تقرير نساء غزة تقمصن أدوارا جهادية بارزة في معركة « السماء الزرقاء »

الساعة 05:48 م|24 نوفمبر 2013

غزة (خاص)

لم يعد خافيا أن الانتصار التاريخي والنوعي الذي حققته المقاومة الفلسطينية خلال معركة الأيام الثمانية في العام الماضي، وشكل نقطة تحول كبيرة في تاريخ الصراع مع الاحتلال، تضافرت فيه عوامل عدة وساهمت في تحقيقه، لعل من أبرزها دور النساء البارز في تلك المعركة، ما جعل البعض يطلق على النساء بـ"شريكات في النصر".

فقد استطاعت النساء الخروج من عباءة الدور التقليدي للمرأة في تلك المعركة، كأم أو زوجة للشهيد، وصانعة للأجيال، وتطور هذا الدور حتى وصل إلى دور جهادي حقيقي على الأرض، فكانت النساء حاضرة في أدق تفاصيل المعركة، وقلوبهن مخزنا لأسرار أزواجهن وأبنائهن المجاهدين، وأيدي العديدات منهن كن على الزناد، وحررت بعضهن الصواريخ المعدة والموجهة مسبقا نحو أهدافها، لتنطلق في اتجاه العمق الصهيوني وتصيب أهدافها بمنتهى الدقة.

"معركة السماء الزرقاء"، أبرزت الوجه المشرف للمرأة الفلسطينية، ومنحتها صورة امتزج فيها سعيها كبقية نساء العالم للقيام بأدوارها المختلفة في الأسرة والمجتمع، إلى جانب حرصها على استعادتها للحرية والكرامة التي سبلها إياها الاحتلال، فوقفت خلف المجاهدين أماً وزوجةً وأختاً وابنة؛ ومربية ومقاومة، وبقيت من بعد الشهداء راعية لأسرهم وأبنائهم، تزرع فيهم مزيداً من العزة والصمود، وحب الجهاد و الاستشهاد، ولتكون بذلك مسئولة عن بناء مجتمع بكامله.

وكالة "فلسطين اليوم الإخبارية"، سلطت الضوء على الدور المهم الذي قدمته نساء غزة، خلال الحرب الأخيرة، على كل الأصعدة، حيث برز دورها في كثير من الجوانب الجهادية والاجتماعية والنفسية، إلى جانب دورها كأم و حاضنة في البيت.

مجاهدات في الخفاء

فعلى الصعيد الجهادي، شاركت المرأة الغزية إبان الحرب الأخيرة في كثير من المهمات التي كان المقاومون يحتاجون لوجود النساء فيها، من مهمات رصد وتمشيط الطرقات والتمويه وإيصال أسلحة و نقلها من مكان لآخر، وربما إطلاق صواريخ كانت معدة في باطن الأرض.

من جانبه تحدث "أبو حمزة"، و هو أحد مجاهدي "سرايا القدس"، وأبرز المشاركين في معركة "السماء الزرقاء" قائلاً: "كثيراً ما كنا نحتاج لوجود نساء للمساعدة في بعض المهمات، مثل استكشاف الطرق، تحسباً لوجود عملاء أو مشبوهين، ورصد وجود تحركات لقوات الاحتلال، و خصوصاً في المناطق القريبة من الحدود، بالإضافة للمساعدة في تخزين الأسلحة و نقلها من طرف لآخر في حال تعذر وصول المقاومين إليها".

وأردف قائلا:  " أن دور النساء كان دوراً مهماً لإسناد المقاومة، ليس فقط في جانب العمل الجهادي، بل في أمور كثيرة، مثل إعداد الطعام للمجاهدين في كل يوم، و إيوائهم و مساعدتهم على التخفي أثناء مهماتهم الجهادية.

بدورها أكدت "أم حذيفة"، إحدى النساء اللواتي كن يقدمن العون للمجاهدين في معركة "السماء الزرقاء"، إن وجود منزلها في منطقة قريبة من الحدود، ساعدها في تولي مهمات جهادية هامة، مثل الرصد والمتابعة لتحركات الاحتلال، ونقل أي معلومات لغرفة العمليات، التي تشرف على إدارة المعركة، لتقوم بنقلها للمعنيين، وكثيرا ما كانت تعمل على تأمين طرقات قبل أن يسلكها المجاهدون.

و أشارت إلى أن احتدام المعركة مع الاحتلال، واتساع دائرة جرائمه ضد كافة فئات الشعب الفلسطيني، جعل دور النساء لا يقتصر على تربية الأطفال وأعمال البيوت، فهن أصبحن جزء من العملية الجهادية، وشريك في أدق تفاصيلها، وقد تفوقن بالفعل عن دور الرجال في كثير من المهام الجهادية.

ونوهت "أم حذيفة" إلى أن المرأة تقوم بدورها في خدمة قضيتها قدر استطاعتها، مؤكدة بأن طبيعة الصراع مع العدو تتطلب تكامل ادوار النساء و الرجال للقيام بواجبهم في خدمة قضيتهم العادلة.

وفي مقارنة بين المرأة الفلسطينية ونساء المستوطنات، قالت ام حذيفة: "في الوقت الذي كانت تهرب نساء المستوطنات خوفا وهلعاً على حياتهن من صواريخ المقاومة، كانت المرأة الفلسطينية تندفع وتدفع بأبنائها إلى المواجهة، رغم حمم القصف الجوي والبري الذي كان يستهدف قطاع غزة، من مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، موضحة بأن هذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن المرأة الفلسطينية صاحبة حق في هذه الأرض، بينما تهرب الأخرى لأنها تعرف بأنها دخيلة عليها و لا ولا تمتلك هي وشعبها المزعوم شبرا واحد من أرضنا المباركة.

و أكدت بأن النساء سيواصلن طريق المقاومة بكل الوسائل المتاحة لهن، و لن تثنيهن عن ذلك أعمال القتل و التخريب التي تقوم بها آلة الحرب الصهيونية.

مسئوليات جسام

 أما عن الدور الاجتماعي الذي قدمته المرأة، تحدثت والدة الشهيد "أيمن إسليم" القائد الميداني بسرايا القدس، و الذي استشهد خلال حرب "السماء الزرقاء"، قائلة: "إن المرأة هي أول من تتحمل مسؤولية الحرب، و هي أول من تتحمل التضحيات، فابنها أو زوجها في ميدان المعركة، أو في أماكن عملهم يقدمون الواجب قدر الإمكان، رغم المخاطر التي تحف بهم من كل جانب، وهي من تدير شئون المنزل في غيابهم، و تكون ٍحاضنة للأطفال ومخفف عنهم الأعباء النفسية وحالات الخوف".

و تتابع حديثها قائلة: "على الرغم من أنني كنت اعرف أن أبني أيمن كان يعمل في صفوف المقاومة، و كان يخرج للرباط في كل يوم، إلا أنه لم يخطر ببالي يوماً أن أطلب منه أن يتوقف عن جهاده و مقاومته، بل كنت أجهزه للخروج إلى مهماته، لأني على يقين بأن هذا هو الطريق الوحيد لتحرير الأرض واستعادة الكرامة، وأن هذه ضريبة يدفعها شعبنا وأمهاتنا على وجه الخصوص، لاستعادة حقوقنا السليبة من الاحتلال الغاصب، و هذا فخر و شرف لي بأن نال أيمن الشهادة التي طالما تمناها".

و أكدت والدة الشهيد بأنه رغم الفراغ و الألم الذي تركه رحيل ابنها الشهيد أيمن، إلا أنها لم تندم ولو للحظة على تربيته على نهج المقاومة و حب الجهاد، بل ستسير هي و باقي إخوانه على ذات النهج، حتى يتحقق ما سعى له الشهيد، و هو تحرير الأرض من دنس الاحتلال.