خبر من « المنفى » الى « الشتات » الفلسطينيون كمرآة لليهود..يديعوت

الساعة 05:19 م|10 نوفمبر 2013

بقلم: سيفر بلوتسكر

          (المضمون: اقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، ستسرع وتؤطر مسيرة تحول المنفى الفلسطيني الى شتات فلسطيني، أي الى تجمع من البشر ليس له، مثلما لكل شتات، رغبة ونية لترك مكان سكنه. وهذا سيكون مثابة الاغلبية الحاسمة من الفلسطينيين، وهو سيصفي فكرة حق العودة - المصدر).

          صدر هذا الشهر كتاب يجمع مقالات لباحثات وباحثين اسرائيليين، فلسطينيين واردنيين، يشذون عن الخطاب السياسي الدارج والمتبع لغرض بث نفحة جديدة في الشعلة الخابية لحل الدولتين ("الاثار الاقليمية لاقامة دولة فلسطينية" من منشورات مركز دانييل ابرهام للحوار الاستراتيجي في الكلية الاكاديمية نتانيا، مركز عمان للسلام والتنمية، المعهد الفلسطيني للاستشارة والتحليل وصندوق كونرد اديناور). وقد وجدت اهتماما خاصا في المناهج الجديدة نحو لباب الخلاف الاسرائيلي – الفلسطيني: مسألة اللاجئين ومسألة المستوطنين.

          في العقدين منذ الاتفاق الانتقالي بين حكومة اسرائيل وم.ت.ف، فعلت الديمغرافيا فعلها: مئات الاف اليهود استوطنوا في يهودا والسامرة، النمو الطبيعي وسع الامة الفلسطينية عديمة الدولة الى ملايين من بني البشر. ويبدو أن هكذا نشأت عوائق غير قادرة للاجتياز في الطريق الى اتفاق يقوم على اساس تقسيم بلاد اسرائيل الانتدابية الى دولتين قوميتين ذاتي سيادة. زمنه انتهى.

          أحقا؟ في مقال "الدولة الفلسطينية والشتات الفلسطيني" يجري البروفيسور ماتي شتاينبرغ تمييزا بين "المنفى الفلسطيني" و "الشتات الفلسطيني". فالعيش في "المنفى" معناه الشعور كلاجيء غريب عديم الجذور، يتطلع الى الارض التي اضطر الى الفرار منها. اما العيش في "الشتات"، بالمقابل، فمعناه أن يكون مواطنا ذا حقوق كاملة في دولة الهجرة وكذا ذا اتصال عاطفي خاص بالبلاد القديمة، البلاد الاصل، الدولة القومية.

          حسب هذا التمييز، فان الشتات الفلسطيني في العالم يعد اليوم 11 مليون نسمة. أما المنفى الفلسطيني فأقل بكثير: كان يعد 5 ملايين نسمة تعرفهم الامم المتحدة كلاجئين ويسكنون في المناطق وفي دول عربية مجاورة. في مخيمات اللاجئين خارج بلاد اسرائيل الانتدابية يسكن نحو 700 ألف، نحو نصفهم في الاردن، وهم النواة الصلبة للمنفى الفلسطيني.

          اقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، كما يعتقد البروفيسور شتاينبرغ، ستسرع وتؤطر مسيرة تحول المنفى الفلسطيني الى شتات فلسطيني، أي الى تجمع من البشر ليس له، مثلما لكل شتات، رغبة ونية لترك مكان سكنه. وهذا سيكون مثابة الاغلبية الحاسمة من الفلسطينيين، وهو سيصفي فكرة حق العودة. معقول الافتراض أن في اوساط الفلسطينيين الذين يعانون من التمييز في دول سكناهم ستتعاظم الرغبة في العيش في الدولة القومية وهم سيهاجرون الى فلسطين التي ستشكل مصدر جذب لكل فلسطيني بصفته هذه.

          التمييز بين ابن القومية الفلسطينية والمنفي الفلسطيني (وبين ارض الوطن والدولة القومية) يقبع ايضا في اساس مقال بقلم مجموعة من الباحثين في معهد الاستشارات الفلسطيني وعنوانه "اللاجئون الفلسطينيون، تقدم أم جمود". في تسوية سلمية نهائية – والتسوية السلمية يجب، برأي كاتبي المقال، ان تكون نهائية كي تبقى – ستوافق اسرائيل على أن تستوعب عددا محددا مسبقا من اللاجئين من المنفى "الصلب". بالمقابل، ستطالب السلطة الفلسطينية بالحصول على اراض بلا مستوطنين.

          لحل الخلافات على الاعداد يقترح الباحثون السماح للمستوطنين اليهود في يهودا والسامرة البقاء في منازلهم كأفراد وليس كفرع لاسرائيل. ومقابل "حق العودة" للاجئين سيكون "حق البقاء" للمستوطنين: عدد الفلسطينيين الذين سيحصلون على الاذن بالعودة الى اسرائيل، سيكون مساويا لمضاعف متفق عليه من عدد اليهود الذين سيختارون البقاء في فلسطين. كل هذا "دون تغيير الطابع القومي للدولتين". ومن المتوقع للاعداد أن تكون قليلة؛ فالمستوطنون سيفضلون الاخلاء الى اسرائيل والا يخلقوا شتاتا يهوديا جديدا في فلسطين. والفلسطينيون سيفضلون العيش في الشتات القائم او الهجرة الى دولتهم القومية.

          مكان واسع في مجموعة البحوث، بتحرير د. روبين بدهتسور، مكرس للاردن، سواء كدولة منحت المواطنة الكاملة للفلسطينيين، وبذلك جعلتهم شتاتا أم كشريك جوهري لكل تسوية سلمية مستقبلية. والاستنتاج الناشيء عن البحوث: دون تحطيم المسلمات التي شكلت حتى الان اساسا دائما لمفاوضات اسرائيلية – فلسطينية، لن يتحقق اختراق، وبدونه ستذوي وستموت قريبا فكرة الدولتين للشعبين.