خبر من يشنقون اليوم- هآرتس

الساعة 10:31 ص|11 نوفمبر 2013

 

من يشنقون اليوم- هآرتس

بقلم: أبيرما غولان

(المضمون: تحويل الغضب العام في اسرائيل على جهاز القضاء بدل أن يُحول على الاشخاص والأخطاء الحقيقيين الذين هم سبب الفساد العام - المصدر).

 

لولا أن ذلك مؤسف لأمكن أن نضحك. فقد كانت الردود على تبرئة وزير الخارجية افيغدور ليبرمان آلية ومتوقعة كثيرا.

 

قام في أحد جانبي طيف الردود بالطبع اليمينيون الذين ابتهجوا لما بدا لهم أنه فشل "عصابة سلطة القانون". وفي الطرف الثاني طأطأ الباحثون عن طهارة الاخلاق العامة رؤوسهم في حزن يائس. وهمس الطرفان معا قائلين: أية دولة، أية دولة!.

 

يبدو أنه لا حاجة الى أن نُبين معنى هذا الشعور بالمرارة الذي يُترجم دائما الى عبارة "أية دولة"، وكأن الشاعرين بالمرارة أنفسهم ليس لهم جزء ونصيب من هذه "الدولة" التي تكون احيانا على غير ما يرام لأنها تضطهد أناس الحياة العامة، وتكون مرة على غير ما يرام لأنها لا تنجح في أن تضع يدها عليهم (ويتعلق ذلك بالمجموعة التي ينتمي إليها الشاعر بالمرارة وبمقدار استطاعته أن يُعرف شخص الحياة العامة بأنه "منا"). والحديث في الحالتين عن خيبة أمل تشبه خيبة أمل الصياد حينما يرى فريسته تهرب، شبها عجيبا.

 

إن خيبة الأمل تحدث في ميدان واحد فقط وهو جهاز القضاء. وقد تحول الجميع في السنوات الاخيرة – الوزراء واعضاء الكنيست وكُتاب المقالات والمراسلون والجالسون في المقاهي وصالونات يوم الجمعة – تحولوا الى محللين قضائيين. فالجميع

 

يبحثون في مسائل قانونية وكأنه ليس للحياة العامة معنى سوى هذا الجانب الضيق. بل إنهم في الحقيقة لا يشغلون أنفسهم بالقانون حقا بل بنميمة قضائية ضحلة.

 

ويُمتحن الواقع كله – من أروقة الحكم الى الحياة اليومية – على حسب مقاييس القانوني وغير القانوني، وأنه يمكن أو لا يمكن رفع استئناف. وقد فقد سؤال هل يسلك انسان ما بمقتضى القانون أم لا، معناه وحل محله سؤال هل يوجد قانون خالفه. ومُحيت جميعا مصطلحات أساسية كالمعيار العام وقواعد السلوك والنزاهة والانسانية بل الحماقة والحكمة. وبقي بدلا منها امتحان القانونية والدعوى القضائية والادانة فقط.

 

وقد كان الغضب هو الشيء البارز والمشترك في ردود الطرفين – اولئك الذين دار النصر برؤوسهم حينما تمت تبرئة ليبرمان واولئك الذين ظنوا أن السماء سقطت للسبب نفسه. أما الأولون فغضبوا على المدعي العام موشيه لدور وعلى النيابة العامة برمتها، وأما الآخِرون فغضبوا جدا على المستشار القانوني للحكومة يهودا فينشتاين الذي أغلق القضية "الكبيرة"، وعلى النيابة العامة التي لم تُعرض نفسها للخطر كما توقعوا منها في القضية "الصغيرة".

 

وحتى ذلك الحين، أي الى قُبيل المحاكمة، كان جميع المحللين يبحثون في امكانية أن يُدان ليبرمان بجناية مع عار وكأنه لا يمكن غير ذلك، وصرخت العناوين الصحفية تقول "يوم الدين لليبرمان". وفي الغد صرخ ذلك الحبر الاحمر نفسه "يوم الدين للنيابة العامة" و"سقوط المستشار". ولم تقبل المحكمة الشعبية الحكم وهي تطلب ضحية.

 

إن هذا الاتجاه هو توأم ثقافة الريالتي الدونية، فهو مثلها يرى الواقع منافسة عنيفة بين طرفين دمهما مُباح، ويعملان في عالم بلا قيم، وهو مثلها يبلغ الرضا بعزل

 

مُذل فقط. ويُزهر كلاهما فقط في مجتمع يسجد للمنافسة القوية والمتطرفة وغير الانسانية في جميع المجالات، فقدت بوصلتها الاجتماعية والاخلاقية.

 

وفي هذا الواقع بقي جهاز القضاء حاكما وحيدا في كل مسألة قيمية، ويُرى أنه يشبه حكَما في ساحة صراع، ولما كان كذلك فانه حينما يُخيب آمال المحكمة الشعبية تطلب أن تقوده، بدل المتهم الذي أُفرج عنه الى حبل المشنقة.