خبر توق الى زعيم يصنع نظاما -هآرتس

الساعة 10:32 ص|11 نوفمبر 2013

بقلم: اسحق ليئور

(المضمون: إن اليسار الاسرائيلي والطبقة الليبرالية في اسرائيل في عجز عن الفعل السياسي الحقيقي فهما يأملان أن تقوم المحكمة بابعاد خطر المتطرفين مثل ليبرمان بدل أن يقوموا هم بذلك بنضال سياسي حقيقي - المصدر).

 

إن ارتفاع افيغدور ليبرمان السياسي الى منزلة زعيم قومي بلغ ذروته في انتخابات 2009. فلم يكن نحو من نصف الـ 400 ألف من ناخبيه "روسا". وكانت حملة قتل حكومة اولمرت، أعني "الرصاص المصبوب" هي التي رفعت مستوى الدم الى ارتفاعات فظيعة. إن الانقضاض العسكري بدعم من تقدير اعلامي محا المعارضة، وزاد في قوة الأبواق. وتحول ليبرمان الى مُستحث على "مزيد من الدم" وفاز.

 

وقد عرف لحدة ذهنه كيف يكسب من آن لآخر قلب المعسكر المعتدل ايضا الذي يتمنى دائما بكسل سياسة الطبقة الوسطى "إلها من الآلة": الولايات المتحدة أو اوروبا أو "ديغول اسرائيليا". وقد حدد نفسه بأنه يستطيع لو أُتيح له أن يكون "معتدلا". وقد قال لصحيفة "هآرتس" قبل سنوات حينما كان ما زال يوجد هنا يسار: "لا أريد جبل المكبر والولجة؛ فليدفع إليهم أبو مازن رسوم تأمين وطني" (2/9/2005). وكأنه رب منزل يرمي بالسكان حينما يشتهي ذلك.

 

ولخصت مُجرية اللقاء ليلي غليلي قائلة: "إن المسألة السكانية موجودة هنا ايضا في داخل الخط الاخضر... وعلى هذا بالضبط يبني ليبرمان حينما يعرض خطته لتبادل الاراضي والسكان وأساسها نقل مئات آلاف العرب من مواطني اسرائيل الى الدولة الفلسطينية. إن عددا منهم كما في منطقة أم الفحم سيُنقلون مع اراضيهم وعدد آخر بغيرها". يمكن أن نستعرض أجندات مختلفة تبناها هذا الرجل مُنتهبا ما بقي من المجتمع السياسي. وما هو القاسم المشترك بينها جميعا؟ إنه تحريض سكان منقسمين يتحدون على "العدو"، الخارجي والداخلي. وليس هذا اختراعا له.

 

إن أحد الأخطار من قبل هؤلاء الزعماء موجود في صورة التذبذب بين الحماسة والمراودة. واذا شئتم قلنا إن هذه هي خلاصة سياسة الزعيم الذي يُنشيء كتلة حزبية ويقرر لها برنامج عمل مع دعائي رفيع. ويجسد يئير لبيد – وهو أقل فظاظة وأقرب الى أن يكون "منا" – الخطر نفسه لأنه لا يوجد حزب يقرر برنامج عمل بل توجد كتلة حزبية يُعينها الزعيم ويُبعد عنها كما يشاء ويُشبع الشهوة الاسرائيلية الى زعيم قوي "يصنع نظاما"، مرة واحدة والى الأبد.

 

إن الذعر من تبرئة ليبرمان يمكن أن يعلمنا شيئا ما عما بقي من اليسار. فقد أعلنت واحدة منه في صفحتها في الفيس بوك بتأثر منشد في التاسع من آب (العبري): "قبل 18 سنة بالضبط نجح ممثل القومية اليمينية المتطرفة في القضاء على رئيس وزراء. واليوم أُغلقت الدائرة. وتم التحول من دولة رابين الى دولة إيفيت ليبرمان". وما كانت هذه الحماقة النرجسية تستحق الاقتباس لولا أنها كانت تُبين عن حالة مرضية. وأفرط متحدثون أكثر جدية من اليسار ايضا في ذعرهم. فهنا في هذه المعارضة لا يبحثون عن زعيم قوي بل عن عكس ذلك تقريبا. فهم يريدون أن يُبعد الزعيم مرة واحدة والى الأبد. هل بانتخابات؟ لا. هل بنضالات ميدانية يومية؟ لا. بالمحكمة لأن المحكمة كالعدل هي "منا". وماذا يكون اذا برأت المحكمة؟ آنذاك سننهي الامر في الفيس بوك.

 

بعد قليل ستنتهي سنة 2013: والمستوطنات تتسع لتصبح كارثة تاريخية، والجيش يطلق النار مرة اخرى حتى على الفتيان الصغار، والسجون مليئة بالسجناء الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه تُغرق الرأسمالية الاسرائيلية الأكثرية الصامتة في الفقر. وماذا عن اليسار؟ يأمل في نفاد صبر أمام الحواسيب والتلفاز، بمحكمة تُبعد لأجله زعيم اليمين لخيانته الأمانة. ويحسن أن نقرأ رد شيلي يحيموفيتش كي نفهم المفارقة. فهي التي رفضت الحديث عن القضية الفلسطينية في المعركة الانتخابية لأن السؤال كان يعاني "نبذاً" صبغت بنغمتها ذعر العجزة مع التبرئة في المحكمة (ويجب لأجل المعادلة أن نذكر الاعلان السياسي الحكيم لميراف ميخائيلي).

 

إن توقع أن تُبعد المحكمة خصما سياسيا هو مرة اخرى توقع شخص ما يقوم بالعمل السياسي بدلا منك، مع كل المعاني المقرونة بمسائل الديمقراطية واستقلال المحكمة. إن هذا الكسل للطبقة الليبرالية التي أخذت تتقلص يقلق مثل التوق الى رجل قوي في اليمين.