خبر لا يخطو اوباما خطوة الى الأمام -اسرائيل اليوم

الساعة 11:23 ص|06 نوفمبر 2013

بقلم: زلمان شوفال

(المضمون: تفضل الولايات المتحدة اليوم تجاهل مسؤوليتها بصفتها زعيمة العالم الحر بدعوى الحفاظ على مصالحها القومية - المصدر).

 

تميزت ثلاثينيات القرن الماضي واربعينياته في الولايات المتحدة بجو مفرط من التمايز والاغتراب بازاء سائر دول العالم والاجانب بعامة. وكان الشعار الشائع في مجلس النواب ووسائل الاعلام: "دعونا من مشكلاتكم". وشاعت في امريكا آنذاك غير مقطوعة عن جو الاغتراب هذا معاداة سامية شديدة مصحوبة بالعنف احيانا جعلت

 

عددا من الاشخاص اليهود البارزين كالقاضي الأعلى فليكس فرانكفورتر وصحفا يملكها يهود مثل "نيويورك تايمز" يتجاهلون ازمة اليهود في اوروبا، "كي لا يثيروا أمواج عداء للسامية اخرى".

 

إن قيادات الولايات المتحدة السياسية اليوم عن جانبي المتراس ترفض بغضب في الحقيقة زعم أنها مصابة بالتمايز، لكن الحقائق على الارض والاقوال التي تُقال وتُكتب فوق منابر عامة مختلفة تشهد على أن الزعم المذكور آنفا ليس داحضا تماما. يوجد في الطرف اليميني من الخريطة السياسية من يسارعون الى إظهار تمايزهم، أما في الطرف اليساري فيفضلون تعابير مثل "القيادة من الخلف" أو "سنعمل بواسطة الامم المتحدة وأسرة الشعوب فقط". لكن التمايز هو مسألة سلوك عملي لا استعمال لغوي. فعلى سبيل المثال يقول الرئيس اوباما إن امريكا لم تعد تريد أن تكون "شرطي العالم"، وتقول مستشارته للامن القومي السيدة سوزان رايس – لتسويغ الوهن بازاء سوريا وايران – إنه "يوجد عالم كامل للولايات المتحدة فيه ايضا مصالح وفرص".

 

أعلن اوباما في الحقيقة في خطبته في الامم المتحدة أن ايران والسلام الاسرائيلي الفلسطيني مصلحة امريكية سافرة، لكن السؤال هو كيف تفسر ادارته هذه المصلحة. وقد قُدم مثال واضح على عقلية التمايز في الاسبوع الماضي بمقالة تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" التي كتبت في تناولها لامتعاض حليفات الولايات المتحدة التقليدية في الشرق الاوسط من نهج ادارة اوباما في شأن ايران ومصر وسوريا ما يلي: "إن واجب اوباما الأول هو لمصالح امريكا القومية وقد كان على حق تماما حينما رفض أن يُجر الى حرب في سوريا أو يستسلم لضغوط مستعملة عليه تُهدر الاحتمال النادر للتوصل بالتفاوض الى حل للقضية الذرية الايرانية". أو بعبارة اخرى إن كل هذه المواضيع وفيها الشأن الذري الايرانية ليست مصلحة قومية لامريكا.

 

مفهوم أن المقالة لا تمتنع ايضا عن اتهام رئيس الوزراء نتنياهو بمحاولة "تعويق كل امكانية لصفقة ذرية مع ايران ويشمل ذلك الضغط على مجلس النواب الامريكي". وليست المسافة بين هذا وبين عرض حليفات امريكا كالسعودية وامارات النفط واسرائيل بالطبع بأنها "مُضرة" تحاول إفساد العلاقة المثالية التي أخذت تنشأ بين امريكا وايران، ليست المسافة بعيدة. ففي صفحات الاخبار والتحليلات من الصحيفة يُنتقد عدم تأدية البيت الابيض لعمله في الشؤون المختلفة ومنها الشؤون الخارجية.

 

تزعم صحيفة "واشنطن بوست" أن خطأ اوباما هو أنه يعتقد أن ما يحدث في الشرق الاوسط ليس بمثابة تهديد جدي للمصالح الامريكية وأنه يمكن ببساطة "تحويل هذه الامور لعلاج الامم المتحدة الغامض ومؤتمرات جنيف المختلفة حيث يسكن وزير الخارجية جون كيري...".

 

وتناولت مقالة ساخرة شيئا ما في المجلة الاسبوعية الجمهورية "ويكلي ستاندرد" في هذا السياق ايضا الشأن الفلسطيني. فالكاتب يرى أن الولايات المتحدة استعملت الصراع الاسرائيلي الفلسطيني كي تعزز قبضتها على اسرائيل وعلى الفلسطينيين وعلى الشرق الاوسط كله عن طريقهما، لكن اذا لم يكن لاوباما ومستشاريه اهتمام بهذه المنطقة بعد فلا اهتمام خاص بوجود تسوية للصراع الاسرائيلي الفلسطيني الذي "هو أصلا موضوع محلي ليس له أي تأثير في استقرار العالم، ومن لم يفهم هذا فقد جاء الربيع العربي وذكره به".

 

إن أحد الفروق، وليس الى أحسن على الخصوص، بين ثلاثينيات واربعينيات القرن العشرين وفترتنا نحن هو أنه كان يرأس الولايات المتحدة آنذاك فرانكلن روزفلت الذي أدرك أن بلده سيضطر برغم المشكلات الاقتصادية الشديدة التي أصابت امريكا،

 

الى أن يهب لنجدة بريطانيا لانقاذ العالم الحر كله وفيه امريكا نفسها، أما الآن فيوجد احيانا انطباع أن الولايات المتحدة تفضل على علم أن تتجاهل مسؤوليتها بصفتها زعيمة العالم الحر.