خبر استعمال أجهزة التخطيط للبناء في المستوطنات- هآرتس

الساعة 11:43 ص|26 نوفمبر 2013

بقلم: حاييم لفنسون

تسكن في مستوطنة "جفعات سلعيت" في غور الاردن عشر عائلات يهودية، وليس للمباني فيها رخصة بناء. وأُجيزت خطة هيكلية جديدة للسكن ستُحلها وتُمكّن من بناء 100 وحدة سكنية جديدة، في الاسبوع الماضي في الادارة المدنية. وتسكن سوسيا في جنوب جبل الخليل 40 عائلة فلسطينية وليس فيها ايضا رخص بناء للمباني. ورُفضت خطة هيكلية جديدة كان ترمي الى إحلال البناء في البلدة في الشهر الماضي في الادارة المدنية.

ما هو الفرق بين البلدتين؟ تمتعت جفعات سلعيت بقرار المستوى السياسي على الدفع بالبناء فيها قدما. إن سلطات التخطيط مستقلة في ظاهر الامر، لكنها لاءمت نفسها مع برنامج العمل السياسي. لكن السياسة في جنوب جبل الخليل في مقابل ذلك هي دفع الفلسطينيين ليعودوا الى يطا ولمنعهم من الانتشار في المنطقة. ولم تُسمع هنا ايضا أصوات عصيان. وتشهد المباحثات في الخطط وتعليلات القرارات على استعمال الدولة السياسي لوسائل تخطيط الادارة المدنية.

يعمل في الادارة مجلس التخطيط الأعلى (متاع)، الذي يُماثل اللجان القطرية واللوائية في داخل الخط الاخضر. وترأس المجلس مهندسة العمارة نتاليا أبربوخ، وليس فيها عضو فلسطيني واحد، وإن عددا من اعضائها ممثلون للجيش. ويعمل مع "متاع" مكتب التخطيط الذي يُعد الخطط للنقاش. ويعمل رئيس المكتب، مهندس العمارة دانيال حليمي، ايضا رئيسا للجان ثانوية في "متاع". وقد عادت أبربوخ وحليمي وأكدا أن الاعتبارات الوحيدة التي تعرض لهما تخطيطية لا سياسية.

إن سوسيا الفلسطينية مسكونة منذ منتصف القرن التاسع عشر. وعلى مر السنين انتقل السكان من الكهوف الى الخيام. ولا تعترف اسرائيل بذلك المكان بأنه بلدة، وأُنشئت كل المباني التي أُنشئت فيه (إن الخيمة أو الطابون يمكن أن يعتبرا مبنى ايضا) بلا رخص وصدرت فيها جميعا أوامر هدم. وتقع كل اراضي القرية في المنطقة ج. وقد أرادت الخطة الهيكلية التي أعدها مهندس عمارة استأجره متبرعون، أن تنظم البناء في المكان على أساس البناء القائم وتُمكّن من إسكان 700 نسمة حتى سنة 2030.

وأُنشئت "جفعات سلعيت" في شمال الغور في 2001، بعد عملية اطلاق نار قُتلت فيها سلعيت شتريت. ويوجد فيها هناك عشرة كرفانات وتسلك سلوك بلدة مستقلة. ولما كانت الحكومة لا تريد اعلان انشاء مستوطنات جديدة بسبب الرد المتوقع في العالم، فان "جفعات سلعيت" تُعرف بأنها حي من مستوطنة محولة. وفي نيسان 2012 أمر المستوى السياسي بأن يُدفع قدما بخطة بناء واسعة في ذلك المكان. وهنا استأجرت الهستدروت الصهيونية مهندس العمارة وتشمل الخطة الهيكلية التي قُدمت 168 دونما، وتشمل 94 وحدة سكنية ومنطقة ستُستعمل للتجارة والمباني العامة.

وتم بحث خطة سوسيا الفلسطينية في الادارة المدنية زمنا طويلا في شهر أيار من هذا العام. وعرض المخطط البروفيسور راسم خمايسة الخطة وأجاب عن اسئلة تقنية تتعلق بابعاد القمامة وشارع الوصول إليها وملكية الارض. واستدعت الادارة المدنية رئيس مجلس جنوب جبل الخليل، تسفيكي بار حاي، ليعرض موقف المستوطنات من هذا الشأن. وعارض المجلس مُعتلا بأن الحديث عن "إباحة أمنية". ورفض حليمي الذي أدار النقاش الزعم وقال إن المباحثة تتناول التخطيط فقط. وتحدث السكان طويلا عن ظروف عيشهم الصعبة وعن ارادتهم أن يتقدموا كالمستوطنات. "اسأل أين العدل"، قال ناصر نواعجة، "إننا موجودون في أرضنا ونعاني. إن المدرسة لا تلقى اهتماما وليست فيها العناصر الأساسية الموجودة في مدرسة اسرائيلية. إن لأبنائنا الحق في العيش في مكان آمن".

 

          وكان التباحث في شأن "جفعات سلعيت" الذي تم في هذا الشهر قصيرا وتناول خططا كثيرة اخرى. ولم تستدعِ الادارة المدنية سكان المنطقة الفلسطينيين ليعرضوا موقفهم. وعرضت مهندسة المجلس الاقليمي، زيفي ادلشتاين، التي تسكن هي نفسها في بيت بلا رخصة بناء في مستوطنة عاليه، عرضت الخطة. وتناول التباحث طرق الوصول الى المكان وحلول الصرف الصحي والحاجة الى تنسيق مع الجيش بسبب القرب من منطقة رماية. وعرض ممثل وزارة البناء والاسكان، بني فايل، أن تنظم الخطة الآن أمر الكرفانات الموجودة في المكان والتي ستُبعد بعد ذلك من اجل مبانٍ ثابتة.

 

          صدر القرار في شأن سوسيا في تشرين الاول بعد التباحث بخمسة أشهر. وعرضت اللجنة عدة معايير لا تنطبق على البلدة؛ الاول عدم وجود وثائق ملكية: فالادارة ترى أن ليس للسكان حقوق في الارض. وحينما يُحتاج الى إحلال بؤر استيطانية، تعلن الدولة في شأن اراض أنها اراضي دولة وتخصصها للبؤرة الاستيطانية، وهذا اجراء يجري في هذه الايام لاحلال البؤرة الاستيطانية هيوفيل المجاورة لعاليه. ولم تُطرح هذه الفكرة ألبتة للنقاش في سوسيا.

 

          والمعيار الثاني للرفض هو عدد عائلات الأب التي لا تُسوغ كما تزعم اللجنة انشاء بلدة. والمعيار الثالث هو البُعد عن المدينة المركزية في المنطقة وهي يطا – 5 كيلومترات – والذي سيجعل البلدة كما قالت اللجنة "فرعا غير مُركز وغير ممكن تنظيمه". ولهذا السبب اعتقدت اللجنة أنه لا توجد القدرة على انشاء شبكة مركزية فعالة. وقضت اللجنة ايضا بأن السكان لا يستطيعون تحمل تكاليف انشاء البنى التحتية للكهرباء والماء والصرف الصحي والطرق وإبعاد القمامة؛ ولذلك "ليس في هذه الخطة أي أمل في تطوير السكان ليتجاوزوا الفقر والجهل اللذين يُبقيهم فيهما ممثلوهم". والمعيار الاخير هو الحراك الاجتماعي: فاللجنة تعتقد أن البعد بين سوسيا ويطا لن يُمكّن سكانها من التمتع بالفرص الموجودة في المدينة: "إن هذه الخطة تمنع الولد الفلسطيني من رؤية جميع الامكانات، وتحكم عليه بأن يعيش في داخل قرية صغيرة عفنة ليست فيها وسائل التطور". ومع كل ذلك اقترحت اللجنة محاولة انشاء سوسيا في مكان أقرب الى يطا.

 

          إن القرار في شأن "جفعات سلعيت" تقني وقصير – فالخطة أُجيز ايداعها بشرط أن يُقدم الى مكتب التخطيط رخصة من فرع التخطيط (بسبب القرب من منطقة رماية) ورخصة من اللجنة الثانوية لحماية البيئة. ولم تسأل اللجنة هل يستطيع المجلس الاقليمي بكعات هيردين ومجلس غرعونيت الذي يحصل كل سنة على هبة إقرار لوضعه من الحكومة، أن يتحملا التكاليف المقرونة بانشاء البلدة، أو هل يستطيع السكان أن يتحملوا تكاليف البنى التحتية لأن وزارة الاسكان ستدفع؛ ولم تفحص اللجنة ايضا هل تُسوغ 100 الوحدة السكنية المخطط لها انشاء بلدة، وهل يوجد أصلا صاحب مشروع ينوي أن يبنيها. ولم يُبحث ايضا في البعد بين "جفعات سلعيت" والمدينة القريبة بيسان، 17 كم؛ ولم يُبحث ايضا امكان انشاء سلعيت بالقرب من مدينة أفضل حالا.

 

          جاء عن منسق اعمال الحكومة في المناطق أمس ردا على ذلك أن "الحديث عن تقرير صحفي منحاز ومُضلل، يتجاهل جوانب تخطيطية وجوانب بنى تحتية ويعرض صورة جزئية فقط. وتعمل مؤسسات التخطيط في المنطقة بلا انحياز وبحسب اعتبارات تخطيطية فنية، وكل ذلك بحسب قوانين المنطقة". وجاء ايضا أن "قرار اللجنة في شأن سوسيا تم بحسب تقديرات كما قيل آنفا، ولم يوجد أنه يوجد تسويغ لاحلال مجموعة البناء التي لا تنطبق عليها المعايير التي حُددت للفحص عن أهلية محلة غير منظمة. أما الخطة الموسومة باسم "جفعات سلعيت" والتي لم تُجز الى الآن فهي في مقابل ذلك خطة لتوسيع بلدة محولة بالقرب منها. وعلى ذلك فان المقارنة بين البُعد بين سوسيا ويطا والبُعد بين جفعات سلعيت ومدينة بيسان الواقعة في داخل اسرائيل، خاطئة".