خبر والدة أسير محرر تُبكي من حولها بحرقة بسؤال ابنها: « مين إنت يا حبيبي؟! »

الساعة 07:24 ص|31 أكتوبر 2013

جنين

بالكاد استطاعت الحاجة فاطمة السعدي (82 عاما)، من مخيم جنين بالضفة المحتلة، التعرف إلى ابنها الأسير المحرر هزاع السعدي الذي أطلقت سلطات الاحتلال سراحه ضمن الدفعة الثانية من قدامى الأسرى، وأمضى في سجون الاحتلال نحو (29 عاما).

وما إن وصل السعدي إلى المنزل الجديد الذي شيدته له عائلته في الحي الشرقي من مدينة جنين، على أمل منها بتحرره من الأسر، حتى أخذ يقبل قدمي والدته العجوز قبل يديها وجبينها، وكأنه يريد أن يشكرها على طريقته الخاصة، على صبرها وانتظامها في زيارته طيلة سنوات أسره الطويلة، رغم انقطاعها عنه خلال السنوات الأخيرة، مكرهة تحت وطأة المرض وكبر السن.

"أنا هزاع يما"

وكان المشهد الذي أبكى السعدي وشقيقته حكمية وكل من تواجد في ساحة منزل عائلته، عندما وجهت الأم سؤالا عفويا له سألته فيه عن شخصه دون أن تعرف أنه ابنها الذي طال انتظاره.

وبكلمات بسيطة قالت الأم وهي تنظر إلى الداخل الجديد إلى منزلها والذي كان يقبل قدمها قبل يدها، "مين أنت يا حبيبي؟!"، فرد عليها الابن الذي كان يحترق شوقا للقاء والدته قائلا: "أنا هزاع يما"، وعندها ردت الأم قائلة: "يا حبيبي ما هو هزاع محبوس عند اليهود".

وسرعان ما رد الابن على والدته قائلا: "يما أنا هزاع روحت من السجن"، وعندها أخذت الأم الصابرة تبكي بحرقة لتبكي كل من حولها من رجال ونساء وفتية تجمعوا في محيط منزل السعدي بانتظار وصوله بعد تحرره من الأسر.

وفي تقرير لصحيفة الأيام، كانت المحطة الأولى في يوم تحرر السعدي الذي كان هدفا للاعتقال من قبل قوات الاحتلال في الثامن والعشرين من تموز عام 1985، وأصدرت عليه حكما بالسجن المؤبد التراكمي بتهمة قتل إسرائيليين، زيارة قبل والده الذي توفاه الأجل المحتوم، قبل سنوات طويلة، دون أن يكحل عيناه بمشاهدة ابنه الوحيد الذي غيبه عنه الأسر في سجون الاحتلال.

ومن ثم، انتقل السعدي، إلى مقبرة "شهداء ملحمة نيسان 2002" في مسقط رأسه بمخيم جنين، قبل توجهه إلى المنزل الذي ولد فيه في المخيم.

وأخيرا، انتقل المحرر السعدي، إلى المنزل الذي شيدته له عائلته حديثا في الحي الشرقي من المدينة، ليكون بمثابة "عش الزوجية" له، حيث حظي باستقبال جماهيري حاشد.

وقال السعدي الذي بدا في غاية الإرهاق: "إن السنوات الطويلة التي قضيتها في السجن، كانت صعبة ومليئة بالآلام والأوجاع، ولكن عندما شاهدت أبناء شعبي وأهلي والابتسامة تعلو على وجوههم، شعرت أن كل تلك الآلام انتهت".

وتابع: "لكن بقي الألم الكبير وهو بقاء آلاف الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، والذين حملونا أمانة إلى الرئيس أبو مازن، تطالبه بالاستمرار في جهوده الهادفة إلى إطلاق سراحهم جميعا وتخليصهم من الأسر، ونحن نثق بخطوات الرئيس والتي ستوصلنا في نهاية المطاف إلى تبييض السجون، والوصول إلى بر الأمان في إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وعودة اللاجئين إلى وطنهم الأم".

وقال السعدي: "إن الوحدة هي السبيل الوحيد لتحقيق الحرية للأسرى وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

وناشد، القيادة السياسية ممثلة بالرئيس أبو مازن، بذل كل جهد مستطاع من أجل إلغاء الشروط التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية على قدامى الأسرى المحررين، ومن أبرزها، منع كل واحد منهم من مغادرة المدينة التي يعيش فيها إلى أي مكان آخر في الوطن، ومنعهم من السفر للخارج لمدة عشر سنوات، وشروط أخرى.

وبينما كان المحرر السعدي يتحدث للصحافيين، كانت شقيقته حكمية تطلق الزغاريد فرحا بتحرر شقيقها الوحيد من أسر الاحتلال.

وحرصت حكمية، على ترديد كلمات حزن ممزوجة بالفرح إلى شقيقها المحرر، وهي تشير إلى المنزل الذي شيدته العائلة في الحي الشرقي من المدينة، وتقول: "هذا بيتك.. بنيناه زي ما بدك بالضبط"، في كلمات كانت تخرج بصعوبة من حنجرة الشقيقة التي كانت على يقين بأن الله سبحانه وتعالى سيمن على شقيقها بالإفراج، رغم أنه كان يقضي حكما بالسجن المؤبد.

وقالت الأخت، إنها ووالدتها العجوز وأفراد عائلتها، كانت تحلم بيوم تحرر شقيقها، وبادرت إلى تشييد منزل جديد ليشهد ميلاد حياة جديدة له، وأملها أن تعيش لتشاهد أطفاله يملأون هذا البيت فرحة وبهجة.

وأضافت، إن والدتها التي أقعدها المرض وكبر السن، أصرت على التوجه إلى مدينة رام الله للمشاركة في مهرجان استقبال ابنها الوحيد الذي لم تزره منذ نحو ثلاث سنوات بسبب مرضها الذي لم يمنعها من وضع اللمسات الأخيرة على المنزل الجديد ليكون جاهزا لاستقبال هزاع.