خبر الشرخ المصري – التركي -ديعوت

الساعة 10:20 ص|24 نوفمبر 2013

الشرخ المصري – التركي -ديعوت

دوم فاسد

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: طالما بقي اردوغان وداود اوغلو هما اللذان يُمليان السياسة في تركيا فان العلاقات بين تركيا ومصر ومع اسرائيل ايضا ستبقى تتردى - المصدر).

 

قبل لحظة من صعوده الى الطائرة الى موسكو في نهاية الاسبوع، كان مُلحا على رئيس الوزراء، طيب اردوغان، أن يصب مزيدا من الزيت على النار المشتعلة في العلاقات التركية المصرية. "أؤدي التحية لمرسي (الرئيس المعزول) على ظهوره المحترم (حين رفض ارتداء بزة السجناء) في المحكمة، وأنا أكن له تقديرا عظيما"، هذه هي لهجة اردوغان اللاذعة. "ليس عندي ذرة احترام لمن اختطف رئيسا شرعيا كي يُدير ضده محاكمة ملفقة". كما أصر اردوغان على أن اسرائيل هي التي قادت الانقلاب ضد مرسي وأن "الموساد" نبش من خلف الكواليس.

 

كان هذا كافيا للجنرال السيسي، الرجل القوي في مصر. فقد عقد أمس الناطق بلسان وزارة الخارجية في القاهرة مؤتمرا صحفيا كي يعلن بأنه مل الفم الكبير واليدين الطويلتين لاردوغان. ومع أن مصر لا تقطع العلاقات مع أنقرة، إلا أنها تخفض المستوى. السفير التركي، حسين بوستالي، أُعلن عنه شخصية غير مرغوب فيها وسيُطرد من القاهرة فورا. وبالمقابل، السفير المصري الذي أُعيد "للتشاور" قبل ثلاثة اشهر يتلقى وظيفة جديدة في مقر الخارجية المصرية ولن يُعين له بديل.

 

الكثير من الدم الفاسد مر بين تركيا ومصر منذ خلع الرئيس مبارك. فمن يتذكر وعد اردوغان بـ "صفر مشاكل مع الجيران" حين استضاف بشار الاسد وحاشيته الكبرى

 

على الأبسطة الحمراء وأعلن بأنه سيُنزل لهم سماء اسطنبول. واندفع اردوغان نحو مصر واستُقبل كما يُستقبل نجم فني، ونثر الوعود من هنا وحتى اشعار آخر، 3 آلاف معجب انتظروه في المطار. هو، ويده اليمنى، وزير الخارجية داود اوغلو، خططا لاقامة امبراطورية قوية على محور يتجاوز اسرائيل، يبدأ في دمشق، يمر في أنقرة ويواصل نحو القاهرة وينتهي في مكاتب قيادة حماس في غزة.

 

غير أن العناق الروسي – الايراني لبشار خرّب عليهما خططهما. واضطر اردوغان الى اقامة ثمانية مخيمات للاجئين السوريين، وفقد الاخوان المسلمون حكمهم في مصر، واختفت أعقاب مرسي في قاعدة عسكرية في الاسكندرية. وعندما أعلن اردوغان بأنه يخطط لزيارة غزة، تلقى رسالة شديدة اللهجة من القاهرة: ليس في مدرستنا. إبق في البيت ولا تحلم بعرقلة الحملة لاغلاق أنفاق الارهاب والسلاح الذي تعرف أنت جيدا من أين يأتي.

 

هذا لم يكف اردوغان على ما يبدو: فقد تلقى خالد مشعل دعوة عاجلة، واستضافت اسطنبول مؤتمر خبراء لشؤون انتهاك حقوق الانسان في مصر، ودعا اردوغان ومقربوه الى الخروج للتظاهر ضد عزل "الاخوان"، المتعاونين مع حزب السلطة في تركيا.

 

ويبدو الشرخ المصري – التركي الآن كانعكاس لانهيار العلاقات معنا. ففي الحالتين سُرح السفراء وخُفض مستوى التمثيل الدبلوماسي. وفي الحالتين يتعاطف اردوغان مع الفصائل المتطرفة في غزة ويبحث عن قنوات لتطوير قيادة حماس – بالسلاح، بالتمويل وبالعطف – على ألا يغفوا أمام "العدو".

 

ولكن حالة النظام العلماني الجديد في مصر أكثر خطورة: اردوغان لا يفوت ميكروفونا كي يحرض ضدهم. ويدور الحديث عن محاولات لا تكل ولا تمل من جانب تركيا، كما اتهم أمس الناطق بلسان الخارجية في القاهرة، للتدخل في شؤوننا الداخلية وضعضعة الاستقرار.

 

لقد بحث السفير التركي المطرود من القاهرة أمس عن كلمات متفائلة. كما أن الرئيس عبد الله غول تلوى الى أن خرج منه التلعثم بأن "تركيا ومصر تشبهان حبتي بازلاء في وعاء يغلي". وقد حاول غول الحديث عن ازمة تمر، بالضبط مثلما في حالتنا. ولكن عميقا في القلب هو ايضا يعرف بأنه طالما كان الثنائي اردوغان وداود اوغلو هما اللذان يُمليان السياسة، فان هذا لن ينتهي.