خبر قلب رضيع كاد يُوقع أمه في « وحل العمالة »

الساعة 08:15 ص|26 نوفمبر 2013

رام الله

"تعاوني معنا بنتعاون معك" .. عبارة وجهتها الفتاة حلا التي ادعت أنها من القدس وهي ضابط في جهاز الشاباك الإسرائيلي على معبر إيرز ببيت حانون لأم فلسطينية كانت تنتظر رد مستشفى صهيوني قرار عودتها لعلاج رضيعها لإجراء عملية جراحية له جراء معاناته من مشاكل في القلب.

وتوجهت المواطنة هداية التتر وفقا لموقع الداخلية  مطلع يناير الماضي لعلاج نجلها الرضيع زين الدين آنذاك في مستشفى تل هاشومير في "تل أبيب" عبر معبر إيرز – بيت حانون شمال القطاع.

حالة حرجة

ويُعاني الطفل زين منذ ولادته من مشاكل في القلب وأجريت له عدة فحوص في غزة أوصى الأطباء المشرفون على حالته الحرجة بضرورة التوجه لعلاجه في مستشفيات خارج القطاع.

واكتشف الأطباء المشاكل الصحية التي يُعاني منها زين بعد 34 يوماً على ولادته ووصفوا في حينها حالته الصحية بالحرجة وكان وقتها معرضاً لموت محقق في أي لحظة إذا توقف قلبه عن النبض.

استغل جهاز الشاباك حالة الضعف للمواطنة التتر والتي كانت بحاجة شديدة لعلاج طفلها كأي أم ترغب أن ترى أطفالها ينعمون بحياة طيبة في أحضانها.

وتروي التتر ما حدث معها أثناء رحلة علاج طفلها: "بعد حصولنا على طلب العلاج العاجل جداً من الجهات الصحية المختصة توجهت بطفلي لمعبر بيت حانون بُغية الوصول لمستشفى تل هاشومير".

كان الطفل زين في بداية عرضه على أطباء غزة يحتاج لأكثر من عملية جراحية نتيجة المشاكل الكبيرة التي يُعاني منها فؤاده منذ أن رأى نور الحياة.

وتقول الفلسطينية التتر إن "الاحتلال وافق على رغبتها الملحة في علاج نجلها الرضيع في مستشفياتها"، واصفةً المعاملة التي تلقتها في المستشفيات الصهيونية بـ"السيئة جداً".

وتضيف "أثناء مكوثنا فترة انتظار إجراء العملية الجراحية صام طفلي الرضيع ليلة كاملة وحتى ظهر اليوم التالي واستيقظ يأن ويبكي ورفضت إدارة المستشفى رفضت التعاطي معي".

تُركت أم محمد مع نجلها من منتصف تلك الليلة وحتى ظهر نهار اليوم التالي دون توفير أدنى مقومات الحياة الإنسانية لطفلها المريض على الأقل، وفق تعبيرها.

كالصاعقة..

أربع ساعات قضاها الطفل الرضيع زين الدين صائماً بناءً على تعليمات الأطباء المشرفين على عمليته الجراحية لتتفاجأ والدته بعد ساعات الانتظار الصعبة تأجيل الفريق الطبي للعملية الجراحية.

وقع الأمر على الأم التتر كالصاعقة .. ففي تمام الساعة الواحدة تأجل إجراء العملية الجراحية من ظهر اليوم المفترض إجراءها فيه للرضيع الذي لم يتجاوز عامه الأول.

وتابعت "تحجج أطباء المستشفى بأنهم في إجازة لمدة يومين بسبب انتخابات الكنيست في حينها كل ما ساقه الأطباء من حجج أن العملية تأجلت غادري اليوم وسنعود نتواصل معك في وقت آخر".

عادت هداية أدراجها إلى منزلها في غزة دون أي نتيجة مرجوة لشفاء فلذة كبدها الذي يأن فؤاده وجعاً فبدأ ضباط الشاباك ينسجون خيوط "أسلوب الابتزاز" الذي سيمارسونه هذه المرة مع أم بحاجة ملحة لعلاج طفلها الذي يعاني من حالة صحية حرجة.

خيوط الشاباك

بعد أيام من عودتها تفاجئت بجرس هاتفها النقال يرن وإذ به رقم أورانج ردت المواطنة على المكالمة .. ألو .. من يتحدث؟ معك حلا من القدس أعمل في معبر إيرز حابين نطمأن عن صحة طفلك زين الدين شريف سمور .. كيف وضعه الآن؟ ردت الأم: الحمد لله بخير.

حلا: احنا حبينا نطمأن على صحة الطفل وستعودين قريباً لإجراء العملية الجراحية له لكن بدنا تشرحي لنا صورة وضعه باستمرار .. قبل أن تختم المكالمة قالت ضابط الشاباك لهداية "لا تخبري أحداً بما دار بيننا من حديث؟" الأمر الذي أثار شكوك "هداية" ف فاضطرت لإنهاء المحادثة وأبلغت شقيق زوجها بما جرى.

وبعد برهة من الزمن عاودت حلا الاتصال بأم محمد التي رفضت الرد على أكثر من محادثة. وفي أحد الأيام رن جرس هاتف الأم التتر .. حلا: أين أنت لماذا لا تردي علي منذ فترة؟ صراحة ابنك غالي عليكي اشرحي لنا كيف كان وضعك في المستشفى .. الأم: كان الوضع صعباً للغاية والمعاملة سيئة.

بروفسور أمريكي

حلا: "إحنا بدنا نساعدك بس لازم تساعديني وحنجيب لطفلك زين بروفسور أمريكي لكي يعاجله وتشوفيه بخير لكن بدنا نتقابل معك ونشرب فنجان قهوة" .. رفضت التتر الاستجابة لمطالب حلا فاضطرت الأخيرة للقول "سنتركك للتفكير في الأمر لفترة وسأعاود الاتصال بك".

بعد إنهاء الأم المحادثة فهمت المراد من رسالة ضابط الشاباك وهي رغبتها في ابتزازها مقابل الإدلاء بمعلومات الأمر الذي رفضته المواطنة الفلسطينية البتة.

كان من المفترض أن تعود الأم برضيعها للمستشفى مرة أخرى لإجراء العملية الجراحية الثانية له بتاريخ العاشر من يناير لكن محاولة الابتزاز الذي تعرضت له جعلها تُوقف رحلتها.

وتقدمت التتر بطلب مساعدة للحكومة بغزة لعلاج طفلها في مستشفيات خارج القطاع فتحقق لها ذلك وتوجه زوجها بعد فترة لعلاج طفله في إحدى المشافي التركية واستقرت الحالة الصحية لرضيعها.

وطلبت أجهزة الأمن المختصة في غزة من الأم التتر إغلاق هاتفها وعدم الرد على المكالمات التي تحمل أرقاماً مجهولة.

وتدور رحى حرب خفية بين الأجهزة الأمنية وأجهزة أمن الاحتلال يطلق عليها محللون أمنيون "صراع الأدمغة" ويؤكدون أن ملاحقة المتعاونين مع العدو ومكافحة التجسس في غزة عملية مستمرة لا تتوقف إلا بجلاء الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية.

ولم يعُد أسلوب الابتزاز الذي تُمارسه أجهزة أمن الاحتلال ضد الفلسطينيين حكراً على الكبار رجالاً ونساءً فقط فالصغار والرُضع منهم باتوا أيضاً ضحية التهديد بالموت إن لم يُقدموا معلومات أمنية عن الواقع في غزة التي تعتبرها إسرائيل كياناً معادياً لها.