خبر التنازلات على حسابنا.. معاريف.. بقلم: شالوم يروشالمي

الساعة 05:15 م|10 نوفمبر 2013

          (المضمون: كيري تحيز. في منظومة اشتراطاته التقدم مع الفلسطينيين كفيل بان يرتبط بمطالب اسرائيل في موضوع ايران. هذا هو الرابط المعروف التي حاولت اسرائيل دوما التملص منه - المصدر).

 

       يروي النائب تساحي هنغبي، المقرب من نتنياهو وأحد كبار الخبراء في المواضيع الايرانية، النكتة عن الرجل الذي عانى من آلام الاسنان الشديدة. استغرقه وقت طويل الى أن وصل الى الطبيب. وفي ختام العلاج تنفس المريض الصعداء. "كم يتعين علي أن ادفع لك"، سأل المريض طبيبه. فأجاب الطبيب: "اعطني ما كنت مستعدا لان تدفع لي عندما كنت تتسلق الحيطان".

 

          الفكرة واضحة. الايرانيون يعيشون في هذه اللحظة ذروة الألم. فوضعهم السياسي والاقتصادي في الدرك الاسفل. والعقوبات تفعل فعلها جيدا. وهذا هو الوقت لمزيد من الضغط. تشديد ألم الاسنان الى أن يفقدوا الوعي ويكونوا مستعدين لكل طلب او في مثل هذه الحالة: التفكيك التام للمشروع النووي. فما الذي يعرضه عليهم الامريكيون؟ أن يوقفوا البرنامج النووي فيلغي العالم بعضا من العقوبات.

 

          بتعبير آخر: يتحرر المريض من ألم الاسنان الفظيع، يتلقى علاجا وقائيا، والان، فرح وطيب القلب، لن يتوجه الى وقف المشروع الذي بدأه. ويشكو رئيس الوزراء نتنياهو فيقول "حسنا، احقا، يا لها من صفقة سيئة هذه". ولكن هذا هو الوضع. الطبيب، في هذه اللحظة وزير الخارجية جون كيري، مستعد لان يجبي ثمنا عاليا، ولكن ليس من الايرانيين، وليس من الفلسطينيين، بل من اسرائيل. الشكاوى الشديدة لنتنياهو لم تعد تعنيه. كيري يصل الى البلاد، يلقي بلقائين، يمنح مقابلة مناهضة لاسرائيل في القناة 2 ويفر الى جنيف كي يغلق الامور مع الايرانيين، بخلاف رأي اسرائيل.

 

          نتنياهو يخرج عن طوره، والرئيس اوباما يتصل به كي يهدىء روعه أو يوبيخه. هذا لا يهم. نتنياهو، يعطي الانطباع، يفقد نقاط الضغط على الادارة، الصحافة الامريكية تخرج ضده بكل القوى، والان يتجه الى المسارات المعروفة الاخرى: الكونغرس، مركز الشيوخ واللوبي اليهودي. في الماضي كانت هذه القنوات ناجعة، وسيواصل نتنياهو التهديد المبطن بهجوم اسرائيلي مستقل ضد ايران، فيصعد فقط الانتقاد عليه في العالم.

 

          داني ايالون كان نائب وزير الخارجية وسفير اسرائيل في الولايات المتحدة. ولا يوجد الكثير من الدبلوماسيين الذين يعرفون مثله العلاقات بين اسرائيل والادارة. ويشبه ايالون بين وزير الخارجية كيري وبين وزير الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الاول جيمس بيكر، الذي يعتبر أحد وزراء الخارجية القاسين من ناحية اسرائيل.  فقد كان بيكر هو الرجل الذي قرر في حينه ترك الاسرائيليين والفلسطينيين لحالهم. "رقم الهاتف في البيت الابيض هو 242-338. اتصلوا، درج بيكر على القول، ملمحا بقراري الامم المتحدة الشهيرين اللذين رفض الجميع تبنيهما.

 

          كيري، يقول ايالون، لم يترك المعركة بل دخل فيها بكل القوة. "فهو يمارس علينا ضغطا وحشيا"، يقول ايالون. "انظروا ماذا يحصل في المفاوضات، الامريكيون طالبوا اسرائيل بخريطة الدولة الفلسطينية. اسرائيل طالبت قبل ذلك بترتيبات امنية في غور الاردن. الفلسطينيون غير مستعدين لاي جندي اسرائيلي هناك. وهم ينتظرون الحل الوسط الذي يقترحه الامريكيون، بمعنى قوات دولية على حدود الغور. نتنياهو لا يمكنه أن يوافق على هذا ايضا. ولا باي حال". جيمس بيكر او جون كيري في القدس يأملان في ان تكون الازمة بين اسرائيل والادارة بشدة متدنية وليست عالية، ولكن الانتقاد الداخلي على كيري شديد. "لماذا توجه الينا بلغة التهديد في المقابلة الاخيرة؟" سأل سياسي كبير. "ماذا ينبغي لهذا أن يكون؟ لماذا قال انه اذا لم تتقدم اسرائيل في المفاوضات فستكون هنا انتفاضة ثالثة؟ لماذا لم يقل انه اذا لم يتقدم الفلسطينيون فلن تكون لهم دولة؟".

 

          باختصار، كيري تحيز. في منظومة اشتراطاته التقدم مع الفلسطينيين كفيل بان يرتبط بمطالب اسرائيل في موضوع ايران. هذا هو الرابط المعروف التي حاولت اسرائيل دوما التملص منه. مشوق أن نعرف من سيحل المعضلة. ربما أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية الجديد – القديم، الدبلوماسي البرغماتي والمعتدل، الذي كما يعرف الجميع، الغرب مفتوح امامه.