خبر رؤساء « أمان »: الاتفاق مع ايران ايجابي- هآرتس

الساعة 11:45 ص|26 نوفمبر 2013

بقلم: عاموس هرئيل

بازاء الندب الجماعي الذي صدر عن وزراء حكومة اسرائيل منذ يوم الاحد صباحا، كان يمكن أن نتوقع في ظاهر الامر أن يستجيب رؤساء المجموعة الاستخبارية السابقون للأمر 8، فيلبسوا الملابس العسكرية ويتجندون للمعركة التي تقوم بها الدولة الآن محاولة اقناع العالم بخطر الاتفاق الذي وقع عليه في جنيف. لكن ليس هذا هو الذي حدث بالفعل. "حينما سمعت الردود في القدس على الاتفاق، اعتقدت لحظة خطأ أن ايران بدأت تطور رأسا نوويا"، قال رئيس شعبة الاستخبارات السابق في الجيش الاسرائيلي، اللواء احتياط عاموس يادلين، بصورة لاذعة. وحصر سلفه في المنصب اللواء احتياط أهارون زئيفي – فركش عنايته في التحذير من الاضرار المتوقعة للقطيعة التي أخذت تشتد بين اسرائيل والولايات المتحدة.

ليس يادلين وزئيفي هما مئير دغان ويوفال ديسكن رئيسي الموساد و"الشباك" السابقين اللذين اعترضا علنا في الماضي على هجوم اسرائيلي مستقل على ايران وهاجما بصورة شخصية سافرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق اهود باراك. في السنوات التي مضت منذ سُرح رئيسا "أمان" السابقان من الجيش الاسرائيلي حرصا على لغة أكثر رسمية. وبرغم أنهما اعتقدا أنه يحسن التوصل الى حل دبلوماسي للازمة النووية، فانهما عملا أكثر من مرة على تبيان قلق اسرائيل لوسائل الاعلام الاجنبية. وامتنع الاثنان ايضا عن هجمات مباشرة على موقف نتنياهو، لكنهما يرفضان اليوم الانضمام الى الجوقة المقدسية. وكلاهما شريك في رأي أن الاتفاق الأولي في جنيف برغم أنه لا يخلو من العيوب، أفضل من الامكانين الآخرين وهما استمرار التقدم الايراني نحو القدرة النووية أو هجوم اسرائيلي يخالف موقف المجتمع الدولي.

 

          إن المواقف التي يعرضها يادلين وزئيفي تثير سؤال ما الذي يعتقده قادة الأذرع الامنية الحاليون في وقت يهاجم فيه الوزراء الاتفاق. إن معرفة هذا في الوقت المناسب أمر أشد تعقيدا دائما، فقد تبينت قوة انتقاد دغان وديسكن لسياسة نتنياهو نحو ايران كاملة بعد أن تركا الخدمة فقط. لكن يمكن أن نُخمن في احتمال عال أن القادة المختصين الكبار لا يشاركون في فرض نتنياهو ووزير الدفاع الحالي يعلون، الذي أدى في جولات سابقة دورا مهما لكبح الموقف الاسرائيلي، وهو أنه كان يمكن جعل ايران تزحف الى تسوية استسلام في جنيف.

 

          يُسمع منذ زمن بعيد من القيادة الامنية العليا الاسرائيلية انتقاد لسلوك الولايات المتحدة في المنطقة وظواهر سذاجة ادارة اوباما في علاجها للتهديد الايراني والحرب الأهلية في سوريا. وسيكون من الحماقة أن يتوقع من اسرائيل أن تسلك الآن سلوك فريق يشجع الرئيس ويثني على الاتفاق الذي فيه نقائص لا يستهان بها من وجهة نظرها. لكن الاتفاق أصبح حقيقة خالصة. والمعضلة التي تواجه اسرائيل الآن مختلفة وهي هل تستمر في مشاجرة الادارة الامريكية علنا أم تحاول تحسين علاقات العمل بواشنطن والتأثير في نوع الرقابة التي ستُستعمل على المواقع الذرية في الفترة المرحلية والمساعدة على صوغ الاتفاق الدائم مع ايران اذا ما أُحرز في المستقبل.

 

          يبدو أن الولايات المتحدة تشعر الآن بدين لحليفاتها في المنطقة التي تخشى ايران وهي اسرائيل والسعودية وامارات الخليج، لكن الامريكيين يستطيعون أن ينهجوا نهجا معاكسا متشددا ومناوئا. وأصبح يلاحظ في الاسابيع الاخيرة بسبب الاختلاف المتزايد في شأن ايران، قلة استعداد واشنطن لارضاء اسرائيل في قضايا أمنية حساسة.

 

          يبدو أن نتنياهو على حق في فرضه أن الاتفاق الأولي لا يعيد الى الخلف كثيرا قدرة ايران على انتاج سلاح نووي. فاذا انهارت التسوية بعد الاشهر الستة التي حُددت لها فلن يحتاج الايرانيون الى أكثر من بضعة اشهر للانطلاق قدما ولتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لانتاج قنبلة نووية واحدة. وإن استمرار الاتفاق الأولي ايضا لا يعالج بصورة جدية جهود ايران لانتاج رأس نووي، أو استمرار تطوير صواريخ ارض – ارض عندها، تهدد كل عواصم المنطقة. لكن السؤال في هذه المرحلة المتأخرة هو ما هي الخيارات التي تواجه اسرائيل. كان نتنياهو نفسه هو الذي استقر رأيه في سنوات مضت حينما واجه حسم القرار، ألا يهاجم المواقع النووية آخر الامر. ونشأ الآن وضع جديد أخذت فيه ايران تخرج بالتدريج بفضل التفاوض مع القوى العظمى، من عزلتها الدولية. وبدا للحظات في الايام الاخيرة وكأن اسرائيل المستمرة في مشاجرة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ايضا في شأن البناء في المستوطنات، تُصر على أن تلبس نعلي ايران لتكون في مقام المنبوذة الدولية.

 إن شعوري الصدمة والغضب في القدس مشروعان، لكنهما لا يمكن أن يصبحا خطة عمل. ويكمن في التحصن في وضع "قلنا لكم" و"كل العالم ضدنا" خطر محتمل آخر في ظاهر الامر: فهو قد يحث على توجه مسيحاني ينتهي الى مغامرات عسكرية أو استخبارية، برغم أنه من الواضح تماما أن القيادة الامنية في اسرائيل لا تؤيدها وأنها ستفضي فقط الى ازدياد المواجهة مع واشنطن حدة.