خبر ما الذي قاله نتنياهو في الحقيقة -هآرتس

بقلم: غاي يريف

(المضمون: كانت خطبة نتنياهو القصيرة أمس خطبة لتوبيخ وزير الخارجية الامريكي كيري لأنه يحاول أن تجمد اسرائيل البناء في المستوطنات وإن تكلم فيها عن المشروع الذري الايراني - المصدر).

إن "التمويه بالرأس" في كرة السلة حيلة يتجه معها اللاعب برأسه الى اتجاه ما كي يُموه على من يحرسه وحينها يتجه بالكرة الى الطرف الآخر. وقد أعطى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس مثلا على كيفية القيام بـ "تمويه بالرأس" خطابي كامل.

نقول لكل من لم يتابع ذلك إن نتنياهو خطب أمس خطبة قصيرة مؤلمة هاجم فيها بدم قلبه ايران والاتفاقات الدولية التي أخذت تُصاغ معها. وكانت تلك خطبة قصيرة لكنها قوية: فهي ساخرة ("يتجول الايرانيون في جنيف راضين. وبحق. فقد حصلوا على صفقة القرن")، ودبلوماسية ("تعارض دول كثيرة في المنطقة الاتفاق")، لكنها مهددة ("لا ترى اسرائيل نفسها ملزمة بالاتفاق وستحمي أمنها").

يُرى في الوهلة الاولى رئيس وزراء اسرائيلي يدافع عن وجود الدولة. فأين اذا التمويه بالرأس.

ذاك لأن نتنياهو في منتصف الخطبة يُغير الموضوع ويُحول خطبته الى خطبة تتناول المستوطنات. وهو يستعمل نفس النغمة الخزينة الغاضبة ليُبين أن القنبلة الذرية الايرانية وتجميد المستوطنات هما الشيء نفسه. ويهاجم نتنياهو في واقع الامر وزير الخارجية الامريكي جون كيري والدول الخمس الكبرى لأنهم يُصدقون الفلسطينيين كما وقعوا ضحية للتضليل الايراني بالضبط.

وهذا عمل خطابي لامع لأن نتنياهو التزم بموقف من ورائه اجماع كامل (من يعارض تجريد ايران من سلاحها؟)، وقد استغل ذلك الاجماع للهجوم على حليفات اسرائيل بسبب مواقفها من شأن الاجماع عليه أقل مثل استمرار البناء في المستوطنات. أجل أجل، ما سمعتموه صحيح. كانت الخطبة أمس في الحقيقة توبيخا لكيري بسبب طلبه الى اسرائيل أن توقف البناء في المستوطنات.

نجح نتنياهو مثل عباقرة كرة السلة الذين يعرفون كيف يتجهون برؤوسهم الى جهة ما ثم يأخذون الكرة الى الجهة الاخرى دون أن يفقدوا من سرعتهم، نجح في الحفاظ على نفس مستوى الطاقة العاطفية والقناعة الداخلية بالتحول الذي قام به.

وأثبت نتنياهو مرة اخرى لماذا هو الخطيب الأول في البلاد القادر على أن يبيع الأسكيمو جليدا. وذكّرنا مرة اخرى لماذا في كل مرة يأتي ليبيع فيها شيئا ما ينظر مُحادثوه يمينا ويسارا كي يفحصوا عما يحاول أن يبيعه لهم بالضبط.