خبر لا يأبهون بالحقائق- معاريف

الساعة 11:46 ص|26 نوفمبر 2013

بقلم: البروفيسور عوزي ايفن

خبير نووي، بروفيسور كيمياء، نائب عن ميرتس في الكنيست 15

كتب الكثير عن الاتفاق الذي وقع مؤخرا بين القوى العظمى وايران. اجواء الكآبة التي تسود في البلاد في اعقاب الاتفاق (كما ينعكس في الصحف وفي وسائل الاعلام الاخرى في البلاد) اذهلتني.

فالاجواء تمليها في معظمها الحكومة والناطقون بلسانها، وأنا مذهول حقا. هل قرأوا ذات الاتفاق الذي قرأته أنا؟ ألا يعرفون الشروط التي يمليها الاتفاق؟ هل حكومتي لا تعرف العناصر اللازمة لوجود دولة/قوة عظمى نووية؟ هل هذه ردود فعل عاطفية دون التعاطي مع الحقائق؟ هل كل العالم مخطيء، ونحن فقط نعرف المستقبل؟

إذن ها هي بعض الحقائق التي يعرفها كل الناطقين بلسان الحكومة ويزورونها بنية مبيتة:

1 التهديد النووي الاخطر ينبع من نية ايران تطوير سلاح نووي استنادا الى البلوتونيوم الذي ينتج من المفاعل قيد الانشاء في اراك قرب اصفهان. ويفترض بانشاء المفاعل أن ينتهي في 2014 وهو سينتج البلوتونيوم بكمية قنبلتين في السنة. فلماذا يعد هذا هو التهديد الاخطر؟ لان القنابل النووية التي تقوم على اساس البلوتونيوم صغيرة بما يكفي لتركيبها على صواريخ شهاب الايرانية التي يمكنها الوصول الى اسرائيل. في الاتفاق المرحلي الموقع تعهدت ايران بوقف كل اعمال البناء في هذا المفاعل. وفي نظري، كان هذا الاختبار الاهم لنوايا ايران، واذا ما نفذ الاتفاق (تحت الرقابة) – فعندها يكون تهديد جسيم ازيل عنا. وبالمناسبة، تجدر الاشارة الى أن هذا المفاعل ذكرني بالمبنى والمكان الصحراوي للمفاعل القديم الذي بنيناه في ديمونا قبل نحو خمسين سنة (لمن نسي بان لدينا ايضا يوجد مفاعل). وقد شعرت براحة شديدة حين قرأت هذا البند في الاتفاق.

2 وماذا عن اليورانيوم المخص. فمنه يمكن بناء قنبلة، أليس كذلك؟ القنابل التي القيت على هيروشيما كانت من هذا النوع. ولكن بتذكيركم – هذه القنبلة كانت تزن ستة اطنان، وبعد عشرات السنين من التطوير في الولايات المتحدة، في الاتحاد السوفييتي، في الصين وحتى في الباكستان جرت غذ لم يعد ممكنا التقليص الشديد لحجمها ووزنها، وهي غير قابلة للاطلاق بالصواريخ الموجودة في ايران.

 

عمليا لا توجد اليوم اي قوة عظمى نووية تستند الى سلاح يقوم على اساس اليورانيوم المخصب، وتوجد لذلك عدة اسباب فنية – ليس حجم القنبلة فقط بل وايضا مصداقيتها. فأحد لا يريد أن يستخدم سلاحا نوويا غير مصداق لاسباب واضحة. ولهذ فما كنت لاقلق وجوديا من أعمال التخصيب في ايران، التي ورثت التكنولوجيا التي سبق تطويرها واهملت من الباكستان.

 3 ولكن لعل الايرانيون اعتقدوا بانه سيكون بوسعهم الوصول الينا مع قنبلة من اليورانيوم بطائرة قصف وليس بصاروخ؟ لهذا ايضا يوجد جواب في الاتفاق الموقع. فقد تعهد الايرانيون بعدم تخصيب اليورانيوم الى درجة عالية يمكن منها انتاج قنبلة. وحتى التخصيب على درجة منخفضة قيد جدا. ولما كانت احد لا يعتمد فقط على الوعود الايرانية، فقد اتفق على نظام رقابة متشدد من اللجنة الدولية للطاقة الذرية، رقابة على درجة من الشدة والخطورة لم توافق اي دولة اخرى في العالم على مثل هذا الترتيب.

4 إذن قولوا لي: هل وضعنا تحسن في اعقاب هذا الاتفاق أم لا؟ صحيح، لا يدور الحديث الا عن اتفاق لستة اشهر (سيمدد على ما يبدو أكثر فأكثر) ولكني اشعر أقل تهديدا اليوم. فلماذا حكومتي إذن تواصل الادعاء بانه ارتكب هنا خطأ فظيع؟ أم لعله من المجدي للايرانيين ان يقتنعوا بان الاتفاق جيد وسيقبلونه؟ أم لعله من المجدي صياغة اتفاق دائم بالمستقبل مع شروط افضل؟ أم لعله من المجدي منع ايران من التراجع عن الاتفاق في اللحظة التي يكون مريحا لها ذلك؟ ولكن اذا ما فعلوا ذلك، يكونوا قد عرفوا الثمن الذي سيضطرون الى دفعه. أم أن هذا كان هو السبب للانفجار المفاجيء للطف الايراني. فمن يعتقد أن الايرانيين أغبياء؟ أنا لا أعتقد.