خبر وعد بلفور.. جريمة متجددة يدفع الفلسطينيون ثمنها

الساعة 08:39 ص|01 نوفمبر 2013

الاستقلال

لا يزال الشعب الفلسطيني يعاني من ويلات ما خلفه وعد بلفور المشؤوم عليه بنصوصه المجحفة بحقهم والمنصفة لليهود, وتعميقه مآسي هذا الشعب يوميا بعد يوم والذي جاء بفعل قطع بريطانيا وعدا يقضي بمنح اليهود وطنا قوميا في فلسطين بمساهمة من بعض الدول الغربية والعربية في تنفيذه, والعمل على سلب الفلسطينيين جميع حقوقهم وتجريدهم من ممتلكاتهم, وغيرها من الوسائل التي تهدف لتحقيق أطماعهم بالسيطرة الكاملة على أرض فلسطين وما نتج عنها من نكبات ونكسات وحروب مازال يدفع ثمنها حتى الآن.

 

يصادف يوم السبت القادم الثاني من تشرين الثاني ذكرى وعد بلفور الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور عام 1917 وعرف فيما بعد باسمه وقطع بموجبه وعدا يمثل حكومة الانتداب البريطاني يقضي بمنح اليهود وطنا قوميا في فلسطين.

 

هذا الوعد الذي شكل الأساس الذي انطلقت منه سياسة الانتداب البريطاني على مدى سنوات الانتداب التي امتدت حتى الخامس عشر من أيار 1948 وانتهت بإقامة ما عرف بدولة (إسرائيل) على أنقاض الكيان الفلسطيني وأشلاء الشعب الفلسطيني الذي هجر غالبيته خارج وطنه وسلبت أرضه.

 

أوضح هاني البسوس أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية، أن وعد بلفور أعطى لليهود عام 1917م , نظرا للجهود التي قدمت من قبلهم لبريطانيا, ومهد هذا الوعد لإنشاء دولة لهم في فلسطين دون وجه حق، مبينا أن بريطانيا هي التي كانت في ذلك الوقت ترعي قيام الدولة اليهودية داخل فلسطين.

 

أبعاد سياسية

 

أوضح البسوس في حديثه لـ"الاستقلال" أن وعد بلفور كان له أبعاد سياسية كبيرة على حقوق الشعب الفلسطيني, فلم يكن لبريطانيا حق في إعطاء أي وعد لتملك في فلسطين, فالشعب عانى تحت حكمها , وهي التي عملت كل ما يمكن من أجل إقامة دولة يهودية على أرضه، لافتا إلى أن الأنظمة العربية لم تتعاط كثيرا مع الوعد لثقتها المبدئية ببريطانيا بإقامة دولة فلسطينية, ولكن سرعان ما قلت الثقة بعد ازدياد الوعي العربي والفلسطيني مع اندلاع الثورة الكبرى عام 1936م.

 

وأضاف " علمت الأنظمة بعد ذلك بأن بريطانيا لم تكن منصفة في أي يوم , حيث قدمت الوعد لوجود مصالح مشتركة بينها وبين اليهود، لافتا إلى أن التقاء المصالح بينهم أدى إلى حدوث نكبة عام48على الشعب الفلسطيني.

 

وأكد البسوس أن الوعد المشئوم لم يمثل كلمات بل سياسة بريطانيا العامة التي ساندت اليهود طوال الانتداب وحقق رغباتهم التي تجسدت في هذا الوعد, ومازال الشعب الفلسطيني يدفع ثمنه حتى الآن، لافتا إلى أن بريطانيا والمجتمع الدولي, لم يقدمان شيئا لنجدة ما فقده الشعب الفلسطيني من أراضيه وتهويد للقدس وتهجير للسكان.

 

وأشار إلى أن المسؤولية لا تقع فقط على دولة الاحتلال فقط , بل على كل من ساندها وخاصة بريطانيا، مطالبا بضرورة ملاحقتها قانونيا بتقديم ما عليها من التزامات, لان الوعد تم تنفيذ جزء كبير منه, ومازالت (إسرائيل) تبحث عن تهويد ما تبقي من فلسطين بجهود دولية وبعض الشخصيات الفلسطينية.

 

جريمة مدروسة

 

بدوره، أوضح المختص بالقانون الدولي والدستوري أحمد الخالدي, أن وعد بلفور لم ينتهي بل لا يزال يتجدد ويتم تنفيذه على مراحل ليقتلع فلسطين التاريخية بأكملها , والوقائع المادية التي ترجمت الوعد تتكرر يوميا حتى لا يبقى منها إلا حوالي من 8-12% " , مشيرا إلى أن وعد بلفور لم يكن وعد  تاريخي وانتهى بل هو سياسة معتمدة من الدول الاستعمارية الكبرى , التي غيرت نمط الاستعمار من التقليدي إلى الحديث.

 

وقال الخالدي في حديثه لـ"الاستقلال " إن بلفور يعد جريمة مدروسة أعلنت بريطانيا رسميا عن تنفيذها بموافقة دول الحلفاء عقب الحرب العالمية الأولى , ونصبت نفسها مندوبة سامية على فلسطين.

 

وأضاف " ملاحقة المتسببين في هذا الوعد لا يمكن أن يسقط بالتقادم , فحق الشعوب بالحياة لا يسقط على مدار الزمان وكثير من الحقوق التي تم الاعتداء عليها وتشكل جرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم حسب القانون الدولي".

 

تقصير فلسطيني وعربي

 

وحمل الدول العربية والسلطة الفلسطينية مسؤولية التقصير الكبير في السعي وراء استرداد الحقوق الفلسطينية المسلوبة، مطالبا بضرورة  إتباع طرق كفاحية وسياسية وقانونية , من أجل استرداد الحقوق التي تحتاج إلى خطط متكاملة ونهوض عربي وفلسطيني وإسلامي لمواجهة الخطط الاستعمارية وكذلك تبني موقف رسمي للعمل على ملاحقة بريطانيا، واللجوء لمنظمات حقوق الإنسان والقضاء.

 

وأشار إلى أن وعد وبلفور يتم تجسيده الآن في المنطقة العربية من جديد , من خلال تكريس التجزئة وخلق نظم ترتبط بالنخب الحاكمة وتتلقى الفتات على حساب الشعب الفلسطيني وحقوق شعوب المنطقة.