خبر اوباما: هكذا يأفل المجد ..اسرائيل اليوم.. بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

الساعة 10:50 ص|03 نوفمبر 2013

          (المضمون: ليس عجيبا أن يسبق الرئيس بوتين الرئيس اوباما ويتبوأ المكان الاول في قائمة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم في سنة 2013 كما نشرت ذلك مجلة "فورباص" لأن الادارة الامريكية وعلى رأسها اوباما أظهرت الضعف وعدم إحكام السياسة في كل ما تناولته- المصدر).

 

          اذا كان يُحتاج الى برهنة اخرى على حقيقة أن عصر الهيمنة الامريكية على النظام الدولي الحالي في تهاوٍ سريع، فقد جاء ترتيب مجلة "فورباص" لأكثر الاشخاص تأثيرا في العالم في سنة 2013 ليمنح ذلك تصديقا آخر. لم يكن الوجه المفاجيء الوحيد في ترتيب التأثير الذي رسمته المجلة في تنحية براك اوباما عن رأس القائمة على يد رئيس روسيا فلادمير بوتين، بل بأن الرئيس الامريكي قد هبط الى المرتبة الثانية وسبق اشخاصا أكثر تأثيرا من جهة انجازاتهم المبرهن عليها (كالمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل) أو من جهة الرؤيا المثيرة للالهام التي صاغوها (كالبابا فرنسيسكوس الاول).

 

          أجل يتبين بعد خمس سنوات تقريبا من دخول اوباما الى البيت الابيض أن القوة العظمى الامريكية عادت في نفق الزمان الى عصر الرئيس كارتر في أواخر سبعينيات القرن الماضي. إن ادارة كارتر لم توحِ فقط بضعف سافر في مواجهة التحديات السياسية والاستراتيجية التي واجهتها (سلّمت في جملة ما سلمت له باحتجاز طويل لـ 53 دبلوماسيا امريكيا في داخل مبنى السفارة في طهران دون رد)، بل كانت صورة سلوكها العامة في المجال الدولي مشحونة بالتناقضات الداخلية وبأقل قدر من الاتساق. وبرغم تحول الظروف الدولية والاقليمية، أثار اوباما الخطوط الهيكلية المشوشة من ايام كارتر من مكمنها وهو يتابع السير في مسار خططه مستنبت الفول السوداني من فلاينس في جورجيا الذي هبط على المكتب البيضوي في العشرين من كانون الثاني 1977. فبنفس قدر قيادة كارتر لنهج سياسي مهادن للاتحاد السوفييتي مدة ثلاث سنوات كاملة (الى أن كان الغزو السوفييتي لافغانستان في كانون الاول 1979) اشتُقت سياسة ادارة اوباما بنفس القدر نحو "دول عاصية" (كايران وسوريا) من مجموعة كاملة من الفروض الأساسية الليبرالية الواضحة في مركزها كما يناسب الفائز بجائزة نوبل للسلام – رفض الخيار العسكري باعتباره أداة مشروعة في صندوق الأدوات الاستراتيجية للقوة العظمى الامريكية.

 

          في 1980 كان كارتر هو الذي بادر بعد تردد لا نهاية له الى عملية تخليص متواضعة النطاق لتخليص الرهائن من حجزهم في طهران (وكانت عملية فشلت فشلا ذريعا). أما في المدة الاخيرة فقد أحجم اوباما حتى عن توجيه ضربة صاروخية مركزة ومحدودة الى قوات بشار الاسد ومنشآته العسكرية، وذلك برغم التزامه القوي أن يفعل ذلك بعد أن تجاوزت دمشق كل الخطوط الحمراء في صعيد الحرب الكيميائية. صحيح أن المعركة في افغانستان لم تنته بعد، لكن الأجل المسمى الذي ضربته الادارة لانهاء مشاركتها فيها قائم موجود. أما في الساحة الليبية حيث عمل فيها ايضا فقد حرص على الحفاظ على أدنى تدخل وجُر في واقع الامر وراء شريكتيه في حلف شمال الاطلسي فرنسا وبريطانيا. ويُقال الشيء نفسه ايضا عن الصلة بالمجال الايراني حيث تُضعف الحماسة الزائدة التي يُظهرها "كل أناس اوباما" للتوصل الى اتفاق مع ادارة الرئيس روحاني، موقف مساومتهم حتى قبل دخول التفاوض الى مراحله الحاسمة.

 

          وتظهر صورة مشابهة من الضعف الذي يبلغ حد عدم الاحكام في الصعيد الداخلي. فبعد أن بذل أكثر جهده وموارده الرئاسية ليدفع قدما بدرة التاج – قانون اصلاح التأمين الصحي – أصبح من الصعب الآن على البيت الابيض أن ينفذ بالفعل الخطة بعد الموافقة الرسمية عليها، والنتيجة الآن هي فوضى تنظيمية متصلة قد تضع نهاية للرؤيا كلها. وهناك صورة مشابهة لعمل مقر قيادة فاشل مصحوبة بأدنى قدر من الحساسية، تثيرها قضية سنودن مع كل تفرعاتها وتطوراتها المختلفة. فلا شك في أن اوباما أظهر الضعف والانقطاع عن الواقع والبعد في هذا السياق ايضا وامتنع عن مشاركة مطلوبة وعن دخول "الصندوق الاسود" لوكالة الأمن القومية.

 

          وعلى هذه الخلفية ليس مفاجئا أن يسبق بوتين الذي يتمتع بهوامش مناورة أوسع في الداخل، أن يسبق اوباما ويتبوأ ذروة التأثير. وستبلغنا الايام هل ستستمر مسيرة تدهور الولايات المتحدة وتخليها طوعا عن مكانتها الرائدة باعتبارها القوة العظمى صاحبة الهيمنة منطوية في عالمها الداخلي، هل تستمر في سنة 2014 ويُعبر عنها ايضا في الاستفتاء التالي لمجلة "فورباص".