خبر ليبرمان يعود «بريئاً» إلى وزارة الخارجية .. حلمي موسى

الساعة 09:45 ص|07 نوفمبر 2013

 

فاجأت «محكمة الصلح» في القدس المحتلة الإسرائيليين عموماً والحلبة السياسية خصوصاً بإعلانها تبرئة زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان من تهم الفساد وخيانة الأمانة. وسارع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ليس فقط إلى تهنئة شريكه الائتلافي الأبرز بنيل البراءة، وإنما أيضاً إلى دعوته لاحتلال منصبه، الذي بقي شاغراً، كوزير للخارجية. وشكل قرار التبرئة هزّة في الحلبة السياسية ليس لأنه لم يكن متوقعاً فحسب، وإنما لكونه يضيف قوة إلى الرجل الذي كثيراً ما سمي بـ«إيفيت الرهيب» تشبهاً بـ«إيفان الرهيب» الروسي.

ويمكن القول إن ليبرمان تعرض منذ دخوله معترك الحياة السياسية في الليكود، شريكاً لنتنياهو في قيادة «الغواصة»، لحملات سياسية وإعلامية قاسية جداً. ولكنه شق طريقه إلى أعلى المناصب في «الليكود» وخارجه بحيث غدا رقماً صعباً ينافس ليس على مواقع وزارية هنا وهناك وإنما على منصب رئيس الحكومة. ودفع هذا الواقع نتنياهو إلى مجاراة ليبرمان والتودد إليه بعد خصومة شديدة والاضطرار إلى التحالف معه وربما مساعدته في أن يغدو خليفة له في قيادة «الليكود» بعد تشكيل «الليكود بيتنا» لخوض الانتخابات الأخيرة.

ومن المؤكد أن هذا قاد الكثيرين داخل «الليكود» وفي الحلبة السياسية الإسرائيلية عموماً إلى التصادم مع ليبرمان علناً أو إلى محاولة وضع العراقيل في وجهه سراً. وشكّل ليبرمان على الدوام أحد أبرز الداعمين للمشروع الاستيطاني وأحد المنظرين للفاشية القومية من خلال تصديه للمواطنين العرب وأحزابهم ودعوته للتبادل السكاني. وبديهي أن يكون المعارضون العلمانيون لحكومات اليمين بين أبرز المعارضين لليبرمان لأسباب سياسية، ولكن اليمين الديني كان معارضاً لليبرمان لأسباب دينية.

وقد ارتاحت الحلبة السياسية بعض الشيء من ليبرمان في العامين الأخيرين بعدما حامت فوقه شبهات قوية بالفساد، واضطر المستشار القضائي للحكومة بعد الانتخابات الأخيرة إلى قبول تقديم لائحة اتهام ضده وتحديد موعد لمحاكمته. ولهذا السبب يرى كثيرون أن تبرئة ليبرمان تشكل ضربة قوية للنيابة العامة وللشرطة الإسرائيلية، التي أشاعت طوال الوقت أن قرائن الإدانة لليبرمان متوفرة. غير أن الأثر الأقوى للتبرئة يتركز في الحلبة السياسية، وليس على مستوى القضاء والشرطة.

ويعد منصب وزير الخارجية الثاني أو الثالث في أهميته بعد رئاسة الحكومة، وقد بقي شاغراً طوال فترة المحاكمة، حيث تولاه اسماً نتنياهو نفسه. وكان هذا المنصب مطمح الكثيرين في قيادة «الليكود»، خصوصاً جدعون ساعر وسيلفان شالوم. واليوم بعدما فاز ليبرمان بالبراءة سيعود معززاً إلى «وزارته» ليُسكت مطامح الآخرين فيها. لكن المسألة لا تتوقف عند هذا الحد.

ورأى الكثيرون أن إدانة ليبرمان ستسهم في تحطيم حزبه «إسرائيل بيتنا»، وقد تدمر ائتلافه مع الليكود في «الليكود بيتنا». وبكلمات أخرى اعتقد كثيرون أن الحلبة الإسرائيلية كانت على فوهة بركان، وأن إدانة ليبرمان ستصيب هذه الحلبة بهزة أرضية شديدة. وهكذا، فإن التبرئة عنت أولاً وقبل كل شيء، على المدى القريب، نوعاً من الاستقرار الحكومي. وربما ان النقطة الوحيدة التي قد يثار حولها خلاف قريباً هي مدى حرية وزيرة العدل تسيبي ليفني في إدارة المفاوضات مع الفلسطينيين مع وزارة خارجية يرأسها ليبرمان. لكن الأمر، على المديين الأوسط والبعيد، ليس مؤكداً أن يبقى على هذا النحو.

ويعتقد خبراء أن الأسئلة على المديين المتوسط والبعيد تتمحور حول مطامح ليبرمان لرئاسة الحكومة. فإذا اختار ليبرمان تحدي نتنياهو أو أي من قادة الليكود واليمين خلال الأشهر المقبلة، فإن حالة الهدوء الحالية سوف تتبدد دفعة واحدة، وهو يكون اختار أسلوب «إيفيت» الخشن، إلا ان فترة الهدوء قد تطول إذا اختار المواجهة الناعمة.

ويتمثل أسلوب «إيفيت الخشن» في محاولة الاستيلاء بالقوة على قيادة «الليكود» عبر الضغط باتجاه الدمج بين الحزبين. ومعروف أن ليبرمان يمتلك داخل الليكود الكثير من الحلفاء والأنصار ممن تربوا على يديه حين كان «مديراً عاماً» للحزب. ولكنه يعاني أيضاً من وجود عداء شديد له في صفوف «الليكوديين» التقليديين، وخصوصاً الأيديولوجيين بينهم والشرقيين. ولا يقل خشونة عن ذلك إذا اختار أيضاً نيل زعامة اليمين من خلال حزب «إسرائيل بيتنا» بفك الشراكة الحالية مع «الليكود» والتوجه نحو منطق سياسي أشد تطرفاً. وهذا يعني صراعا «دمويا» ضد نتنياهو أو من يخلفه في زعامة «الليكود»، إذا لم يفلح في البقاء زعيماً للحزب.

وأياً يكن الحال، فمن غير المتوقع أن تبدأ الصراعات في الظهور فوراً، لكن من شبه المؤكد أنه يصح على ليبرمان ما كتبه أحد المعلقين بعد فوزه بالبراءة: «إنه يطير كفراشة لكنه يلذع كالأفعى».