خبر هدايا من البحر- هآرتس

الساعة 10:56 ص|05 نوفمبر 2013

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: الاستعدادات لمؤتمر جنيف 2 لا تهم اللاجئين السوريين الذين يدقون ابواب اوروبا أو الجوعى في سوريا. فسنتان ونصف من الحرب صفت منذ الان مستقبل جيل سوري كامل - المصدر).

 

"يحصل أن يجلب لنا البحر هدايا ليست كالهدايا العادية. يحصل أن من مياه البحر يخرج بشر تعبون ومنهكون. اصدقائي الاوروبيين، اخوتي الايطاليين، ارحموا السوريين. لا تخافوا وجوههم التعبة التي ألم بها الرعب، لا تفزعوا من ملابسهم المهترئة ومن شعرهم المنكوش، فان الطاغية بشار الاسد حرمهم من كل شيء. هم ليسوا غزاة وليسوا لاجئين، هم هدايا من البحر".

 

هذه الرسالة التي نشرت على صفحة الفيسبوك لمجموعة شباب تسمي نفسها "نحن أبناء جيل الثورة" وترجمت الى الانجليزية، الايطالية والاسبانية، حظيت منذ الان

 

بانتشار كبير في اوروبا التي على شواطئها يدق الان مئات اللاجئين السوريين، الكثيرين منهم اطفال، ممن يفرون من الواقع الرهيب في بلادهم. ويناشد هذا التوجه حكومات اوروبا عدم طرد هؤلاء اللاجئين او التصرف معهم مثل التصرف مع لاجئي العمل الذين يصلون من دول شمالي افريقيا. "إمنحوهم اجازة من السماء"، يطلب محررو صفحة الفيسبوك الذين يتحدثون عن مئات اللاجئين الذين ينامون قرب محطة القطار في ميلانو او اخطر من ذلك، يموتون في البحر مثلما حصل لـ 500 لاجيء انقلبت سفينتهم او الاحرى قاربهم المتهالك في الطريق الى جزيرة لامبازودا.

 

وتيرة الهرب الى دول اوروبا آخذة في التسارع، لان الدول المجاورة لسوريا، مثل تركيا، الاردن ولبنان يجد اللاجئون صعوبة في ايجاد اماكن عمل وتلقي خدمات صحية. كما أن طرق العبور الرسمية تجعل حركتهم صعبة بعد أن قررت حكومات الدول المجاورة التشدد في فحص اللاجئين السوريين ومنع عبور الكثيرين منهم. ولكن بينما ينجح اللاجئون الفارون الى اوروبا في إثارة الرأي العام ولا سيما بعد المآسي التي تعصف بهم في البحر – نحو مليون شخص لا يزالون محاصرين في اجزاء مختلفة من سوريا، بينها مدينة معمدية في جنوب غرب دمشق. هذه المدينة، التي تضررت من الهجوم بالسلاح الكيميائي في آب وقتل 75 من مواطنيها – تعيش تحت الحصار منذ اكثر من سنة. فحواجز الجيش السوري تمنع عبور الغذاء والدواء، والكثير من سكانها يعانون من الجوع، الذي اسفر عن موت اطفال وشيوخ. في الايام الاخيرة نجح عاملو الصليب الاحمر، بعد جهود عديدة، في انقاذ نحو الفي شخص من المدينة، ولكن لا يوجد الى أين يمكن نقلهم. بعضهم توجه الى مصر، آخرون سيحاولون الفرار الى اوروبا عبر شبكات التهريب التي جعلت التهريب فرعا تجاريا رابحا.

 

في المناطق التي تحت سيطرة النظام ايضا الحياة اليومية بعيدة عن المسار الطبيعي. فباحث فرنسي زار سوريا مؤخرا روى لـ "هآرتس" بانه في مدينة حلب تعلم

 

المواطنون اين بالضبط يتواجد القناصون، وهم يعرفون الى أين يمكن لهم أن يسيروا في الشارع دون أن يخاطروا باصابة. "احيانا يديرون مسابقات شجاعة في اطارها يأخذ فتى كرسيا ويجلس في منتصف الشارع ليثبت بان القناصة لا يمكنهم أن يصيبوه. ووجد اصحاب السيارات لانفسهم طرقا بديلة، من خلف المباني المدمرة التي تحميهم من القنص". وروت احدى سكان حلب عن فرع تجاري جديد طوره نشطاء "الشبيحة"، مجموعة الزعران التي تعمل في خدمة النظام: فهم يصادرون او يبيعون سيارات المعتقلين او يجبون "رسوما" بمبالغ طائلة مقابل حراسة السيارات في موقف السيارات الذي اقامه النظام لتخزين السيارات المصادرة فيه. "مقابل تحرير السيارة دفعت نحو 375 دولار ونحو 50 دولار آخر بدل حراسة، وبضعة دولارات اخرى لغسل السيارة، الخدمة التي قدمها لي رجال الشبيحة دون أن اطلبها".

 

في حالات عديدة ، لا يجد اصحاب السيارات سياراتهم على الاطلاق لان هذه تكون قد بيعت لكل من يطلب.

 

جودة الحياة اليومية متعلقة اساسا بمنظمات متطوعين يعملون في أحياء المدن. وهكذا مثلا ساهمت مجموعة من رجال الاعمال من أصل حلبي بالمال لاعادة بناء حديقة الملاهي في المدينة، واشترى متطوعون سوريون جملة من الالعاب الرياضية والترفيهية، التي نصبت في الحديقة ويستخدمها أطفال الحي المحرر الذي يديره الجيش السوري الحر. مجموعة المتطوعين هذه التي تسمى "آية الامل"، بلغت عن أن ما لا يقل عن 500 طفل يستمتعون بحديقة الملاهي. ويتم النشاط تحت رعاية 15 متطوعا، حيث تصدح في الخلفية اصوات النار والانفجارات.

 

موقع شهير على الانترنت ينشر تعليمات للاهالي لكيفية العناية بالاطفال الذين اجتازوا انتهاكات جنسية. فقد اصبحت هذه الانتهاكات ظاهرة سائدة سواء في المناطق المحررة أم في الاحياء التي توجد تحت سيطرة الجيش السوري. وتفصل التعليمات كيفية العثور على الطفل الذي اجتاز انتهاكا جنسيا، وكيف يجب الحديث معه وما هي التفسيرات التي تعطى له وكيف يمكنه أن يحمي نفسه من مثل هذا الاصابة. "لا تتوقعوا من الاطفال ان يرووا لكم طواعية عما اصابهم، واحيانا يكون المعتدي قريب عائلة، واحيانا يهدد الطفل او يدفع له المال مقابل سكوته. علموا الطفل كيف يقول لا لكل سلوك غير عادي حتى لو كان من قريب للعائلة وان يمتنع عن القبلات والعناقات حتى بين الاقرباء".

 

هؤلاء الاهالي واطفالهم، مثل اللاجئين الذين فروا من سوريا، لا تعنيهم الاستعدادات لمؤتمر جنيف 2. فالخلافات السياسية، الخصومات بين روسيا والولايات المتحدة، التصريحات العالية والتقارير عن احتلال اخر أو هزيمة اخرى للجيش السوري الحر، لا تهم نمط الحياة الجديدة الذي يضطرون لتبنيه. فسنتان ونصف من الحرب صفت منذ الان مستقبل جيل سوري كامل.