خبر حماس في أزمة لم يسبق لها مثيل- هآرتس

الساعة 10:22 ص|30 أكتوبر 2013

حماس في أزمة لم يسبق لها مثيل- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: الازمة الاقتصادية في غزة وتنظيم تمرد المدني يهددان سلطة حماس في غزة فهل تتجه حماس الى نقض وقف اطلاق النار مع اسرائيل؟ - المصدر).

 

إن الحجة التي قدمتها ايران لخالد مشعل كانت جلّية واضحة إذ قالت: "نحن مشغولون الآن بالشأن السوري وببناء علاقاتنا الدولية، ولهذا يجدر تأجيل الزيارة الى أجل متأخر". كما يقول احمد يوسف الذي كان مستشار اسماعيل هنية هو الجواب الذي تلقاه وفد حماس الى طهران حينما عرض على المسؤولين الايرانيين طلب مشعل أن يزور ايران لتسوية الخلافات. ليس غضب ايران من انتقاد حماس لنظام الاسد جديدا، والقطيعة بينها وبين المنظمة شبه مطلقة، لكنه زيد الآن اعتبار جديد: فايران روحاني تفضل الدخول من الباب الرئيس للشرق الاوسط لا عن طريق منظمات تعتبر عدوا لـ "التيار المركزي". وهذه بالضبط مشكلة حماس.

 

إن الركلة الايرانية تأتي بعد أن حكمت مصر حكما بالاعدام على حماس، كما قال أحد كبار مسؤولي المنظمة، ولا تسمح الاردن لحماس بأن تنشيء فيها فرعا نشيطا. والى ذلك تحول قطر في الحقيقة شيئا قليلا من المال وقد التزمت بأكثر منه، لكن حينما يُغلق معبر رفح ويُفتح بصورة غير منظمة (فهو مغلق منذ ثلاثة ايام) وتراكم اسرائيل صعوبات أمام نقل مواد البناء، يصبح للمساعدة القطرية معنى عملي قليل.

 

أُضيف الى الازمة الشديدة في العلاقات بالدول العربية في المدة الاخيرة تهديد داخلي ايضا. وقد أصبحت حركة "تمرد غزة" – التي نقلت اسمها من حركة تمرد الشباب في مصر التي أحدثت التحول في تموز من هذا العام – تُعد تظاهرات احتجاجية ضخمة يتوقع أن تتم في الحادي عشر من تشرين الثاني، وهو الذكرى السنوية لموت ياسر

 

عرفات. وقد أصبحوا في صفحة "تمرد غزة" في الانترنت يقترحون على السكان أن يُعدوا طعاما لسبعة ايام منذ الحادي عشر من تشرين الثاني والبقاء في البيوت خشية هجوم قوات حماس المسلحة.

 

"من يخرج من البيت يفعل ذلك على مسؤوليته"، تُحذر الحركة. وقد بيّنت متحدثة الحركة، هند العربي، في لقاء صحفي لمحطة "دريم" المصرية، أن حركة تمرد تنوي أن تفضي الى اسقاط حكم حماس بسبب سلوكها القمعي ولأنها "أصبحت ذراعا تحمي اسرائيل". وفي شوارع غزة ظهرت عشرات الشعارات الجدارية تدعو الى اسقاط حماس وتتحدث تقارير صحفية في صحف في الضفة عن ادعاءات مواطنين في غزة عن فشل الادارة وفقدان الأمن الشخصي في القطاع. وورد في أحد التقارير الحديث عن شاب غزي قتلته مجموعة بلطجية احتفلوا على قبره بعد ذلك بتناول العشاء، دون أن تفعل قوات الامن شيئا، بل إنها منعت نشر الحادثة لمنع غضب عام.

 

لا تنظر حماس في عدم اكتراث الى التهديد الداخلي. ففي الاسبوع الماضي اجتمع في أحد المساجد قادة جهاز الامن في غزة مع محمود الزهار ووزير الداخلية فتحي حماد للتباحث في طرق العمل لمواجهة نشطاء "تمرد غزة". وطلب حماد المسؤول عن الامن الداخلي من قادة القوات استعمال القوة "واطلاق النار على قادة النشطاء لاحباط مؤامرتهم". واضطر الزهار الى التدخل والى تبيان أن حماد لا يقصد في الحقيقة اطلاق النار على النشطاء بل استعمال الشدة فقط.

 

وفي هذه الاثناء انتشرت قوات أمن حماس في شوارع غزة. وعدد منهم يلبسون الملابس المدنية لأجل الردع ولمتابعة كل التنظيمات من قريب. وقد بيّن ممثلو تمرد أنهم لا يخشون المواجهة وأنهم يتوقعون نحوا من مليون مشارك في المظاهرات. يصعب في الحقيقة

 

أن نُقدر حجم التمرد على حماس، لكن بحسب المسيرات التظاهرية التي تقوم بها الذراع العسكرية للمنظمة وهي منظمة عز الدين القسام، وخطب اسماعيل هنية العدوانية، الذي عاد ليدعو الى مقاومة اسرائيل المسلحة، يبدو أن السلطة خاصة هي التي تُظهر علامات عصبية حقيقية.

 

ليست ازمة حماس السياسية مقطوعة عن الازمة الاقتصادية في القطاع التي زادت حدة منذ تولى الجيش الحكم في مصر على نحو يهدد قدرة الحكومة في غزة على تأدية مهماتها. وقد أفاد حاتم عويضة، المدير العام لوزارة الاقتصاد في حماس هذا الاسبوع في تقرير له أن غزة تخسر نحوا من 230 مليون دولار كل شهر بسبب هدم الأنفاق وجمود التجارة مع مصر. وقال إن اقتصاد غزة الذي يعتمد نصفه على الأنفاق غير قادر على انشاء اماكن عمل جديدة وليس عنده ما يكفي من الموارد المالية ليدفع الأجور الى نحو من 40 ألفا من عامليه. وقد بلغت البطالة ذروتها في سنة 2008 وهي تقف على نحو من 43 بالمئة، ويقف التصدير على نحو من 9 بالمئة فقط من الانتاج. وأُضيف الى هذه المعطيات الجافة، المخيفة في حد ذاتها ايضا، اعلان وكالة إغاثة اللاجئين التي بيّنت أنها ستضطر الى الاقتطاع من المساعدة لنحو من 10 آلاف لاجيء. وتكثر في الساحة ادعاءات ارتفاع أسعار المنتوجات الأساسية ونقص مواد البناء والصعوبات الكبيرة التي يواجهها آلاف السكان في الخروج من القطاع بسبب اغلاق معبر رفح.

 

تستطيع اسرائيل في ظاهر الامر أن تكون راضية عن الضغط المستعمل على حماس من الخارج ومن داخل شوارع القطاع. هذا الى أن جزءا كبيرا من سياستها تنفذه مصر التي دمرت الأنفاق وأغلقت المعبر. والقطيعة مع ايران ايضا تلائم طموح القدس، لكن هذا الرضا يصاحبه تهديد ثابت. فحينما تكون حماس في ازمة شديدة جدا وحينما لا تكون غزة في برنامج العمل السياسي الغربي، فانها قد تحاول أن تجذب الانتباه بنقض

 

وقف اطلاق النار واطلاق صواريخ لاحداث الرد الاسرائيلي الآلي. وبذلك لا تضر فقط بالمسيرة السياسية بل تطمح ايضا الى تحديد قواعد وقف اطلاق نار جديدة بل الى أن تضطر مصر الى تغيير سياستها. ولا يجب على اسرائيل أن تُجري تفاوضا مستقلا مع حماس لكن هذه الظروف تُهييء لمحمود عباس فرصة لتطبيق المصالحة مع حماس بشروط مريحة له وأن يضع بذلك الأساس للمسيرة السلمية التي تشتمل على موافقة حماس ايضا. لكن يُشك كثيرا في أن يستعمل عباس أو اسرائيل هذه الظروف كأداة ضغط سياسية، فكلاهما على يقين من أن حماس ستتبخر ذات يوم.