خبر الجمهور خصوصا ليس غبيا- هآرتس

الساعة 09:46 ص|28 أكتوبر 2013

بقلم: أبيرما غولان

(المضمون: تُلقي النخب المقطوعة عن الواقع الاسرائيلي التهمة والمسؤولية والتبعة على الجمهور الذي تعتبره جاهلا مغفلا لكنه ليس كذلك - المصدر).

 

يُسمع عدد من الشكاوى في المدة الاخيرة من "الجمهور"! بدأ ذلك في جنازة الحاخام عوفاديا يوسيف، حينما استهان محللون كبار بالأعداد التي نشرتها الشرطة وتحدثوا الى خبراء حريديين وكأنهم هنود حمر من محمية ما. واشمأز فريق من الواقعة التي

 

من المؤكد أنها غير مستنيرة في نظرهم، وسخر آخرون من الجمهور الذي بكى "شيخا في الثالثة والتسعين"، وكأن المشروع أن يُحد على شباب فقط وكأنهم لم يؤبنوا هنا (وبحق) إشعياء ليفوفيتش إبن الواحدة والتسعين واسحق بن اهارون إبن التاسعة والتسعين.

 

وفي يوم الانتخابات تلقى "الجمهور" انتقادا شديدا، لأنه لم يذهب الى صناديق الاقتراع: فهو غير مُبالٍ ومُدلل ومتجاهل لواجباته. وكل ذلك لأن مئات آلاف المواطنين صوتوا بأقدامهم كما في أكثر الدول اعتراضا على معركة انتخابية لم تعرض عليهم برنامج عمل أو مرشحا أنجح من الموجود. وحينما لم تعجب نتائج الانتخابات المجموعات التي تعتبر نفسها أكثر استنارة وعدلا من خصومها اتُهم "الجمهور" مرة اخرى، أعني ذلك الجزء غير المحتمل الذي ليس هو هي نفسها. وذاك في الحقيقة كما قال بن اهارون ذاك من غد الانقلاب في 1977 بقوله "اذا كان هذا هو الحسم فانني لا أحترمه".

 

وهذا قول مريض تحول من هفوة بائسة الى مبدأ خفي مُدمر. فالشخص الذي لا يحترم من لا يؤمن بالاعتقادات والقيم التي يعتقدها ليس ليبراليا مستنيرا بحسب أي مقياس. ومن المؤسف جدا أن هذه الظاهرة تزداد حدة منذ 1977 لأنه توجد مجموعة كبيرة من الاسرائيليين تُعرف نفسها بأنها وحدها رافعة راية سلطة القانون والليبرالية والديمقراطية والتنور وهي تحتقر في الوقت نفسه كل من لا يفكر ويسلك ويحيا مثلها.

 

إعتيد أن تُعرف هذه المجموعة بأنها "نخبة" أو "يسار"، لكنهما تعريفان غير ذوي موضوع. فكل صلة بين هذه المجموعة التي حصرت نفسها في برجها العاجي، والتصور العام الذي يبحث عن العدل والمساواة الذي يميز اليسار، هي صلة عرضية فقط. ولم تعد هذه المجموعة منذ زمن نخبة ايضا. وهي برغم حياتها المهنية والاقتصادية المريحة ومواقعها المفتاحية في القطاع العام وقطاع الاعمال مقطوعة عن مراكز التأثير الاجتماعية

 

والثقافية الحقيقية وتُحدث نفسها عن نفسها. وقد تحولت في واقع الامر الى وسط، فبدل أن تقود وتخدم المجتمع الذي يجري عليه تغيير عميق، تُجري مع سائر الاوساط شجارا منافقا وفوضويا ومُضرا.

 

حدث مثال مؤسف بصورة خاصة على هذا الشجار في المحكمة العليا في المدة الاخيرة. فقد اتهم قضاة العليا السبعة الجمهور بأن "عينه مغمضة"، وأعطوه تفسيرا معقَدا مُعقِدا للقانون، وأمروا بعزل ثلاثة رؤساء بلديات قُبيل الانتخابات حقا، وزُعزعوا آخر الامر حينما انتخب المواطنون (الذين تشير الدلائل كلها الى أنهم لم يصوتوا اعتراضا على قرار المحكمة العليا بل تأييدا لحسن الخدمات في مدنهم)، إنتخبوا المعزولين. كان يمكن تعجيل التحقيقات أو البحث في الاستئنافات بعد شهرين، أو التوجه الى المُشرع ليُغير القانون للكشف بذلك عن مسؤولية ولاثبات أن القضاة يحيون حقا كما يزعمون "بين أظهر شعبهم". لكنهم اختاروا أن يسلكوا مثل وسط فوعظوا ووبخوا وأهانوا وأُهينوا، ولم يكن لذلك أي تأثير في الفساد في السلطة المحلية سوى نسبة الفساد الى المواطنين.

 

إن فشلهم المقلق ليس شأنهم الخاص بل هو شأن الديمقراطية في اسرائيل. وإن تحصنهم التطهري قد جعل ياريف لفين وأييلت شكيد ورفاقهما يثورون من مكامنهم. ومهما يكن الجمهور الذي أرادوا تربيته فانه ليس مغفلا ولا مذنبا ايضا. وبرغم ذلك فانه هو الذي سيدفع ثمن عجزهم.