفين التابعين لها بفاتورة تبلغ قيمتها الشهرية 37 مليون دولار شهريا بحسب بيانات لوزارة المالية بحكومة غزة.

 وفقدّت حكومة حماس موردا ماليا هاما عقب إغلاق وهدم الأنفاق التي كانت ممرا لعبور الوقود ومواد البناء وكافة مستلزمات الحياة لقرابة مليوني مواطن، ولم يعد تحصيل الضرائب عن حركة السلع الواردة ممكناً بعد شلل حركة الأنفاق بنسبة تجاوزت وفق تأكيدات أممية وفلسطينية 95% جرّاء حملة الجيش المصري، التي أعقبت عزل الرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من يوليو/ تموز الماضي.

 وكانت لجنة تابعة للحكومة بغزة تعمل على ترخيص ومراقبة تبادل البضائع وحركة السلع عبر الأنفاق وتفرض الضرائب على السجائر والسيارات ومواد البناء وغيرها من الواردات.

 وتكشف مصادر مطلعة في وزارة الماليّة بغزة عن أن إيرادات الضرائب المفروضة على البضائع التي تدخل عبر الأنفاق تشكّل حوالي 40% من مجموع إيرادات الحكومة .

 وتقدر وزارة الاقتصاد في غزة الخسائر الناجمة عن تعطيل حركة الأنفاق بنحو 460 مليون دولاراً.