خبر القصور الحقيقي في المفاوضات -معاريف

الساعة 10:34 ص|29 أكتوبر 2013

القصور الحقيقي في المفاوضات -معاريف

بقلم: بن - درور يميني

(المضمون: الولايات المتحدة تضغط على اسرائيل لتحرير المخربين ولكنها تحتجز منذ عشرات السنين شخصا لم يقتل أحدا. بولارد فعل بالضبط ما يفعله الامريكيون لاصدقائهم. في المفاوضات مع الفلسطينيين والامريكيين التي اضطررنا فيها الى تحرير السجناء كان ينبغي المطالبة بتحرير بولارد - المصدر).

 

في ظروف السلام يكون تحرير المخربين والقتلة جزء لا يتجزأ من عملية المصالحة. وشرط أن تكون مصالحة. هذه ليست القصة التي بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. توجد تهدئة معينة. يوجد تعاون أمني. توجد معارضة للعنف، على الأقل من جانب أبو مازن، الذي فهم بأن العنف يضر بالفلسطينيين أنفسهم، ولكن لا توجد

 

مصالحة. الخطاب بقي مثلما كان. كل من ليس أعمى عن الواقع يعرف أن التحريض مستمر. هكذا، مثلا، مؤخرا فقط منحت السلطة جائزة لشاعر مصري، هشام الجح، في ظل تلاوة الكلمات التالية من قصيدة الفائز السعيد: "عدونا، صهيون، هو شيطان بذيل". هذا فقط مثال واحد من أصل حملة البث التحريضي للسلطة. ومن اجل فهم خطورة الامر يجدر بنا أن نزور بين الحين والآخر موقع PMW (نظرة الى الاعلام الفلسطيني).

 

لدى وزراء البيت اليهودي تعليلات ممتازة ضد تحرير القتلة. غير أن هذه الشكاوى عليهم أن يوجهوها لأنفسهم فقط. لأن اسرائيل كان يمكنها أن تستجيب للطلب الامريكي بشأن تجميد المستوطنات. مثل هذا التجميد، حتى لو كان مؤقتا فقط، كان سيوفر على اسرائيل الحاجة الى تحرير مخربين. ولكن حزب نفتالي بينيت لم يكن مستعدا للسماع عن التجميد. فضل تحرير مخربين. هكذا بحيث أن النتيجة هي إفشال مزدوج للفرصة الصغيرة على أي حال لتحقيق تسوية: تعميق الضغينة الدولية تجاه اسرائيل، بسبب استمرار البناء في المناطق، وفي نفس الوقت تحرير مخربين، كتعزيز لأجواء التحريض، لا يضيف فرصا لتحقيق التسوية.

 

ثمة شيء ما غير نزيه في توجيه الانتقاد لوزراء البيت اليهودي فقط. وذلك لأنه مع أن وزراء الليكود صوتوا أول أمس في صالح التحرير، إلا أن قسما من نواب الليكود يقفون على يمين وزراء حزب بينيت. فأي فارق هناك، اذا كان يوجد أصلا، بين داني دنون وميري ريغف وبين أوريت ستروك وأييلت شكيد؟ ففي التقسيم السياسي الحقيقي، حسب الآراء، فان قسما من اعضاء الليكود، وليس أفرادا، كانوا سيجدون أنفسهم في حزب يميني متطرف. غير أنه توجد مشكلة. فقد دخلوا الى الكنيست على ظهر نتنياهو، الذي يبث علائم اعتدال، وهم يريدون ايضا عرقلته. أما نتنياهو فيناور بين الضغوط المختلفة، من الداخل ومن الخارج.

 

النتائج غير مشجعة. لأنه بالذات على خلفية الضغط الامريكي لتحرير القتلة، كان يمكن لاسرائيل أن تطلق صوتا أكثر وضوحا بقليل في موضوع يونتان بولارد. في الاسابيع الاخيرة تغيرت الظروف، فالنتائج آخذة في الانكشاف. الولايات المتحدة انشغلت بالتجسس في اوساط دول صديقة على مستويات هائلة. هذا ما فعلته اسرائيل في واشنطن. وهذا بالضبط ما فعلته واشنطن في باريس، في لندن، في مدريد وفي برلين. هذا لا يعني أن اسرائيل لم تتعلم الدرس من قضية بولارد، بل الولايات المتحدة هي التي لم تتعلم. وهي تواصل الاندفاع بحيث أن استخدام بولارد، الآن بالذات، يلقى بُعده الحقيقي. الجميع فعل هذا للجميع. ولكن أحدا لا يجلس في السجن. فقط بولارد. منذ عشرات السنين. فالى متى؟.

 

وبالضبط في نفس الوقت، عندما تحتجز بولارد في السجن، تضغط الولايات المتحدة على اسرائيل لتحرير المزيد فالمزيد من القتلة، كـ "بادرة" لأبو مازن. وماذا نطلب نحن؟ تحرير شخص امتلأت كأس عذاباته وهو لم يقتل أحدا. ولم يُلحق أي ضرر بالأمن الامريكي. فعل بالضبط ما يفعله الامريكيون بالدول الصديقة. ولكن في مسرحية مذهلة من الوحشية، تجده لا يزال في السجن.

 

في الوضع الناشيء يُعد قرار الحكومة أول أمس واجب الواقع. وينبغي احترام الاتفاقات. ولكن حقيقة أن اسرائيل دفعت نفسها الى هذا الوضع تدل على سلوك عليل. ولا يزال، تسمح الظروف بقول أكثر وضوحا عن بولارد. هو ليس مخربا. هو ليس قاتلا. هو فعل ما تفعله الولايات المتحدة نفسها. وحقيقة أنه يمكث في السجن لزمن أطول من كل اولئك الذين يتحررون هذا الاسبوع، هي قصور من الصعب التسليم به.