يجدر بالمفاوض قراءتها

خبر أقوال ديسكين عن شرارة الانفجار وتحرير الأسرى وتجميد الاستيطان

الساعة 07:30 ص|07 نوفمبر 2013

غزة

أطلس للدراسات

المفاوض الفلسطيني أو الناطقين السياسيين الفلسطينيين ليسوا مضطرين لتجربة المجرب أو للعب دور الكومبارس في مسرحيات محرجة ومؤلمة، فقط لكي يظهروا للعالم جديتهم في الوصول إلى سلام على ما تبقى لهم من أرض، أو ليحملوا الطرف الاسرائيلي مسؤولية فشل المفاوضات وإظهاره على حقيقته، حقيقة كونه لا زال متمسكاً بأيدولوجية يمينية تقوم على ابتداع كل الطرق والحيل لتعميق وتوسيع السيطرة على ما يسمونه "أرض إسرائيل"، وهو المبرر الأكثر وجاهة وتسويغاً الذي يتمسك به المفاوض لتبرير استئنافه للمفاوضات، ويكفى هؤلاء نشر وعرض أقوال رئيس المخابرات السابق يوفال ديسكين للديبلوماسيين والإعلام الغربي لفضح حقيقة الموقف الاسرائيلي من المفاوضات والسلام.

فقد تحدث ديسكين لصحيفة "يديعوت" في الأول من تشرين الثاني عن رؤيته للانفجار القادم، احتدام أزمة الصراع، اشتداد المعاناة الفلسطينية، وما أسماه بشعور الفلسطينيين بفقدان المستقبل، محذراً من أن الربيع الفلسطيني بات منذ زمن على الأبواب، منتظراً شرارة الانفجار التي قد تأتي صدفة في وقت ما، لسبب او لآخر على طريقة شرارة الانتفاضتين الأولى والثانية (حادث طرق – اقتحام المسجد الاقصى).

لكن أهم ما قاله ديسكين يكمن في رؤيته لائتلاف نتنياهو الذي سيفشل أي مفاوضات، وفى مبادرات حسن النية التي على اسرائيل القيام بها تجاه الفلسطينيين، وفى الحاضنة الإقليمية والدولية للمفاوضات، حيث يطالب ديسكين نتنياهو بتغيير ائتلافه الحالي واخراج كل القوى والأحزاب التي ترفض حل الدولتين وتعزيز ائتلافه بالقوى التي تؤيد حل الدولتين، وباستبدال مفردات الخطاب السياسي بأخرى تزرع الأمل وتعزز الايمان بفكرة السلام، ويحذر من أن الاستيطان يقترب من نقطة اللاعودة التي ستنهي معها شعار حل الدولتين.

ويدعو حكومة اسرائيل الى تقديم بوادر حسن نية للفلسطينيين، تعزز ما يسميه "بناء جسور الثقة" عبر إطلاق سراح أسرى، والاعلان عن تجميد البناء في جميع المستوطنات باستثناء الكتل الاستيطانية الكبيرة.

كما يدعو الى توسيع حاضنة المفاوضات باشراك دول عربية (الأردن، مصر، السعودية، ودول الخليج) بالإضافة الى تركيا وروسيا ودول أوروبية، وهذا يتناقض مع احتكار أمريكا لرعاية المفاوضات، ومع المبدأ الذي تتمسك به إسرائيل، مبدأ المفاوضات الثنائية المباشرة، كما أن الدول العربية لن تأتِ بدون أن تجلب معها مبادرتها، وإدخال تركيا وروسيا ودول أوروبية يجعل صيغة المؤتمر الدولي أكثر قبولاً وأكثر واقعية، وهو الذي طالما طالبت به م. ت. ف.

 

أهمية أقوال ديسكين

إن أكثر ما يعنينا بأقوال ديسكين هو مطالبته الصريحة بإطلاق سراح الأسرى وتجميد البناء في المستوطنات وعدم جدية حكومة نتنياهو في التوصل الى سلام، حيث تتسم أقواله بجرأة كبيرة، لا سيما في ظل التحريض الاسرائيلي المجتمعي والسياسي والإعلامي الكبير ضد إطلاق سراح عشرات الأسرى الذين أكل القيد أعمارهم وأجسادهم، فيكفي نظرة عابرة للإعلام الاسرائيلي لتجد نفسك أمام كم مهول من الألم الكبير المصطنع جراء إطلاق سراحهم، فهم في نظر الجميع ليسوا إلا قتلة مجرمين ووحوش آدمية.

قيمة أقوال ديسكين عن الأسرى والاستيطان انها لم تخرج عن شخص يساري أو ثمة شبهات تدور حول منسوب صهيونيته أو منسوب كراهيته للفلسطينيين، فهو ربما مجرب الحرب الأكثر تورطاً في سفك دماء الفلسطينيين، فتاريخه الأسود في الإرهاب والتنكيل والتعذيب والإبعاد والقصف والاغتيال تاريخ طويل يمتد من سنة 1974 حتى سنة 2011، وهو المسؤول عن الكثير الكثير من الاغتيالات وأعمال القتل، تحديداً في سنوات الانتفاضة الثانية عندما كان نائباً لرئيس الشباك، ولاحقاً عندما تولى القيادة سنة 2005.

أي إن أقواله تنطوي على أهمية بالغة، وينطبق عليها القول "وشهد شاهد من أهلها"، أقوال تستحق أن يقرأها المفاوض الفلسطيني وأن يقف عندها، ويعيد ترجمتها ونشرها وتوزيعها على دوائر صناعة القرار السياسي الغربي، وأن يطالب الغرب بألا يكونوا صهاينة أكثر ممن تقلد منصب حامى حمى الصهيونية، وهي تدعو المفاوض الفلسطيني الى مراجعة موقفه من استئناف المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان، هذا الاستيطان الذي لم يعد مجرد مصادرة أراضي، بل بات يخلق أمر واقع سياسي على الأرض يستحيل معه قيام دولة فلسطينية على أراضي الـ 67، وتتحول في ظل استمراره المفاوضات من مفاوضات للتخلص من الاحتلال وإقامة الدولة إلى مفاوضات لقبول الأمر الواقع والتعايش مع الاستيطان.